دوري زين السعودي.. تارة مستواه في القمة وتارة متوسط المستوى، وتارات عدة في تدنٍ لافت، إذ لم يحافظ الدوري في نسخة الموسم الحالي على رتمه المعروف، وذلك لأسباب عدة كما فندها بعضُ اللاعبين الدوليين السابقين وعدد من المدربين، منهم من حمّل كثرة توقف مباريات الدوري السببَ، بينما حمّل آخرون تغيير المدربين المتواصل، وضعف مستوى اللاعبين المحترفين الأجانب، إضافة إلى اهتمام لاعبي الجيل الحالي بالجانب المادي أكثر من الاهتمام بتطوير قدراتهم الفنية والمهارية. أكد نائب رئيس لجنة الاحتراف الرياضي «الخبير» في الكرة السعودية أحمد عيد، أن وجود مدربين وقتيين، ومطالبتهم بنتائج فورية للحصول على بطولة ما، أسهما بشكل كبير في تدني «رتم» الدوري وقال: «كرة القدم السعودية مرت بمراحل عدة تكتيكياً، والمرحلة الحالية التي نعيشها يجب إعادة النظر والتفكير فيها، لأن الكرة الآن أصبحت جماعية، وهي التي تلعب على المستوى العالمي، وللأسف نعتمد هنا على النتائج، إذ نبدأ في مطالبة المدير الفني منذ وصوله بالحصول على بطولة، غير أن استقرار المدرب مطلب، ليعرف اللاعبين أكثر ويعرف طريقة اللعب في الدوري السعودي». وأضاف: «كما أن هناك عوامل أخرى لها تأثيرها الواضح في مستوى الدوري، منها عدم الاهتمام بالقاعدة، وعدم استقرار مدربي الأندية، ويجب أن يكون هناك اتفاق في تحديد المدارس الكروية للفئات كافة في النادي، ابتداء من الناشئين ومروراً بالشباب ثم الفريق الأول، ولكن للأسف ما يحصل في الأندية غير ذلك، فنجد أن مدرب الناشئين فرنسي، ومدرب الشباب برازيلي، وفي الفريق الأول مدرب صربي أو غير ذلك، كما أنه لا بد من وجود إداري خاص للفريق على أعلى المستويات من حيث النظرة والموضوعية، ويكون مارس كرة القدم». في حين قال المدرب في المنتخب الأولمبي السعودي يوسف عنبر: «هناك عوامل عدة أدت إلى ارتفاع وهبوط رتم الدوري، أهمها توقف المنافسات لمشاركات المنتخب خارجياً، إذ يؤثر التوقف في الأداء عموماً على الفرق كافة، إضافة إلى التوقف في المناسبات كالأعياد والعشر الأواخر من رمضان وغيرهما، ما يجعل رتم الدوري هابطاً، وما إن يعود حتى يأتي توقف آخر، وهكذا تعيش الأندية، لذا نجد غالبية المديرين الفنيين يستغلون فترة التوقف في أداء مواجهات ودية، ليبقى اللاعبون على حساسية المباريات نفسها، وهناك مشكلات أخرى وهي تغيير المدربين بشكل كبير طوال الموسم الرياضي، فما ان يحضر المدير الفني إلا وتتم إقالته خلال أشهر قليلة، ولهذا تحصل المشكلات الفنية، ويبدأ الفريق من جديد، لأن المدرب الجديد يحتاج لوقت طويل، ليتعرف على اللاعبين وعلى طريقة الدوري». حمل نائب رئيس الاتفاق، خليل الزياني الأجهزة الفنية للأندية السعودية كافة ونضوب المواهب في ضعف مباريات دوري زين، وهو ما انعكس في مجمله على الوضع العام لكرة القدم السعودية التي شهدت تراجعاً كبيراً في مستوياتها بعد أن كانت هي الأفضل على حد قوله، وأضاف: «بعض المدربين يهمل جوانب عدة في علم التدريب، وهذا يعود لاختلاف المدارس التدريبية فكرة القدم في أميركا الجنوبية تختلف عن المدرسة الأوروبية، والأوروبية تختلف في وفق اختلاف المنتخبات فكرة القدم الفرنسية تختلف عن الايطالية كما أن هناك اختلافاً بين شرق أوروبا وغربها والحال في أميركا اللاتينية، والمسألة هنا في هبوط المستويات وتفاوتها في المباريات هي في اختلاف المدارس والاستراتيجيات وفلسفة المدربين، كما أن اللاعب لدينا لا يأخذ كل شيء في علم التدريب وهذا الأمر اوجد قصوراً فنياً ومهارياً، ونحن في الاتفاق كنا نعاني من هذا الأمر بسبب اختلاف المدارس التدريبية التي تشرف على تدريب فرق النادي كافة، وهذا عمل على إيجاد تفاوت في الأداء والمستوى على رغم المناقشات التي كنت أقوم بها بين الحين والآخر مع المدربين، إلا انه من الصعب تغيير مفهوم رسخ في ذهن مدرب». وزاد: «كما ان اللاعب لدينا لا يقبل على تطوير نفسه، فهو لا يبحث عن الجدية ولا يخلط بين الكرة الجادة والكرة الممتعة، وهذا أمر اوجد تنافراً ما بين منهجية المدرب وبين استيعاب اللاعبين، وفي اعتقادي ان المسؤولية هنا تقع على عاتق الأجهزة الفنية في المقام الأول لعدم التركيز على إيجاد تناسق بين الأمرين، إضافة إلى ان اختفاء المواهب ونضوبها في الكرة السعودية واختفاء اللاعب المهاري أدى إلى اختفاء المتعة، ولم يعد هناك أي شد للمتابع، ولذلك أسهم في تعطيل اللعب على الأداء العام وبدأت الجماهير تشاهد أموراً لم تكن موجودة كإضاعة الوقت، فالكرة تكون في خارج الملعب أكثر مما هي في داخله، على رغم من توفير أشخاص لجلب الكرة بأسرع وقت ممكن، وهذه الأسباب أسهمت بشكل كبير في هبوط المستوى العام وهبوط المستوى الفني للمباريات، وأصبحت كرة القدم السعودية مختلفة عن السابق في وقت سيطرت الكرة السعودية وكانت الأفضل». واستطرد «الخبير» الرياضي، خليل الزياني في حديثه، وقال: «الآن لم تعد المتعة موجودة وغابت الجماهير، لأنه لا يوجد ما يشجعها على المتابعة وهذا اثر كثيراً في الحضور الجماهيري واثر في المستوى العام ككل وعلى المباريات، ومتى ما رغبنا في التغلب على هذه المشكلات علينا أن نعود إلى الأسباب الثلاثة السابقة وأولها الجهاز الفني والذي يفترض أن يكون شاملاً في تدريباته وجاداً في تطبيقه للعب الشامل، واللعب الشامل يحتاج إلى فلسفة وتدريبات إضافية مع عمل تدريبات ذاتية لبعض اللاعبين، كما ان على المدرب القيام بتصحيح الأخطاء في الملعب وليس كما يحدث الآن، فغالبية المدربين يقومون بعملية التصحيح على الورق أو على السبورة من دون الدخول في تطبيقات عملية على ارض الواقع، وللأسف فالمدربون كافة يتدربون على نصف ملعب وهذه العملية تخفي عيوب الفريق واللاعب بشكل عام، كما انها تخفي منهجية أي مدرب في اللعب، فلا يوجد هناك توجيهات إلى اللاعبين وفق مراكزهم، كأن يقوم المدرب بتوجيه اللاعب الظهير بكيفية التقدم أو التراجع ومتى يقوم بعمل الكرات العكسية والحال ينطبق على لاعبي المحور لأن الملعب ضيق ولا تظهر أخطاء اللاعبين في التدريب والتي تتواصل في المباريات، في الوقت الذي كان يفترض أن يكون التدريب في الأساس مخصصاً لتدارك الأخطاء إلا أن صغر الملعب وضيق مساحته تعوق عملية التصحيح». وأضاف: «الأمر الآخر يختص باللاعب، ففي ظل اختفاء المواهب، اللاعبون لدينا لا يسعون إلى تنمية قدراتهم وهنا يجب أن يقوم اللاعب بصنع نفسه من خلال طلبه من المدرب لتنمية ما ينقصه من مهارات، وكوني مدرباً سابقاً كنت أقوم بمثل هذه الواجبات ابان إشرافي على تدريب الاتفاق فكنت اخصص حصصاً إضافية لبعض اللاعبين لتنمية مهاراتهم وكيفية التحرك بدون كرة لأن هذه الأمور من مهام المدرب، وللأسف فمدربو اليوم يهملون هذا الجانب لاعتقادهم أن اللاعب السعودي يفكر بتفكير اللاعب الأوروبي نفسه في المحافظة على نفسه، أضف إلى ذلك أن تدرج اللاعبين لدينا من البراعم مروراً بالفئات السنية إلى الفريق الأول غير منطقي فاللاعب لدينا يصل للفريق الأول وهو غير ملم بأمور فنية كثيرة وتنقصه جوانب عدة، وهذا يعود لمكابرة اللاعب في عدم تقبله لتلقي التعليمات الفنية». ووصف اللاعب الدولي السابق سعيد العويران مستوى الدوري السعودي في الموسم الحالي ب «الضعيف»، وقال: «رتم الدوري أصبح ضعيفاً جداً، فعندما نشاهد لقاء لأي فريقين كبيرين نتوقع أن يكون ندياً وقوياً، ولكن عند الدقيقة 60 نرى لاعبي الفريقين يتمشون في ارضية الملعب، وفي لقاء الشباب والهلال شاهدت اللاعبين يتمشون في الملعب وكأنهم لا يلعبون كرة قدم، كما أن المحترفين الأجانب دون المستوى ولا يرتقون لطموحات الفرق، إذ من المفترض أن يرفع المحترفون الأجانب مستويات الفرق كافة ويزيدونها قوة، ولكن لم نشاهد ذلك». وأضاف: «كما ان احد أسباب تراجع قوة الدوري السعودي هو الإعلام الرياضي، لأن التطبيل الذي تقوم به بعض وسائل الإعلام يضر بالكرة السعودية واكبر دليل على انخفاض مستوى الكرة السعودية هو ترتيب المنتخب الاول في بطولة كأس آسيا الاخيرة وأيضاً مركزنا ال 85 بين أندية العالم، والبعض يقول إن الدوري السعودي أول وأفضل دوري أو ثاني أفضل دوري، ونحن لم نصل إلى هذه المرحلة إذ إن بنية اللاعب السعودي غير جيدة والفكر أيضاً سيئ، ولم اعد أشاهد التمريرات الطولية المركزة وأيضاً (الفاولات) التي تشد الفريق، والغريب أن الأموال في الأندية كثيرة ولكن اللاعبين قليلون، وفي السابق لم يكن هناك مال وكان هناك لاعبون مميزون، وكنا نتسلم في تلك الفترة مكافآت المباراة ألف ريال وفي التعادل 500 ريال».