كلّف الرئيس محمود عباس أمس رئيس الوزراء الحالي الدكتور رامي الحمد الله تشكيل حكومة الوفاق الوطني التي ستضم 15 وزيراً فقط بدلاً من 25، كما ينص القانون الأساس، وسيكون جميعهم من الكفاءات المهنية المستقلة. وعلمت «الحياة» أنه تم الاتفاق على اكتمال تشكيل الحكومة وإعلانها خلال 48 ساعة من التكليف، وأن مكتب الرئاسة شرع في الاتصال بالمرشحين ودعوتهم الى رام الله، علماً أن خلافاً بين الرئيس محمود عباس وحركة «حماس» على حقيبة الخارجية، حال دون الإعلان عن تشكيلتها حتى الآن. في الوقت نفسه، نفى مصدر من «حماس» ما تردد من أن رئيس حكومة «حماس» في غزة اسماعيل هنية سيرأس المجلس التشريعي الفلسطيني عندما يعود للانعقاد بعد شهر من إعلان الحكومة الجديدة، وقال ل «الحياة» إن هذا الاقتراح قدمته «فتح» في وقت سابق في إطار «عصف ذهني» بين الحركتين. وجاء تكليف الحمد الله في اليوم الأخير من مهلة الأسابيع الخمسة التي اتفقت حركتا «فتح» و»حماس» على تشكيل الحكومة خلالها، حسب اتفاق المصالحة الأخير الذي أطلق عليه «اتفاق الشاطئ». ويشكّل التكليف إشارة الى تجاوز معظم العقبات الأخيرة التي ظهرت في طريق تشكيل الحكومة، وفي مقدمها الخلاف على وزير الخارجية، وعلى بقاء وزارة الاسرى، وعلى موعد الشروع في إعادة بناء الاجهزة الامنية. وتحدث مصدر في «حماس» في غزة عن تذليل عقبات أخرى متمثلة بحقبيتي الأوقاف والشؤون الدينية والتربية والتعليم العالي. وفي تفاصيل الخلاف على وزارة الخارجية، قال مسؤول كبير في «حماس» ل «الحياة» في رام الله إن حركته طلبت تغيير وزير الخارجية الحالي رياض المالكي لدوره في تأجيج الانقسام عندما كان وزيراً للاعلام في السلطة عقب الانقسام، لكن الرئيس عباس اصر على ابقائه. لكنه أكد ان بقاء المالكي لن يشكل عقبه كبيرة تحول دون تطبيق الاتفاق، ملمحاً الى ان «حماس» ستقبل ببقائه في حال اصرار الرئيس. وأشارت مصادر من «حماس» في غزة الى أن الحركة ترفض المالكي، وتصر على أن يختار عباس أحد ثلاثة أسماء تم التوافق عليها في جولات الحوار الأخيرة بين الحركتين، هم عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي، او الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي، او نائب رئيس الوزراء الحالي في السلطة الفلسطينية زياد أبو عمرو. وعلم أن من المستبعد إسناد حقيبة الخارجية الى عشراوي نظراً لكونها عضو في اللجنة التنفيذية التي تعتبر بمثابة أعلى سلطة تنفيذية فلسطينية، وتشكل مع المجلسين الوطني والمركزي، مرجعية السلطة الفلسطينية. كما أنه تم استبعاد البرغوثي نظراً لأن الحكومة غير فصيلية، وطُلب منه للمشاركة فيها الاستقالة من منصب الأمين العام للمبادرة، إلا أنه رفض ذلك. أما أبو عمرو، فيرغب عباس في أن يكون نائباً لرئيس الحكومة الجديدة كونه من قطاع غزة، مع نائب رئيس الحكومة الحالي محمد مصطفى من الضفة. وتم تذليل عقبات اخرى امام تشكيل الحكومة، إذ طلبت «فتح» إلغاء وزارة الاسرى وتحويلها الى هيئة تابعة لاحدى الوزارات، غير أن «حماس» اعترضت على ذلك لما يمثله من إشارة سلبية الى مئات الاسرى المضربين عن الطعام في هذه الايام، مطالبة بإبقاء الوزارة في هذه المرحلة، كما وافقت على تولي أسير سابق من حركة «فتح» منصب وزير الاسرى هو هشام عبد الرازق من غزة. وظهر خلاف آخر في الأيام الاخيرة على توقيت إعادة بناء الاجهزة الامنية، اذ تنص اتفاقية القاهرة بين الطرفين على تشكيل لجنة عليا برئاسة مصرية مهمتها اعادة دمج أجهزة الأمن وبنائها. واتفق وفدا الحركتين في «اتفاق الشاطئ» على تشكيل هذه اللجنة بعد المرحلة الانتقالية التي يمكن ان تمتد لسنوات، الا ان مصادر في «فتح» قالت ان الوضع الامني يتطلب الاسراع في اعادة دمج الاجهزة الامنية، وعدم ترك الموضوع لفترة طويلة مقبلة.