كُثر في البرازيل يُعرفون ب»كاكا»، فالكلمة تصغير لأسماء عدة منها: كارلو، كارل، ريكاردو، كارلا، كارول، كارين... لكن ريكاردو ايزيكسون دوس سانتوس لييتي أو «كاكا» عازف الأوركسترا الرئيس في صناعة ألعاب فريق ميلان الإيطالي لكرة القدم ونبض خط هجومه، مهمة يطمح الى تحقيقها مع فريقه الجديد ريال مدريد الإسباني (ارتبط معه لستة مواسم)، وبجوار البرتغالي الفذ كريستيانو رونالدو المنتقل من مانشستر يونايتد. «تكرّس» كاكا نجماً فوق العادة في موسم 2006 –2007، واستحق عن جدارة جائزة «الكرة الذهبية» التي تمنحها سنوياً مجلة «فرانس فوتبول» الفرنسية لأفضل لاعب في العالم. كما اختاره الاتحاد الدولي «فيفا» أفضل لاعب في العالم أيضاً، اذ أحرز المركز الأول في الإستفتاء الذي شارك فيه مدربو المنتخبات الوطنية وقادتها، وحصل على 1047 نقطة متقدماً بفارق كبير على الدولي الأرجنتيني ليونيل ميسي مهاجم برشلونة الاسباني (504 نقاط)، والدولي البرتغالي كريستيانو رونالدو لاعب وسط مانشستر يونايتد الإنكليزي (426 نقطة)، الذي حصد الجائزة في الموسم الماضي. وأكّد كاكا أن عقده الجديد مع ريال مدريد (بلغت قيمته 65 مليون يورو، وسيحصل على راتب سنوي مقداره 9 ملايين يورو بعد حسم الضرائب وهو المبلغ ذاته الذي كان يتقاضاه في ميلان) يحفّزه لتحقيق «انجازات تاريخية»، لافتاً الى أنه سيحاول أن يصنع التاريخ على غرار الفرنسي زين الدين زيدان، «من خلال إحراز الألقاب». وإعترف كاكا بأن انتقاله هذه المرة الى «النادي الملكي» يحمل تحدياً أكبر من الذي واجهه عند انتقاله السابق من ساو باولو الى ميلان. وقال: «عندما انضممت الى ميلان لم يكن هناك أحد يعرف كاكا أو ماذا يمكن أن يقدّم لفريق. لكن الناس تنظر الي الآن باعتباري واحداً من أفضل اللاعبين في العالم، وهذه مسؤولية مختلفة تماماً. لكنني لست خائفاً منها فهي تحمل حافزاً جديداً لي. مع بلوغي عامي ال27، فقد فزت بالفعل بكل ما يمكن أن أفوز به ولكنني الآن انضممت الى مكان لم أحقق فيه أي انجازات بعد وهذا هو التحدي بعينه». مبتكر الأداء الأنيق يُنادى كاكا في ميلان ب»ريكي» وعُرف ب»مبتكر الأداء الأنيق» في ال «روسونيري». وهو يثير الإعجاب أينما حلّ بطريقة احتفاله بتسجيل الأهداف، اذ يركض أو يجسو رافعاً يديه نحو السماء شاكراً الله على فضله، «ولأن كل ما أقدّم وما أنا عليه عطاء منه». فهذا الورع صاحب الوجه الملائكي والابتسامة التي تبث الإطمئنان والهدوء في النفوس والنظرات المشعة، زاد إيمانه وتعمّق بعدما اصطدم رأسه بحافة مسبح عام 2000 ما أثر على الفقرة السادسة في عموده الفقري. حادثة كادت تصيبه بالشلل التام وتقضي على أحلامه الكروية في مهدها، لكنه استعاد عافيته بعد علاج طويل وبقائه في السرير50 يوماً. «لو كان الأمر لي لمنحت صوتي للبرتغالي رونالدو»، هذا ما أدلى به كاكا للصحافة الإيطالية عقب إعلان فوزه بجائزة «الكرة الذهبية» الممنوحة من «فرانس فوتبول». تلك الصحافة التي قلما ينجو لاعب من انتقاداتها اللاذعة، الا أن كاكا يُعتبر استثناء. هو لاعب مثالي في كل شيء، كما تصفه الصحافة، حتى ان مالك النادي اللومباردي ورئيسه سيلفيو بيرلوسكوني قال مرة انه لو خُيّر في نشأة ثانية في حياته لاختار أن يكون كاكا. ويصفه المدرب القدير الخبير ماريو زاغالو بأنه لاعب ممتع، «وخلال مونديال ألمانيا 2006 كان متفوقاً على نفسه، لكن الإرادة والعزيمة كانتا مفقودتين لدى باقي زملائه». ويضيف: «من دون أدنى شك هو من أفضل لاعبي العالم، لأنه شخص ذكي يعرف كيف يتأقلم في أي مكان، هو رياضي كامل وشامل من طراز رفيع». ويقول باولو سيزار كاجو عضو منتخب البرازيل بطل كأس العالم عام 1970، ان «مهارات كاكا وقدراته وبساطته ونضجه الشخصي والكروي تؤهله بجدارة لدور قيادي، صبي خجول للغاية لكنه فذّ في الميدان، رجل بيت وزوج مثالي لا يحب حياة الليل والسهر، والبرازيليون فخورون به لفنه وأدبه الجم. لا يزال في سن صغيرة، وفي كأس العالم المقبلة عام 2010 سيكون عمره 28 سنة، وستكون جنوب أفريقيا ساحة أخرى ليُبرز فيها كاكا قدراته أمام العالم ويحرز البطولة للبرازيليين». لقد فعل ميلان كل شيء لتمديد بقاء كاكا في صفوفه عام 2007، ووقع معه عقداً جديداً حتى 2013. وأشار نائب رئيس النادي أدريانو غالياني الى أن النجم البرازيلي «وعد المسؤولين في النادي بأنه سيمضي كامل مسيرته مع ميلان». استثناء اجتماعي وعموماً، فإن كاكا استثناء اجتماعي بين لاعبي كرة القدم البرازيليين البارزين كونه ينتمي الى الطبقة الوسطى، فعائلته ميسورة، وهو نجل المهندس المدني بوسكو ومدرّسة الرياضيات سيمون، وأسهم في فوز ميلان بدوري أبطال أوروبا بأهدافه المؤثرة (10 أهداف) وتمريراته الساحرة. منذ بداية نشأته الكروية لفت كاكا الأنظار، لا سيما وان تربيته الجدية ومحيطه الاجتماعي «المحترم» جعلاه أهلاً لتحّمل المسؤولية منذ سن الثالثة عشرة في الفرق التي دافع فيها عن ألوان أف سي ساو باولو، علماً أن أحداً من خبراء اللعبة والمدربين لم يتوقع أن يكمّل هذا الشاب مسيرته ويتألق في دنيا الاحتراف. ويعترف كاكا أن تقيده بالسلوك السليم والنظام العائلي جعلاه يتحصّن ضد غرور الشهرة، فحافظ بالتالي على بساطته وتواضعه. لقب كاكا في صغره ب»الضعيف» وقشة الأسنان» نظراً لبنيته الضعيفة والنحيلة، لكن إصراره وتصميمه على النجاح والبروز جعلاه لا يخشى مواجهة من هم أكبر منه سناً وأقوى بنية في الميدان. وتمّيز عنهم بذكائه وحرفنته، صفتان لاحظهما فيه باكراً اينيو فيريرا دواوليفيرا مدرّس التربية البدنية في مدرسته الابتدائية باتيستا برازيليرو، اذ يذكر أن «كاكا إمتلك باكراً موهبة المراوغة، لكنه أحب أيضاً التمرير والمشاركة في صنع الفرص».