ينتظر أن تستقبل قاعدة الطيران العسكرية التي أنشأها السوفيات، في 1952 ، في ديفيسيلو برومانيا 24 قاعدة إطلاق صاروخية لاعتراض الصواريخ المتوسطة المدى. والقواعد هذه هي جزء من الدرع الصاروخية الأميركية الشاملة في مرحلتها الثانية. والمرحلة الأولى قضت بتزويد الأسطول الأميركي في البحر المتوسط بصواريخ «أس م -3». والدرع الصاروخية هذه هي نظام دفاعي يحمي الأراضي الرومانية والأميركية ضد الهجمات المحتملة، وهي جزء من الدرع الأوروبية ووسائل الدفاع الصاروخية الأطلسية للدفاع عن أوروبا ومنها روسيا. ودعيت موسكو إلى المشاركة في الدرع. ويبدو أن محاولة الرئيس الروماني في خطابه طمأنة الروس لم تبدد قلق موسكو. وأعلن روبرت غيتس أن نظام «اس م -3» لا يخل بالتوازن الاستراتيجي بين أميركا وروسيا. فهو مخصص لاعتراض الصواريخ المتوسطة المدى. وروسيا لا تملك مثل هذه الصواريخ. ولا يسع النظام هذا اعتراض الصواريخ الباليستية طويلة المدى التي تعتمد عليها روسيا. وعلى رغم ذلك، الاعتراضات الروسية على مشروع الدرع الصاروخية الأوروبية، وهي مكملة الدرع الصاروخية الأميركية الشاملة، في محلها. وقرار نشر الدرع هذه برومانيا جاء في معزل عن الحوار الروسي – الأميركي في المسألة هذه، وفي منأى من مشروع الدرع الصاروخية الأوروبية الذي أجمع عليه مجلس روسيا – «الناتو» في قمة ليشبونة. ومشروع نشر الدرع الصاروخية الأميركية يتضمن مرحلتين تخشاهما روسيا على وجه التحديد. والمرحلة الثالثة تنجز قبل 2018، وتقتضي نشر بطاريات صواريخ «أس م – 3» اكثر تطوراً من النموذج الحالي في بولندا. والمرحلة الرابعة تقضي بنشر صواريخ اكثر تطوراً من النوع نفسه قادرة على التصدي للصواريخ الباليستية طويلة المدى. والخطر إذاك مصدره بولندا ودول البلطيق. وعلى رغم أن الصواريخ التي ستنشر في رومانيا لن تتهدد روسيا تهديداً مباشراً، لا يخفى على موسكو أن تغيير البنى التحتية لاستقبال صواريخ اكثر تطوراً لا يستغرق اكثر من أيام قليلة. والرد الروسي هادئ وغير عاصف، فلم تهدد موسكو بنشر صواريخ «إسكندر» في كالينينغراد أو باللجوء إلى سباق التسلح، واقتصر ردها على المطالبة بضمانات قانونية أميركية تُلزم واشنطن الإحجام عن توجيه الصواريخ ضد الأسلحة الاستراتيجية النووية الروسية. ويثير قلق موسكو افتقار المسؤولين الرومانيين إلى الثقة بها، وعدم شعورهم بالراحة والأمان جراء انتشار الجيوش الروسية على حدود رومانيا الشمالية في بريدنيستروفي بمولدافيا. ولا يجوز إغفال سعي بوخارست في السيطرة على البلد هذا لبعث مشروع رومانيا الكبرى، وهذه كانت قائمة قبل الحرب العالمية الثانية وضمت مولدافيا إلى رومانيا. وفي مثل الوضع هذا، ليست صواريخ «أس م – 3» باعث القلق الروسي، بل احتمال لجوء رومانيا إلى سياسات استفزازية تؤدي إلى تصادم بين روسيا وبين أميركا. وحاولت جورجيا في آب (أغسطس) 2008 المبادرة إلى لعبة جغرافية سياسية خطيرة لحل خلافات تتعلق بالأراضي. فهل يستخف المسؤولون الرومانيون بالحرب الدموية في جورجيا؟ ومهما آلت إليه الأمور، أطلق ممثل روسيا في «الناتو»، ديميتري راغوزين، على قرار نشر عناصر الدرع الصاروخية في رومانيا اسم «حصان طروادة». * صحافيان، عن «روسيسكايا» الروسية، 3-4/5/2011، اعداد علي ماجد