كيف سيكون شكل الموسم الكروي المقبل؟ ما يحفز على السؤال أمور بعيدة عن الجوانب الفنية التي ربما تكون أكثر ارتفاعاً في العام المقبل، أو أكثر حدة من زاوية التنافس، لكن اللافت هو افتقاد الموسم عناصر أساسية شكلت إثارة العام الماضي وصنعت منه موسماً يعصى على النسيان، على رأسها مدربون ورؤساء ولحظات كانت مختلفة في أجوائها ومحيطها لأندية منافسة. الموسم الماضي شهد تنافساً حاداً بين قطبي المنطقة الوسطى الهلال والنصر، فالثاني شكلت جماهيره ظاهرة مختلفة بشغفها الكبير بعودة الفريق إلى منصات التتويج، فجعلت من شعار «متصدر لا تكلمني» أيقونة تناقلتها الألسن في كل مكان في الوطن العربي وخارجه، حتى وصلت إلى شاشات التلفزة ومذيعي النشرات الإخبارية. الحشد الجماهيري «الأصفر» الذي كان يتصاعد يوماً تلو الآخر رفع وتيرة المنافسة الجماهيرية، بل إنه جعل من إقامة المباراة الختامية للنصر أمام التعاون في بريدة مثار جدل، حتى قرر الاتحاد السعودي لكرة القدم نقل المباراة بعد تقرير الدفاع المدني إلى العاصمة الرياض، ليملأ مشجعو «الأصفر» مدرجات الدرة من أقصاها إلى أقصاها في يوم التتويج بلقب الدوري. الموسم المقبل سيكون مختلفاً للنصراويين، ففريقهم الذي غاب عن التتويج أعواماً طويلة بلغ المنصات، ويبحث هذا الموسم عن تعزيز حضوره، لذلك ستكون لغة «المناكفة» من جماهير الأندية الأخرى مختلفة، وشكل الصراع سيذهب في اتجاه آخر. في المقابل، استقبلت الجماهير الهلالية مطلع الموسم نجمها المحبوب وأسطورة فريقها سامي الجابر استقبالاً حاشداً، وشكّل المدرب الوطني ظاهرة لافتة، كونه أول مدرب سعودي يحصل على عقد طويل الأمد وبمميزات عالية، فحضرت إثارة «المدرب الأزرق» على الدوام في سكناته وهناته، بدءاً بملابسه وزيه، ومروراً بتصريحاته، وانتهاءً بإخفاقاته. وأشعل الجابر كثيراً من الجدل مرات عدة، كان أبرزها في مؤتمراته الصحافية، وكذلك في خلافه مع قناة «العربية» الذي أصدر على إثره البيان الصحافي الشهير الذي كان مثار نقاش في الساحة الرياضية وخارجها. وفي الساحة التدريبية كان مدرب الأهلي، البرتغالي فيتور بيريرا أيضاً مصدراً للإثارة والجدل بشارة الكابتنية التي كان يرتديها، وآزرته الجماهير الأهلاوية بارتدائها، وأيضاً بانفعالاته في تصريحاته وفي المؤتمرات الصحافية التي كان أشهرها خلافه مع مدير المؤتمر الصحافي بعد مباراة الاتفاق التي انفعل خلالها وقال للمنظمين: «أنا مدرب محترف... سأقول ما أريده أنا لا ما تريدونه»، قبل أن يترك المنصة ويرحل، وهي اللقطة التي شهدت تقليداً لها في أحد البرامج الكوميدية البرتغالية. الفتح أيضاً، الذي لفت الأنظار الموسم قبل الماضي بنجاحه في خطف لقب الدوري أمام الكبار، الذي كان الجميع ينتظر ما سيفعله في الموسم الماضي بعد تجربته «الناجحة»، سيفقد الترقب الذي كان يواجه به بصفته حاملاً للقب، وسيدخل الموسم مجرداً من المتابعة التي خلفها لدى الرياضيين بعد أن انطفأت شعلته. منافسات الموسم المقبل أيضاً ستشهد غياب رئيس نادي الشباب خالد البلطان الذي استحوذ على الأضواء نهاية الموسم إثر تصريحه الساخن بعد مباراة فريقه أمام الاتفاق في مسابقة كأس خادم الحرمين واختتاماً بكلمة «هاردلك» التي وجهها في المنصة لرئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم أحمد عيد وهو يتسلم الكأس. الموسم الماضي أسدل الستار على مسرح كبير من «الإثارة» كانت حاضرة في شكل مختلف طعماً ولوناً، فيما ستغيب أسماء وعناصر وحالات صنعت الكثير من «أجوائه»، لذلك سيظل الترقب قائماً قبل أن يرفع الستار معلناً فصلاً جديداً من المنافسات، وكاشفاً عن أسماء أو وافدين إلى الساحة ربما يشعلون الأجواء مجدداً.