الأرجح أنّه ليس ممكناً وقف التطرّف والكراهية المتأتيين من كره الصهيونيّة وعلاقة الولاياتالمتحدة والدول الأوروبيّة في شكل عام بإسرائيل، والتعمية التي يمارسها الإعلام (التقليدي والرقمي) على ما يحدث في فلسطين من إرهاب تمارسه إسرائيل والمعسكر الصهيوني. وإذا كانت المعرفة بمفهومها العقلاني (معرفة الشيء وتفسيره جيّداً) موجودة، كيف يمكن أن نقنع الشباب المقيم في ضواحي مدن الغرب، وهي أشبه بكانتونات تمييزيّة، أنّ السلطات الحاكمة لا تساعد العدو في حربه ضد الفلسطينيّين؟ ويطرح فوراً سؤال عن دور الإعلام في تلك المناحي. ألا يؤثّر سلباً تكرار إبراز صورة المسلم إعلاميّاً عبر المرأة التي تلبس البرقع والرجل ذي اللحية الطويلة والمرتدي «دشداشة» غير نظيفة؟ ألا يترك إبراز تلك الصور النمطيّة (حتى لو رُبِطَتْ أحياناً بحرية الرأي، وهو أمر يحتاج نقاشاً) تأثيرات سلبيّة، خصوصاً عندما نعلم أنّ من يصر على تقديم صور نمطية عن العربي- المسلم يعرف جيّداً أنها ليست صوراً صحيحة؟ هناك مشكلة في أن تلك الصور توجّه إلى من ليست لديهم معرفة بالوقائع، وهي تترك تأثيرات شتى. مع التفكير في تلك المعطيات، نعود إلى السؤال عن قدرة التقنيّات الرقميّة على إيجاد حل لمعضلة الفجوة المعرفيّة؟ لا بدّ من الإشارة إلى أنّ الرقمنة لم تستطع أن تجد حلاً حتى الآن لمعضلة الفجوة المعرفيّة بين قاطني الدول الغنيّة وساكني الدول الفقيرة، ولا حتى بين الأغنياء والفقراء، خصوصاً إذا فكّرنا بالمعرفة بوصفها مكوّناً للفرد ومعرفة للآخر. لم تساهم شبكة الإنترنت في تصحيح صورة العربي عند جزء كبير من قاطني الدول الغنيّة التي تنتشر فيها تلك الشبكة بقوّة، بمعنى أن التقنيّات لم تساهم في فهم الآخر في شكل فعلي، وكذلك لم توصل رأي ذلك الآخر في صورته النمطيّة ومدى خروجها عن واقعه بالذات. إذاً، هناك فجوة تسير من الأعلى إلى الأسفل، ومن الغني إلى الفقير. هل ساعدت التقنيّات على تفهّم الإسلام، حتى ضمن مساحاته الجغرافيّة- الدينيّة، إضافة إلى الغرب؟ تكفي مطالعة الانتخابات الأخيرة في دول الغرب، لتلمس مدى الزيادة في التطرّف في ذلك الجزء من العالم أيضاً. هل يعود ذلك حصريّاً إلى التطرّف الإسلامي وكراهية المهاجرين؟ إذا كانت الشعوب الغربيّة تعتقد بأن تلك هي الإجابة فعليّاً، عندها تكون التقنيّات الرقميّة فشلت بشدّة، ولم تستطع أداء دورها المفترض في تثقيف قاطني الدول الغنية التي تملك كل الأدوات الذكيّة لإنتاج المعرفة ونشرها.