بنغازي (ليبيا)، باريس، موسكو - رويترز، أ ف ب - وصل مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى جيفري فيلتمان إلى مدينة بنغازي بشرق ليبيا لإجراء محادثات مع زعماء المعارضة المسلحة. وهو أكبر ديبلوماسي أميركي يزور ليبيا منذ بدء الانتفاضة ضد الزعيم الليبي معمر القذافي. وقال جلال القلال الناطق باسم المجلس الوطني الانتقالي إن فيلتمان اجتمع بأعضاء بالمجلس. واغتنمت الولاياتالمتحدة فرصة وصول فيلتمان المفاجئ الى «عاصمة» المتمردين، لحض القذافي على مغادرة البلاد. وقالت وزارة الخارجية الأميركية في البيان الذي أعلن زيارة فيلتمان، أكبر مسؤول أميركي يزور بنغازي منذ بدء الانتفاضة على نظام القذافي قبل أكثر من ثلاثة أشهر، إن واشنطن «مصممة على حماية المدنيين الليبيين وترى أن على القذافي أن يتنحى ويغادر البلاد». ووصل الموفد الأميركي مساء الأحد، ومن المقرر أن يغادر اليوم الثلثاء. ولفت بيان الخارجية الأميركية أن زيارته تشكل «إشارة أخرى الى الدعم الأميركي للمجلس الوطني الانتقالي المحاور الشرعي وذي الصدقية». وأوضح ناطق باسم إدارة الرئيس باراك أوباما في بنغازي أن فيلتمان أجرى منذ وصوله «سلسلة لقاءات مع أعضاء المجلس الوطني الانتقالي وبينهم رئيسه» مصطفى عبدالجليل الذي انتقل أمس إلى تركيا للقاء كبار مسؤوليها. وتأتي زيارة فيلتمان بعد يوم واحد من زيارة قامت بها لبنغازي وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين اشتون. وفي باريس، قال مصدر ديبلوماسي فرنسي إن فرنسا ودولاً أخرى في التحالف الذي يقوده حلف شمال الأطلسي تعتزم نشر طائرات هليكوبتر في ليبيا في مسعى لزيادة الضغط على قوات القذافي. وفي وقت سابق ذكرت صحيفة «لوفيغارو» أن 12 طائرة شُحنت إلى ليبيا على متن حاملة الطائرات الفرنسية «تونير» في 17 أيار (مايو) في مسعى لتكثيف الهجمات على قوات القذافي وكسر الجمود في القتال الدائر منذ ثلاثة شهور بين القوات الحكومية والمعارضة المسلحة التي تحاول إطاحة حكم القذافي المستمر منذ أكثر من 40 عاماً. وقال المصدر الديبلوماسي الفرنسي: «ليست طائرات هليكوبتر فرنسية فقط... إنه تحرك منسق من جانب التحالف». ونقلت صحيفة «لوفيغارو» عن مصدر مطلع قوله: «استخدام المروحيات من على متن تونير أحد سبل الاقتراب أكثر من الأرض». وصرح ناطق باسم وزارة الدفاع البريطانية بأنه «لا توجد خطط لنشر طائرات هليكوبتر هجومية» في ليبيا. وطبقاً لمصدر «لوفيغارو» يمكن للقوات الفرنسية الخاصة العاملة في ليبيا لتحديد الأهداف التي يمكن لطائرات الحلف أن تقصفها منذ بدء الهجمات الجوية أن تعزز وتنشر لتوجيه هجمات المروحيات. وذكر المصدر الفرنسي انه يجب ألا تُعتبر هذا الخطوة جزءاً من استراتيجية لاستخدام القوات البرية في الصراع. ويقول محللون إن حلف شمال الأطلسي ربما لا يكون أمامه خيار سوى تصعيد حملته الجوية في ليبيا واستخدام المروحيات ونيران البحرية لوقف إراقة الدماء بخاصة في مدينة مصراتة المحاصرة. في غضون ذلك، قال ناطق باسم المعارضة الليبية المسلحة هاتفياً ل «رويترز» إن القوات الموالية للقذافي قصفت أمس بلدة الزنتان التي تسيطر عليها المعارضة وحشدت قوات بالقرب من بلدة أخرى بمنطقة الجبل الغربي. وتقصف القوات الموالية للقذافي مواقع للمعارضة في الصحراء قرب الزنتان وتقاتل أفرادها على بعد نحو عشرة كيلومترات من وسط البلدة منذ عدة أيام، لكن الزنتان نفسها لم تتعرض لتهديد مباشر من قبل. وتقع الزنتان على بعد نحو 150 كيلومتراً جنوب غربي طرابلس في المنطقة الجبلية المتاخمة لتونس والتي تمثل الجبهة الغربية في الحرب. وقال ناطق باسم المعارضة من البلدة «الزنتان تقصف بصواريخ غراد فيما نتحدث... لا نعلم إن كان أحد أصيب. المجلس العسكري يعقد اجتماعاً الآن لبحث الوضع في الزنتان ويفرن». وتقع يفرن على بعد نحو 45 كيلومتراً شمال شرقي الزنتان. وقال الناطق: «قوات القذافي تحشد الجنود قرب يفرن منذ أيام. بالطبع خطتهم هي محاولة دخولها». وأعلن حلف شمال الأطلسي (الناتو) أنه شن 50 ضربة الأحد واستهدف خصوصاً مركزي قيادة قرب طرابلس والبريقة ومستودعاً للذخيرة في سرت. وأكد الثوار أمس انهم تقدموا 20 كلم إلى غرب أجدابيا وباتوا على مسافة حوالى 40 كلم من البريقة. وقال الناطق العسكري باسمهم أحمد عمر باني لوكالة «فرانس برس»: «نعتزم التوجه إلى البريقة في غضون بضعة أيام». لكنه أكد «أن الوضع مريع» في جبل نفوسة قرب الحدود التونسية، «فلا مياه ولا غذاء. لا يمكننا مساعدتهم وذلك يستمر منذ 47 يوماً». وفي موسكو، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس قبل اجتماعه مع مبعوثين من المعارضة الليبية، إن المحادثات تهدف إلى وضع نهاية للصراع الدائر في ليبيا يجب أن تشمل كل القوى السياسية في البلاد. وقال لافروف للصحافيين بعد محادثات مع نظيره الأرجنتيني هيكتور تيمرمان: «نحن على ثقة أن وقف إطلاق النار والهدنة والحوار أمور لا يمكن تجنبها فهكذا سينتهي الوضع على أي حال، وكلما تحقق ذلك أسرع كان أفضل». وأضاف لافروف: «نحن نساند في شدة المبادرات التي تقدم بها الاتحاد الأفريقي والتي طرحتها الأممالمتحدة في هذا الخصوص. من المهم في الوقت الراهن المساعدة في تنسيق قائمة المشاركين في المحادثات المنتظرة - آمل في وقت قريب - والتي تمثل مصالح جميع القوى السياسية والقبائل في ليبيا». ومن المتوقع أن يكون وزير الخارجية الروسي اجتمع في وقت لاحق أمس مع ممثل عن المعارضة الليبية هو عبدالرحمن شلقم وزير الخارجية السابق والسفير لدى الأممالمتحدة. وقال شلقم قبل بدء اللقاء مساء أمس بحسب وكالة انترفاكس الروسية: «سنتحدث، سأصغي وسأعبّر عن وجهة نظرنا، وآمل أن نتوصل إلى نتيجة إيجابية». وأضاف: «إن المسألة لا تكمن في معرفة ما إذا كانت روسيا حليفنا أم لا، إذا كانت تدعمنا أم لا. إن روسيا بلد مهم يلعب دوراً كبيراً في ليبيا. وأن لدى روسيا أفكاراً وأريد الاستماع إليها». وقد استقبلت موسكو الأسبوع الماضي موفدين من نظام العقيد معمر القذافي طلبت منهم روسيا تطبيق قرار مجلس الأمن الذي ينص خصوصاً على وقف اللجوء الى القوة ضد المدنيين. وما زالت روسيا تربطها علاقات ديبلوماسية رسمية مع حكومة القذافي ولم تعترف رسمياً بالمجلس الوطني الانتقالي للمعارضين. على صعيد آخر، قالت الحكومة التونسية أمس إن رئيس المؤسسة الوطنية الليبية للنفط شكري غانم موجود في تونس وربما يكون انشق على الزعيم الليبي معمر القذافي وذلك بعدما أكدت المعارضة الليبية فراره من طرابلس. ولم يصل وزير الخارجية التونسي إلى حد تأكيد تبدل ولاء غانم وهو شخصية مهمة في حكومة القذافي. وتحوّل مكان وجود غانم إلى لغز منذ أن قالت المعارضة الليبية ومصدر أمني في تونس الأسبوع الماضي إن رئيس المؤسسة الوطنية للنفط انشق على القذافي. ونفت الحكومة الليبية يوم الخميس هروب غانم وقالت إنه يقوم برحلة رسمية إلى الخارج تشمل تونس وأوروبا ومصر. لكن وزير الخارجية التونسي المولدي الكافي شكك أمس في تأكيد الحكومة الليبية لعدم فرار غانم ممثل ليبيا في أوبك الذي يحظى بالاحترام في محافل الصناعة النفطية. وقال الكافي خلال زيارة للعاصمة اليابانية طوكيو: «أعتقد وأشك في أن السيد غانم ترك ليبيا وأنه لم يعد يعمل بعد الآن مع نظام القذافي. ربما لهذا السبب أتى الى تونس». وصرّح الكافي خلال مؤتمر صحافي بأن غانم ينزل في فندق في جزيرة تونسية صغيرة في جنوب البلاد. لكن حين سئل عما إذا كان غانم ينوي السفر الى دول أخرى قال: «الله وحده يعلم ما يدور في رأس السيد غانم».