تحظى الاستفتاءات التي تقام لمناسبة نهاية عام وبداية آخر بكثير من الاهتمام الإعلامي، وكثير من الإضافات التي تكاد تحولها إلى قضية خاصة، بالطبع لبعض من يريد إعلاء شأن بعض العاملين في الفن أو من يقترب منه من مجالات الظهور والصعود واكتساب بريق سريع، ومنها مجالات عروض الأزياء والإكسسوارات، وأخيراً تجهيز قاعات الاحتفالات... وهو ما أضافه استفتاء لموقع «وشوشة» الفني التابع لقنوات «النهار» المصرية الخاصة حين نظم هذه المناسبة السنوية التي يقيمها منذ سنوات لتوزيع الجوائز على العاملين في الإعلام والسينما والمسلسلات والغناء. لكنه هذه المرة أضاف مصممي الأزياء والديكورات الخاصة بالحفلات وليس بالأفلام (!) وليصبح السؤال هو وماذا عن الإضافات في الأعوام المقبلة؟ ولماذا يصبح هذا الموضوع شأناً خاصاً تقوم به شركة إعلامية أو موقع إلكتروني بينما المفترض أن يصبح التسابق على الإبداع والابتكار في كل المجالات، وليس الفن وحده شأناً عاماً يخص البلد كله؟ ولكن... لأن هناك دائماً من يريد إثارة ضجة من وراء جوائز آخر العام، فإن الأسبوع ذاته تضمن إعلان جوائز ثلاثة استفتاءات أخرى، الأول يخص قناة «النيل للدراما» إحدى قنوات التلفزيون المصري المتخصصة والتي أقامت حفلاً كبيراً حضره معظم النجوم، الكبار والشباب، والذين حصلوا على جوائز وتكريمات من دون إعلان سببها وهل هي من حصيلة مسابقة تصويتية ونتائج جماهيرية مؤكدة، أم أنها تعبير عن محبة وتقدير القناة المذكورة والمسؤولين عنها وعن «المجلس الوطني للإعلام» الذي حلّ محل «اتحاد الإذاعة والتلفزيون» سابقاً لنجوم الفن المصري. الأمر المدهش هنا، أنه بعد نهاية هذه الحفلة وحتى اليوم ما زال الشريط الأسفل لشاشات القنوات المتخصصة، وبينها قناة الدراما، يدعو المشاهدين إلى التصويت لأفضل عمل درامي في رمضان الماضي وأفضل فناني المسلسلات. فلماذا إذاً أقيم هذا الاحتفال الكبير؟ وبأي حق وزعت جوائز من دون إعلان أسباب واضحة لتوزيعها؟ أما الاستفتاء الثالث فقد كان يخص مؤسسة خاصة هي «دير جيست» تقيمه أيضاً منذ سنوات وعلى قواعد غير معلنة ويعرض الحفل الخاص به على إحدى القنوات وهو ما حدث، ثم الاستفتاء الرابع والأخير الذي حصل على فرصة أكبر للمشاهدة من خلال إعادته على القناة نفسها «سي بي سي» والبرنامج ومقدمته التي تسمى باسمها (استفتاء برنامج معكم مع منى الشاذلي) وهو الوحيد الذي زينه حضور جمهور البرنامج الذي ينمو ويتنوع بتنوع الضيوف وتخصصاتهم، لكنه بالطبع يبحث عن نجوم الفن وجمهورهم الكبير من دون أن يتوقف عندهم. في المقدمة، أعلنت الشاذلي أن من قام بالجهد الأكبر في إحصاء وتجهيز آراء المشاهدين هم طلبة وطالبات الجامعة الكندية في مصر والذين حضروا بنسبة كبيرة ساهمت في رفع درجة حرارة استقبال بعض النجوم، وبينهم دنيا سمير غانم التي اختيرت بالتصويت كأفضل ممثلة عن مسلسلات 2017 وأيضاً كاتبتان جديدتان قادمتان من «ورش الكتابة» هما سماء عبد الخالق وإنجي قاسم اللتان تقاسمتا كتابة مسلسل «حلاوة الدنيا» بطولة هند صبري وظافر العابدين واقتنصتا جائزة «أفضل نص درامي». غير أن الاستفتاء المذكور أضاف أيضاً أسئلة مهمة لجمهوره ومنها أفضل شخصية عامة للعام المنصرم وأفضل شخصية رياضية وأفضل قصة إنسانية من الحياة وأفضل صورة للعام. والحقيقة أن هذه الأسئلة ساهمت كثيراً في رفع قيمة وشأن البرنامج والاستفتاء نفسه، وأضافت إلى المعنى الكثير. فإذا كان الجمهور الذي شارك فيه ليس كل الجمهور المصري المتابع الشاشات فإنه على الأقل يمثل جزءاً مهماً في هذه المعادلة، والاختيار هنا يجب ألا يتوقف فقط عند نجوم الدراما الذين حصلوا على حقوق كثيرة مثل إعادة العرض والمشاهدات الإضافية على موقع «يوتيوب» والشهرة عبر صفحات الفن في كل الميديا، وإنما لا بد من الاهتمام أيضاً بنجوم الحياة الذين قدموا مساهمات لافتة وشجاعة وكانوا قدوة لملايين الناس العاديين الذين يجلسون أمام الشاشات متعطشين إلى من يملأ أرواحهم بالطاقة الإيجابية. هنا بدت أهمية استعراض البرنامج لنجمات ونجوم الرياضة عن العام الراحل وحصول نور الشربيني ذات الأعوام التي تقل عن العشرين على بطولة العالم للاسكواش ودخولها التاريخ كأصغر بطلة عالم، وكذلك حصول يارا علاء الدين وأختها وأبيها على 65 في المئة من الأصوات لما قامت به ذات يوم في 2017 من عمل بطولي لإنقاذ شاب سوري من عملية اختطاف في قلب القاهرة والقبض على العصابة التي حاولت اختطافه، وأيضاً حصول مصور مغمور هو محمد صلاح على جائزة «الصورة» التي قدمها لشاب يرقص حاملاً عكازه فرحاً بعد مباراة مصر وأوغندا والتي اشتهرت باسم «الراقص بالعكاز». هكذا انحاز الجمهور في هذا الاستفتاء إلى مشاهد واقعية مؤثرة قام بها أبطال من الحياة، إلى جانب مشاهد الدراما التمثيلية من خلال نسب مشاهدة وتصويت تم إعلانها تعبر عن الشخصيات الأكثر تأثيراً، والقصص الأكثر وصولاً إلى قلوب الناس. ويصبح هذا الاستفتاء هو الأكثر حرارة وتعبيراً عن نبض الجمهور... حتى لو كانت شريحة من الجمهور وليس كله، لأن ما يقدم في الغرف المغلقة هو تعبير فقط عن الجهات التي تصنعه، والمطلوب هو الاهتمام بالمشاهد أولاً وليس المنتج أو المعلن.