دمشق، عمان، نيقوسيا - «الحياة»، أ ف ب، رويترز- شهدت سورية أمس تظاهرات واسعة في «جمعة الحرية» شارك فيها عشرات الآلاف في المحافظات السورية المختلفة بحسب ما قال ناشطون وحقوقيون. وأعلن ناشطون أن 21 متظاهرا قضوا، بينهم طفل عندما واجه رجال الأمن التظاهرات بإطلاق النار لتفريق المتظاهرين. كما تحدث الناشطون عن اعتقالات لمنع توسع التظاهرات. وكان لافتاً أن وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) نقلت أنباء التظاهرات في عدة مدن، إلا أنها تحدثت عن «انحسار» أعداد المشاركين. ويأتي ذلك فيما استحدث الجيش السوري مواقع في بلدة العريضة المحاذية للحدود مع لبنان صباح أمس، ناشراً عدداً من العناصر والآليات مقابل منطقة وادي خالد اللبنانية. وعلى رغم إعلان السلطات السورية صدور أوامر رئاسية بعدم إطلاق النار على المتظاهرين، إلا أن ناشطين من مختلف المحافظات السورية تحدثوا عن مقتل ما لا يقل عن 21 شخصاً، وأوردوا أسماء 10 من القتلى بينهم طفل في حمص (وسط) وسبعة في معرة النعمان، جنوب ادلب، في غرب البلاد. كما قتل شخص في مدينة الصنمين وآخر في مدينة الحارة الواقعتين في ريف درعا (جنوب)، وشخص في داريا، في ريف دمشق. كما أعلن الناشطون عن مقتل شخص في مدينة اللاذقية الساحلية (غرب). وتعد مواجهات أمس هي الأعنف منذ نحو أسبوعين، إذ أن السلطات السورية أظهرت خلال الجمعتين الماضيتين حرصاً على «ضبط النفس» ولم تسقط أعداد كبيرة من القتلى مقارنة بأمس. وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يتخذ من لندن مقراً له أن «آلاف المتظاهرين خرجوا في مدينة بانياس الساحلية (غرب) بينهم أطفال ونساء». وأشار المرصد الى أن «الرجال خرجوا عراة الصدور ليبينوا للعالم أنهم غير مسلحين خلافاً لاتهامات النظام لهم» هاتفين بشعارات تدعو الى «رفع الحصار عن المدن السورية» وتدعو الى الحرية والى إسقاط النظام. كما أفاد رديف مصطفى رئيس اللجنة الكردية لحقوق الإنسان (راصد) لوكالة «فرانس برس» إن «المئات خرجوا في عين العرب (شمال غرب) التي يغلب سكانها الأكراد وهم يهتفون ازادي ازادي»، ومعناها الحرية باللغة الكردية. وأشار مصطفى الذي شهد التظاهرة الى «أن المشاركين كانوا يحملون أغصان زيتون وأعلاما سورية ولافتات كتب عليها: الاعتراف الدستوري بوجود الشعب الكردي في سورية»، و «لا للعنف نعم للحوار» و «لا للمادة الثامنة من الدستور» التي تنص على أن حزب البعث هو قائد الدولة والمجتمع. كما حمل المشاركون العلم السوري بطول 25 متراً. ولفت مصطفى الى حضور أمني خفيف وقال إن قوى الأمن لم تتدخل «بل اكتفت بالمراقبة والتصوير». إلا أن الناطق باسم حزب الوحدة الديموقراطي الكردي في سورية (يكيتي) زردشت محمد أعلن في اتصال مع وكالة «فرانس برس» أن «دورية من الأمن قامت بمداهمة مكتب المنظمة الأشورية الديموقراطية في القامشلي واعتقلت 12 شخصاً»، مشيراً الى أن «قوات الأمن قامت بالاستيلاء على جميع محتويات المكتب من أجهزة كومبيوتر ووثائق وأشرطة». ولفت الى أن ذلك تم «بعد الانتهاء من تظاهرة القامشلي التي لم يحتك بها رجال الأمن الذين تواجدوا بكثافة في قربها». وعدد الناطق أسماء الذين تم اعتقالهم ومن بينهم 3 أعضاء في المكتب السياسي للمنظمة وعضو لجنة مركزية فيها. ودان الناطق «هذه الاعتقالات بحق النشطاء»، مضيفاً «يبدو أن الحوار الذي تنادي به السلطات سيكون داخل السجون وليس مع القوى السياسية». وفي راس العين، التابعة لمحافظة الحسكة (شمال شرق)، تجمع أكثر من 500 شخص أمام منزل عضو اللجنة المركزية لحزب «ازادي» الكردي سعدون شيخو الذين أفرج عنه مؤخراً وهم يهتفون بشعارات تدعو الى سلمية التظاهر والى الوحدة الوطنية. وأشار برو الى أن سعدون ألقى كلمة أمام المتظاهرين «حيا فيها نضال الشعب المطالب بالتغيير الديموقراطي وأكد أن الأحزاب الكردية تقف مع هذه النضالات اليومية المطالبة بالحرية والديموقراطية والكرامة». كما انطلقت تظاهرة في الدرباسية (شمال شرق) شارك فيها أكثر من 3500 شخص وهتفت «ازادي ازادي» أي حرية باللغة الكردية، بحسب برو. وأضاف الناشط الحقوقي إن «تظاهرة بالمئات خرجت في عامودا (شمال شرق) هتفت «واحد واحد واحد، الشعب السوري واحد» كما حمل المتظاهرون في هذه المدينة التي يغلب سكانها الأكراد علماً سورياً بطول 10 أمتار ولافتة كتب عليها: أريد أن أتكلم بلغتي». ويطالب أكراد سورية بالاعتراف بخصوصيتهم الثقافية ومكانتهم في الحياة السياسية في البلاد بعد أن حصلوا بداية نيسان (أبريل) على حقهم بالحصول على الجنسية السورية بعد نصف قرن من الانتظار والاحتجاجات. وكان ناشطون قد جددوا دعوتهم الى التظاهر غداة خطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي دعا فيه نظيره السوري الى قيادة عملية التغيير في البلاد أو التنحي. ودعا معارضون على صفحة «الثورة السورية» على موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك» الى التظاهر في «جمعة الحرية»، مؤكدين على سلمية المظاهرة إلا أنهم أضافوا أنهم سيكونون «شوكة في حناجر» الأمن والشبيحة. وذكر نص آخر على الموقع «كل التحضيرات والتجهيزات لهذه الجمعة على أشدها والشباب الآن جاهزون لتظاهرات جمعة ازادي دمشق وحلب يجهزون مفاجأة للنظام والشبيحة». وأشار الموقع الى جاهزية بقية المدن «حتى آخر رمق فينا» في ادلب «المنتفضة بشكل كامل» (شمال غرب) وحمص (وسط) والقامشلي (شمال شرق) ودير الزور (شمال شرق) والرقة (شمال) واللاذقية وجبلة (غرب) للمطالبة ب»الحرية لدرعا (جنوب) وبانياس (غرب) وتلكخ (وسط)». وأفادت «الوكالة السورية للأنباء» (سانا) أن مناطق في المحافظات السورية شهدت بعد ظهر أمس «تجمعات بالعشرات والمئات للمواطنين عقب صلاة الجمعة هتف المشاركون فيها للحرية وانفض معظمها بعد وقت قصير». ونقلت عن مراسليها أن «أعداد المشاركين في هذه التجمعات انحسرت في معظمها إلى العشرات وسرعان ما تنفضّ بعد تفرق المصلين الخارجين من المساجد مؤكدين أن الحياة طبيعية». وتابعت: «شهدت ريف دمشق تجمعات محدودة خرجت في الحجر الأسود ومناطق سقبا وجديدة عرطوز وحرستا والتل وكناكر، ولم تسجل فيها أي احتكاكات مع قوى الأمن وانفضت من دون إشكالات. وقال مراسل (سانا) في محافظة الحسكة أن المئات تجمعوا عقب صلاة الجمعة في مدينة القامشلي وهتفوا للحرية وانفضوا من تلقاء أنفسهم من دون تدخل القوى الأمنية كما شهدت مناطق عامودا والدرباسية تجمعات بالعشرات تفرقت عقب وقت قصير» وزادت: «كما شهدت شوارع القبيات في بانياس والصليبي في اللاذقية والشارع الرئيسي في مدينة السلمية وشارع جامع المسعود بحماة ومناطق الميادين والبوكمال في دير الزور وجسر الشغور ومعرتمصرين وساحة هنانو في إدلب تجمعات متفرقة للعشرات انفضّ معظمها في شكل تلقائي من دون تدخل قوى الأمن التي حافظت على وجودها بالقرب من هذه التجمعات لحماية الممتلكات العامة والخاصة». في موازاة ذلك أفاد مصدر عسكري سوري أن وحدات الجيش بدأت أول من أمس خروجها من مدينة تلكلخ وسط البلاد «بعد أن أنجزت مهمتها بإنهاء حالة الفلتان الأمني الذي تسببت به عناصر إجرامية مسلحة خارجة على القانون».