قاعة كبيرة أنيقة بيضاء بالكامل، من جدرانها حتى سجاداتها وستائرها وكراسيها وملاءات طاولاتها، كفضاء مفتوح و «نظيف»، اختاره المنظمون كإشارة الى اكثر من معنى للمناسبة: إن الإنتاج المحلي الأول لقناة «ناشيونال جيوغرافيك – أبو ظبي» بالتعاون مع شريكها في المنطقة «شركة أبو ظبي للإعلام»، والذي أتى على شكل فيلم وثائقي عن جامع الشيخ زايد في أبو ظبي، وهو جامع كبير (يعتبر اليوم أكبر ثالث جامع في العالم) شيدت قببه ال85 بالأبيض، واستمر العمل به 12 سنةً وانتهى العمل به منذ أكثر من سنتين، يضم أكبر ثريا في العالم وأكبر سجادة... هذا الأبيض، لم يكن فقط رسالة الجامع نفسه، كما تحدث عنها في المؤتمر الصحافي رئيس مجلس إدارة مركز جامع الشيخ زايد الكبير علي بن تميم من جوانبها الروحانية، ولكن (أي الأبيض) كان أيضاً رسالة قناة «ناشيونال جيوغرافيك – أبو ظبي» و «شركة ابو ظبي للإعلام». إذ استهلت هذه القناة العالمية التي بدأت بثها بالعربية وفي شكل مجاني، منذ نحو عامٍ متخذة من أبو ظبي مركزاً لها، استهلت إنتاجها المحلي التي وعدت به (بالإضافة الى دبلجتها بالعربية لكل برامجها)، بهذا الوثائقي عن الجامع، لأنه يحمل رسالة سلام، كما اكد المدير العام للقناة روهيت دي سيلفيا. أما المدير التنفيذي للإذاعة والتلفزيون في «شركة ابو ظبي للإعلام» كريم سركيس فاعتبر أنهم أرادوا بذلك أن يعاودوا تصحيح النظرة إلى العالم العربي والتي اختصرت بالعنف والقتل، لنقل صورة حضارية ثقافية مختلفة عن المنطقة. وأكد بن تميم على ذلك بالقول إن التباعد في علاقة الغرب بالشرق آخذ في التضخم يوماً بعد يوم، وقال: «أعتقد أن جامع الشيخ زايد باحتضانه الجنسيات كافة و الأديان كافة يلعب الدور في ردم هذه الهوة الفاصلة بين الحضارات». وأوضح دي سيلفيا ان هذا البرنامج الوثائقي سيعرض بالعربية للمرة الأولى عند التاسعة (بالتوقيت الإماراتي المحلي) من مساء الجمعة المقبل، في حين أنه سيعرض مترجماً إلى الإنكليزية في القنوات العالمية خلال نيسان (ابريل) المقبل. وقد حاول الفيلم، الذي عرض منه مقتطفات في المؤتمر الصحافي، أن يسلط الضوء على مراحل بناء الجامع، كما على الخلفية المعمارية والثقافية للدولة رابطاً بين بناء هذا الجامع وبين التطور العمراني والاقتصادي والحضاري أيضاً للبلاد. وتتطرق الى طابعه العربي الجامع، حيث انه مغربي الطابع في الشكل الخارجي، لكنه يجمع في داخله كل التراث المعماري الإسلامي. كما ان الفيلم، ومثله المنشور الغني الذي أعدته إدارة جامع الشيخ زايد، يحاولان تقديم الجامع ليس كمعلَم خاص بالمسلمين وحدهم، وانما كصرح حضاري عالمي، يعني كل الحضارات، وغير المسلمين أيضاً. فالفيلم يصور، مثلاً، زيارة الأمير تشارلز إلى الجامع خلال تشييده، كما يورد المنشور شهادات المصورة المحترفة المعتمدة للجامع وهي أجنبية. وصوّر الفيلم الجامع والعمل فيه كمشروع حضاري اسلامي متكامل، فحاول المرور سريعاً على ظروف العاملين واحترام توقيت صلواتهم واستراحتهم... كما أكد دي سيلفيا أن أي شروط رسمية لم تُفرض على القناة من جانب البلاد أو ادارة الجامع في التصوير وفي الإعداد. ولكن ماذا عن البرامج المقبلة للقناة؟ يتحدث دي سيلفيا عن فيلمين وثائقيين آخرين عن مبنى «كابيتال غايت» والبرج المائل في أبو ظبي، وذلك لتميزهما المعماري. ولكن عندما سألناه هل يمكن قناة «ناشيونال جيوغرافيك» ان تنتج مثلاً فيلماً وثائقياً عن المسجد الأقصى الذي يهمّ المسلمين والعرب، يأتي الرد مموهاً، فيشرح دي سيلفيا أقسام القناة، ومنها ما يهتم بالمعماري الإنساني (والذي اندرج تحت فئته هذا الفيلم الوثائقي) ومنها ما يهتم بالحياة البرية ومنها العلوم... ويقول إن القناة تنتج برامج ذات مصداقية، ومن دون انحياز، مذكراً بأن اللون الأصفر للقناة ايضاً يرمز الى صداقة القناة مع الشعوب والحكومات... و«هناك الكثير من المصداقية وليس هناك تحديد لشكل ما». لكنه ذكر أيضاً أن القناة لن تشتغل بالطبع فقط على أبو ظبي، بل على المنطقة كلها، وسيكون هناك برنامج من مصر لم يذكر طبيعته، كما سيكون هناك انتاج خاص بالبتراء (الاردن). وفي المؤتمر الصحافي، ذكر ايضاً، رداً على سؤال احد الصحافيين السعوديين، أن القناة قد تنتج برنامجين أيضاً عن صرحين سعوديين في الفترة المقبلة. أما سركيس، فأكد لنا ان القناة ستنتج قريباً ايضاً برامج لها علاقة بالحياة البرية والتجارب الناجحة في المنطقة. وأكد أن كل هذه البرامج ستكون ناطقة بالعربية الفصحى، لا العامية. أما عن البرامج الأخرى لقناة «ناشيونال جيوغرافيك»، ورداً على سؤال حول ما يقال عن «حشو» برامج القناة بحلقات قديمة من القناة العالمية تدبلج للعربية، رد بأنه من الطبيعي كما في كل قناة ان يُستعان بمكتبة القناة، «ولكن هذا لم يطغَ على البرامج الجديدة التي لا يتعدى الفرق عموماً بين عرضها العالمي ودبلجتها العربية في القناة الجديدة الشهر الواحد».