تنتشر على مدار العام ظاهرة الإستفتاءات الفنية وتزداد كثافة في المواسم خاصة في رمضان حيث تتبارى الصحف والمجلات عن إعلان نتائج استفتاءات حول الأفضل والأحسن، سواء أفضل مسلسل، أو أفضل ممثل، أو أفضل مذيع، وكثيرا ما يستند الفنانون إلى نتائج هذه الاستفتاءات، ويروجونها كأنها حقيقة، كذلك تقوم وسائل الإعلام بنشر هذه النتائج دون التحقق منها. وكثيرا ما يثبت خطأ هذه الاستفتاءات مثلما حدث في استطلاع رأي أجرته “MBC” على الموقع الإلكتروني الخاص بها حول برامج رمضان، والذي أفز عن تصدر مسلسل "هوامير الصحراء" مرتبة أفضل مسلسل في الخليج والعالم العربي ، حيث تم إيقاف الاستفتاء بعد أن استغل بطريقة خاطئة، كما صرح آنذاك المتحدث باسم مجموعة mbc مدير العلاقات العامة والشؤون التجارية مازن الحايك، مؤكدا أنه ليس استفتاء رسميا، وقد تم بطريقة عشوائية، كما كشف حايك "أن هناك شخصا واحدا صوت لبرنامج تلفزيوني ما يوازي 50 ألف مرة في يوم واحد". فهل تعد هذه الاستفتاءات مؤشرا حقيقيا يجوز الأخذ بها، وهل تستند إلى معايير علمية وحقيقية ؟ في البداية يقول الفنان خالد الصاوي إن "عقلية صناع التلفزيون لدينا أصبحت لا تختلف عن عقلية صناع السينما، فكلاهما لا يمتلك أدوات جس النبض الجماهيري بشكل صحيح وفعال". وأضاف أن "مثل تلك الاستفتاءات الوهمية التي نشرت في الصحف القومية، وهذه طريقة ليس لها علاقة باهتمامات الناس، لكن هناك طرقا أعمق لمعرفة آراء الناس، ثم يكون في مرحلة لاحقة التفاعل مع هذه الآراء، فرغم أن طرق الاستفتاءات تدرس في كليات الإعلام، إلا أننا لا نرى أثرا لذلك في الواقع، فنحن أمام حالة من العشوائية في التخطيط واستقاء المعلومات". وشكك الصاوي في مصداقية جميع الاستفتاءات الأخيرة، حتى تلك التي قامت بها شركات من خارج مصر، وحتى لو وضعوا مسلسل "أهل كايرو" فيها أم لا، ما دامت هذه الاستفتاءات تفتقر للأسس العلمية، مشيرا إلى عدم امتلاكنا شفافية أو نزاهة في إجراء الاستفتاءات. تتفق الفنانة يسرا مع الصاوي في أن أغلب هذه الاستفتاءات لا يعبر عن الحقيقة، وأنها كثيرا ما تتبع الأهواء الشخصية للقائمين عليها، ولا تكون هناك أي ضمانة أو وسيلة للتحقق من نتائجها . أما الفنانة صابرين فقالت، "المهم هو الجهة التي قامت بالاستفتاء، فإذا كانت هيئة ومؤسسة عريقة ومحترمة، وتتمتع بالشفافية، فإن الاستفتاء يكون حقيقيا مائة بالمائة، ويشكل بوصلة للفنان يتحرك على أساسها". ويؤيد الفنان إياد نصار رأي صابرين، مشيرا إلى أهمية هذه الاستفتاءات، لأنها تكون مؤشرا على شعبية الفنان، ومدى تقبل الجمهور له، وبالتالي تساهم في تحديد الخطوات المقبلة، ذلك أن رأي الجمهور لا يقل أهمية عن رأي النقاد. وأكد مجدي الجلاد رئيس تحرير صحيفة "المصري اليوم" التي أجرت استطلاعاً حول أفضل المسلسلات والبرامج التي عرضتها شاشات التلفزيون المصرية والعربية، أن الصحيفة لم يكن لها أي تدخل في نتيجته، حيث وضعت الصحيفة معايير صارمة لتجنب محاولات مشاركة الشخص الواحد أكثر من مرة. أما المخرج سامح عبد العزيز، فإنه لا يعير هذه الاستفتاءات أي اهتمام، ذلك أنها لا تستند إلى أي معايير كما قال ل "الوطن"، متسائلا كيف يمكن أن يثق في استفتاء يتم من خلال مواقع الإنترنت، مما يتيح الفرصة لصناع العمل أن يصوتوا بآلاف الأصوات لهذا العمل، كما يمكن لأنصار أحد الفنانين أن يصوت له مرات متعددة، مما يفقد الاستفتاء مصداقيته. والاستفتاء الحقيقي برأي سامح لابد أن يكون بشكل مباشر، وعن طريق بحث ميداني بطريقة علمية سليمة. ويتفق الفنان محمد رمضان مع عبد العزيز في ضرورة عدم الاستناد إلى هذه الاستفتاءات في تقييم الأعمال الفنية أو صانعيها. ذلك أن كثيرا من نتائجها لا تعبر عن الواقع، مشيرا إلى النتائج المتفاوتة التي تنتج عن الاستفتاءات المختلفة مما يؤكد عدم صحتها. بدوره قال الناقد صبحي شفيق إن الكثير من هذه الاستفتاءات تكون وهمية، الغرض منها هو إيهام الجماهير والنقاد بنجاح عمل ما أو فنان ما والترويج له، دون وجود أي حقائق تستند إليها هذه الاستفتاءات، والدليل برأيه هو تفاوت هذه الاستفتاءات بشدة، فبينما نجد فنانا أو عملا يحصل على أعلى نسبة في أحد الاستفتاءات، نجده في استفتاء آخر لا يحصل على أية نسبة، لذلك لابد كما يقول شفيق أن تتحقق وسائل الإعلام قبل نشر هذه النتائج.