الدوحة - أ ف ب - على بعد آلاف الكيلومترات من بنغازي ينشط عشرات الصحافيين والتقنيين على مدار الساعة لدعم الثورة من خلال قناة «ليبيا الأحرار» التي تحتضنها قطر وتساهم في تمويلها، على أن تنتقل في المستقبل الى ليبيا لتتحول من «قناة ثورة» الى «قناة دولة». وقال مسؤول الإعلام في المجلس الوطني الانتقالي محمود شمام، وهو بمثابة وزير الإعلام للثورة الليبية: «لسنا قناة نضالية بمعنى النضال، بل قناة تتبنى مطالب الشعب الليبي وحقه في الحرية والكرامة». وشمام أطلق مع عدد من الصحافيين والناشطين الليبيين القناة نهاية آذار (مارس)، وهي تبث من مبنى في وسط الدوحة التاريخي، مستخدمة معدات ومكاتب قناة «الريان» القطرية، بانتظار «تحرير طرابلس»، كما قال شمام. وأضاف: «بصورة عامة الهدف من القناة تقديم خدمة نوعية للمشاهد الليبي المحروم من أية قنوات ذات قيمة مهنية وسياسية، ولسد عجز في ظل عدم وجود إعلام مضاد للإعلام الحكومي الليبي». في مكاتب القناة التي تتمتع بحماية مشددة وبتدقيق ملحوظ على الداخل إليها والخارج منها بسبب التهديدات التي تلقاها القائمون عليها، يعمل المعدون على برامج متنوعة، تحظى الأخبار بحصة الأسد منها. وتبث القناة أخباراً عن تقدم الثورة والأوضاع الميدانية، خصوصاً في المناطق التي يسيطر عليها الثوار، كما تبث رسائل مصورة من مقاتلين على الجبهة الى جانب برامج الحوار من بنغازي، شرق البلاد، معقل الثورة. أما البرامج «غير الإخبارية»، فغالباً ما تكون سياسية بامتياز أيضاً، مثل برنامج يُفنّد في إطار هزلي كوميدي «فلسفة» الزعيم الليبي معمر القذافي الذي يحكم بلاده منذ أكثر من أربعة عقود. وغالباً ما يوصف القذافي في القناة ب «الطاغية»، خصوصاً في الأغاني والأناشيد التي تحضّ الليبيين على دعم الثوار. وقال شمام إن المتوافر لليبيين منذ عقود هو «إعلام حكومي بكل خصائصه ودعاياته الغوبلزية المباشرة، لذا أردنا إلغاء هذا الاحتكار لنعطي لشعبنا قناة تناقش الأمور بكل صراحة في شكل نقدي كصورة أخرى مقابلة للإعلام الحكومي». وأشار المدير العام للقناة محمد العكاري الى أن حوالى مئة صحافي وتقني وموظف يعملون في القناة، وهي تبث 12 ساعة يومياً بعدما بثت في الفترة الأولى ست ساعات. كما أن غالبية موظفي القناة ليبيون، «وباستثناء بعض التقنيين، يعمل عشرات الشبان والشابات الليبيين على مدار الساعة لإيصال صوت «الأحرار» الى مواطنيهم على بعد آلاف الكيلومترات». وتبث القناة على قمري «عرب سات» و «نورسات». كما باتت تحظى بموقع على الإنترنت «يحتل المرتبة الرابعة في ليبيا من بين كل المواقع»، كما ذكر العكاري، إضافة الى تطبيقات على أجهزة «آي باد» و«آي فون». عن مستقبل القناة، قال عكاري: «أسسنا «ليبيا الأحرار» لتكون قناة دولة وليست قناة ثورة»، أي أن مشروعها هو الدولة الليبية المقبلة بعد إطاحة النظام في ليبيا من دون أن تكون حكومية. أما شمام، فقال إن القناة وفّرت للفرق العاملة لديها «أفضل الأجهزة، وستكون هناك محطة أرضية في طرابلس بعد ساعات على تحريرها، إضافة الى محطة «أف أم» في بعض المناطق ومحطات أرضية في مناطق أخرى». وأضاف: «سندرب الكوادر التي لدينا، وقد تعاقدنا مع مدربين من «هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي) لتدريبهم على كيفية العمل الإعلامي، ونأمل ونخطط أيضاً لأن تنتقل هذه القناة برمتها الى طرابلس عندما تتحرر من قبضة القذافي». وعن تمويل القناة، قال العكاري: «هناك عدد من رجال الأعمال والمتبرعين الذين يدعمون القناة، لكن السند الأقوى، قطر، التي لن نتمكن أبداً من شكرها بما يكفي»، علماً أن قطر هي أول دولة عربية تعترف بالمجلس الوطني الانتقالي، كما أنها تشارك في العمليات الجوية في ليبيا. ويقول أحد مقدمي البرامج في القناة، طالباً عدم ذكر اسمه خوفاً «من بطش نظام القذافي بأقاربه الموجودين في طرابلس»: هناك كوادر في القناة تخشى التهديدات الموجهة لأهلها، فالمضايقات طاولت أناساً تكلموا في الإعلام من خلال مداخلات هاتفية، فما بالك بمن يعمل في قناة». لكنّه عبر عن تفاؤله بنهاية وشيكة لهذا الخوف، إذ يرى أن «الخناق يضيق على النظام»، ويضيف: «بعد تحرير طرابلس سننتقل مباشرة للبث من هناك».