غابت الشخصيات السياسية التقليدية عن الحكومة الفلسطينيةالجديدة الموسعة برئاسة الدكتور سلام فياض، وحلّت محلها شخصيات تكنوقراطية من الفصائل والمستقلين، بعدما اشترط رئيس الوزراء لقبول إعادة تكليفه، منحه دعم حركة «فتح» وحرية اختيار وزرائه من التكنوقراط. واختار فياض وعباس عدداً من أبرز التكنوقراط في حركة «فتح» لعضوية الحكومة الجديدة، في مقدمهم الدكتور محمد اشتية، وهو وزير سابق في حكومات عدة من القاعدة الشبابية للحركة وقريب من الرجلين. ويدير اشتية المجلس الفلسطيني للتنمية والاعمار (بكدار) وهو الهيئة المشرفة على مشاريع البنية التحتية في الاراضي الفلسطينية. ومن هؤلاء أيضاً الدكتور حسن أبو لبدة الذي اختاره فياض أميناً عاماً لمجلس الوزراء، وهو كان مديراً للجهاز المركزي للإحصاء، أحد أهم المؤسسات الفلسطينية المهنية الناجحة. ودخل الحكومة عدد من أبرز الشخصيات المستقلة مثل الوزيرة السابقة الدكتورة حنان عشراوي الناطقة باسم أول وفد فلسطيني مفاوض في مؤتمر مدريد العام 1991، وهي واحدة من الشخصيات الفلسطينية التي تحظى بمكانة دولية. ومن الشخصيات المستقلة أيضاً النائب راوية الشوا من قطاع غزة، وهي تحظى بقبول الأوساط البرلمانية نظراً إلى استقلال مواقفها. ومن الفصائل الأخرى، يشارك في حكومة فياض الجديدة الأمين العام ل «المبادرة الوطنية» الدكتور مصطفى البرغوثي، وماجدة المصري من «الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين»، وزهيرة كمال من حزب «فدا»، واحمد مجدلاني من «جبهة النضال الشعبي»، ومحمود إسماعيل من «الجبهة العربية». ونقلت وكالة «فرانس برس» عن الأمين العام لحزب الشعب بسام الصالحي أنه أبلغ فياض اعتذار الحزب عن عدم المشاركة في الحكومة، «لأننا نريد أن تأتي الحكومة في سياق أشمل يأخذ كل القضايا العالقة في الحسبان، وتسهم في تحقيق الوحدة الوطنية». كما أعلنت عضو المكتب السياسي ل «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» خالدة جرار أن «موقف الجبهة مع تشكيل حكومة توافق وطني، لذلك اعتذرنا عن (عدم) المشاركة في الحكومة منذ بداية الاتصالات». وأبقى فياض على عدد من الوزراء في مواقعهم مثل وزراء الداخلية عبدالرزاق اليحيى، والخارجية رياض المالكي، والسياحة خلود دعيبس، والتخطيط الدكتور سمير عبدالله، والمواصلات مشهور أبو دقة، والصحة الدكتور فتحي أبو مغلي، والتربية والتعليم لميس العلمي. ونقل عدد آخر من وزارة إلى أخرى مثل الدكتور سعدي الكرنز الذي نقل من الأمانة العامة لمجلس الوزراء إلى وزارة الاقتصاد، ومحمود الهباش من الشؤون الاجتماعية إلى الأوقاف. ويرى فياض في التشكيلة الجديدة تعزيزاً لمكانة الحكومة. وهو كان شكل حكومة طوارئ من 14 وزيراً مستقلاً عقب سيطرة حركة «حماس» على قطاع غزة بالقوة في العام 2007. و شغل بعض الوزراء أكثر من حقيبة. لكن تلك الحكومة واجهت تحديات كبيرة أبرزها أن جل أعضائها من المستقلين الذين لا يحظون برصيد فصائلي وشعبي كبير. واستغل فياض بدء الحوار الوطني قبل بضعة شهور لتقديم استقالة حكومته بهدف إعادة تجديدها في حال التوصل أو عدم التوصل إلى اتفاق. لكن بعد فشل الحوار في التوصل إلى اتفاق عمد إلى توسيع الحكومة وتعزيزها بممثلين عن الفصائل، حرص على أن يكونوا قادرين على إدارة وزارات خدمية. ويحظى فياض بدعم دولي، إذ عمل وحكومته في إطار وسقف برنامج منظمة التحرير الفلسطينية المقبول دولياً. وفي المقابل، اعتبرت حركة «حماس» إعلان هذه الحكومة «خطوة انقلابية على حوار القاهرة». وقال القيادي في الحركة ممثلها في لبنان أسامة حمدان ل «الحياة» إن «هذه الخطوة هي إعلان بإنهاء الحوار وتهديد له». وأضاف أن عباس «لم يستمع إلى نصائح المصريين ولم يتجاوب مع موقفهم إزاء هذه المسألة». وأكد أن «حماس لديها إصرار على إنجاح الحوار، لكن هذه الخطوة كشفت أن عباس يسعى إلى إفشاله، وخطوته هذه موجهة قطعاً ضد الحوار ونحن نعتبرها انقلاباً على الحوار لأن أحد العناوين الرئيسية للحوار هو تشكيل حكومة وفاق وطني... هذه الخطوة الاستباقية تضع حقائق على الأرض تتجاوز الحوار، ولابد من إعادة تقويم الموقف».