تقدم محطة «ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي» إلى الجمهور العربي خدمة كبيرة تتمثل بعرض ما يبث على محطة «ناشيونال جيوغرافيك» من أفلام وثائقية، مدبلجاً بلغتهم، فتوّفر على من لا يتقن الانكليزية قراءة الترجمة، وعلى الأمي عناء فك الحروف. ومن حسنات زمن التلفزيون الفضائي أنه خلط محطات العالم بعضها ببعض، ولم تعد مشاهدة الشاشات الراقية ذات المستوى العالي من الحرفية والمهنية، حكراً على الدول المتقدمة التي تصنع فيها المواد والبرامج التي تبثها تلك المحطات إلى سكانها وسكان العالم برمته. وما توفّره تلك الشاشات عبر الأفلام الوثائقية، هو تقديم العلوم للمشاهدين بمتعة ما بعدها متعة بعيداً من تعقيد القراءة بالكتب، لأنها أولاً مبنية على وقائع وحقائق خالية من المبالغات السينمائية والسيناريوات الخيالية والمواقف المجازية، وثانياً لأنها تخبر المشاهد بحقائق أمور يعيش معها أو يقتات منها أو يستخدمها يومياً من دون أن يعرف كنهها وفوائدها وأضرارها. ومن حسنات هذا الزمن الفضائي أن بين تلك الشاشات من يبث على مدار الساعة علماً وتجاربَ واختبارات ونتائجَ. ولو أحصيت كمية العلوم التي تمر عبر هذه الشاشات يومياً، لملأت مجلدات عن كل أمور الحياة والعالم بدءاً بالخلايا والذرات وصولاً إلى أضخم الصناعات والاختراعات. فتأتي تلك الأفلام وبوقت قصير لا يتعدى النصف ساعة، لتقدم للمشاهد بالصور والأرقام، كل ما يلزمه من معرفة حول أمر معين في شكل يجعله مشدوداً إلى الشاشة لحظة بلحظة ولا يرغب بأن يفوته من العلم شيء. وما يلفت في تلك الأفلام الوثائقية أن معظمها لا يتحدث عن أمر في لحظته وأوانه بل يعرض مشاهد عن تاريخ هذا الأمر وكأن كاميرا معد الفيلم كانت حاضرة لتوثق وتسجل اللحظات الماضية بنجاحاتها واخفاقاتها، تمهيداً لتوليفها واخراجها وتقديمها فيلماً في وقت محدد. واللافت أن كثيراً مما تبثّه هذه الأيام هذه القناة وسبق بثه على القناة الأم، يتعلق بإنجاز في الإمارات نفسها وبخاصة في دبي وأبو ظبي، حول المباني الضخمة والأبراج الهائلة التي بنيت في السنوات الأخيرة، ومنها برج «كابيتال جيت» المائل والذي يبلغ ارتفاعه 160 متراً ويتألف من 35 طابقاً ويميل بمقدار 18 درجة إلى الغرب، أي أكثر ب14 درجة من برج بيزا المائل. الكاميرا كانت حاضرة من اللحظات الأولى وفي كل برهة وموقف، من التصميم إلى التنفيذ، حفراً وبناء، وصولاً إلى اللمسات الأخيرة والكشف عن مبنى يبلغ عباب السماء بأشكال فنية وهندسية مميزة. كل هذه الأمور مر على الشاشة في نحو نصف ساعة دوّنت تاريخ البرج بكل محتوياته بفضل كاميرا كانت حاضرة على الدوام ثم جاء لاحقاً من أعدّ موادها واختصرها من دون تشويه لتصبح مادة تلفزيون يستمتع بها الجميع.