أكد رئيس مجلس إدارة مركز أسبار للبحوث والإعلام الدكتور فهد العرابي الحارثي الارتباط بين الثقافة والتنمية، ذلك أن الثقافة، كما يقول، موجودة في بنية أي مشروع تنموي، في أي مكان بالعالم. وأن الثقافة ليست ترفاً «وإنما صانعة رئيسة للتنمية ولا يمكن لأي ثقافة أن يشتد عودها في ظل اقتصاد ضعيف، ولا يمكن للاقتصاد أن يدير ظهره للثقافة، لأنها منتج اقتصادي رئيس». وأعطى الدكتور الحارثي مثالاً بالسياحة، التي ترتبط فيها الثقافة بالاقتصاد، مشيراً إلى أن فرنسا غنية بموارد اقتصادية عدة، لكن أهمها السياحة، إذ تستقبل سنوياً 94 مليون سائح، «وقد أعدت لذلك كل الاستعدادات والوسائل الجاذبة، وفي متنها الثقافة». وأبدى تفاؤله بنهضة سياحية في المملكة، وفق رؤية 2030، «حيث ستستقبل المملكة ستة ملايين حاج، و30 مليون معتمر سنوياً.. وكذلك الأمر في مشروع البحر الأحمر، ومدينة ينوم، وغيرها من مشاريع سيكون لها على الاقتصاد السعودي الكثير من الإيجابيات». وقدم الحارثي في المحاضرة التي قدمها في نادي مكة الأدبي أخيراً بعنوان: «حديث في الثقافة» في سياق النسخة الثانية من برنامج «كيف تكون قدوة؟» الذي أطلقه أمير منطقة مكةالمكرمة خالد الفيصل، مثالاً آخر يربط الثقافة بالاقتصاد في الإنتاج التلفزيوني، فمادته الخام مادة ثقافية، وازدهارها داعم كبير للتنمية، مشيراً إلى أن المدينة الإعلامية السعودية، التي تم الإعلان عنها «ستكون ورشة كبيرة لمثل هذه الصناعة، وستعود للمملكة الأموال والمنتجات المهاجرة بحثاً عن هذه الصناعة. وهناك صناعة المجتمعات، من مؤتمرات ومعارض وورش عمل، وما تتطلبه من أوراق علمية وبحوث معرفية ومواد ثقافية، وبنية تحتية تشكل موارد اقتصادية.. ووفق البرنامج الوطني السعودي ستتحول المملكة إلى قبلة للمؤتمرات، لتكون مورداً اقتصادياً مهماً». وشدد رئيس مجلس إدارة مركز أسبار في المحاضرة، التي أدارها رئيس قسم الإعلام في جامعة الطائف الدكتور علي ضميان العنزي، على أهمية البحوث العلمية «حين تتحول إلى منتجات اقتصادية، في المجتمع المعاصر (مجتمع المعرفة)، الذي سهل تداول المعرفة، ويسر استهلاك المعرفة، وحقق (ديموقراطية المعرفة)، فلا يستأثر فيها أحد، مما أدى إلى موت النخبة»، لافتاً إلى دور «الذكاء الاصطناعي»، في خلق «الريبوت»، وإنتاج المعرفة، مما يهدد بتحكم المصنوع بالصانع، وإلغاء ملايين الوظائف، ليكون دور الشاب ليس البحث عن وظيفة بل خلق وظيفة. وأكّد الدكتور فهد الحارثي في ختام محاضرته، عندما أجاب عن أسئلة الحضور ومداخلاتهم، أن رؤية 2030 وما فيها من أفكار ستحقق للمملكة دوراً قيادياً في العالم، وأن تآخي الثقافة والتنمية «هو السبيل للوصول إلى ما نريد وإذا أردنا أن نكون (قدوة) علينا أن يكون لنا (قدوة)، وأن نغير أشياء كثيرة عشنا عليها، فنحن مقبلون على شيء مختلف.. ولا بد أن نلحق بالقطار». وكانت محاضرة الحارثي شهدت مداخلات عدة من كل من الدكتور محمد مريسي الحارثي، الذي دعا إلى أن تكون الثقافة هي الحياة واصفاً المحاضرة بالقيمة والمحاضر بالمثقف المميز الجدير بأن ينصت إليه، إضافة إلى الدكتورة أمل القثامي والدكتور عبدالعزيز الطلحي وفاطمة الزهراني وثريا بيلا. وتأتي مشاركات نادي مكة الأدبي في البرنامج الذي أطلقه الأمير خالد الفيصل في ملتقى مكة الثقافي العام الماضي، بشعار: أنا مثقف.. أنا مسؤول». ورحب رئيس النادي الدكتور حامد الربيعي بالدكتور الحارثي بصفته «واحداً من أعلام الفكر والأدب والثقافة والصحافة في المملكة العربية السعودية»، مؤكداً حرص نادي مكة الثقافي الأدبي «على المشاركة في المناسبات الوطنية والاجتماعية، والحراك الثقافي والأدبي، على مستوى المنطقة ومستوى الوطن ومنها الإسهام في مشروع الأمير خالد الفيصل الرائد (كيف نكون قدوة ؟) بمبادرة هادفة تحمّل المسؤول دوره الطليعي، وواجبه الوطني بعنوان: «أنا مثقف.. أنا مسؤول».