لا يعرف معنى ضجيج العرب إلا من يغوص في أعماق العمل الفردي والجماعي الذي يسير عليه موزعو نوتة العمل العربي في المحافل الدولية. أكتب لكم من هنا من مدينة روتردام الهولندية، حيث تقام بطولة العالم لكرة الطاولة، وحيث يتضح فوارق العمل بين العرب وبقية دول العالم جلياً بدون رتوش وبدون مجاملة فالعين المجردة لا تكذب ولا تتجمل. اللاعبون واللاعبات العرب أتوا من كل فج عميق، وبقضهم وقضيضهم، فقذفت بهم اللجنة المنظمة للبطولة في القاعة المعزولة، وهي القاعة رقم واحد من ضمن القاعات المخصصة للمنافسات عدا القاعة الرئيسة حيث المتعة والفن والهندسة. العرب شقوا طريقهم نحو الخروج المبكر، وتساقطوا كأوراق الخريف، وطاحوا ولا أحد سمى عليهم، نعم العرب في قاعة كانت مواقف للسيارات، وتم وضع عدد من الطاولات فيها ومدرجات متحركة تزول بزوال اللاعبين واللاعبات العرب، كان الثنائي المصري أحمد صالح وسيد لاشين الوحيدين اللذين حفظا للعرب ماء الوجه، إن كان عندهم وجه وماء، أحمد صالح يحتل التصنيف 112 على العالم وهو مركز متقدم للغاية، وكاد يقفز للأمام عدة مراكز ويكسر حاجز المئة للاعبين العرب، ولكنه بعد تصدره لمجموعته سقط أمام لاعب مكسيكي وفقد بالتالي كل حظوظه، اللاعب سيد لاشين كان أسعد حالاً من صالح، وواصل طريقه حتى دخل القاعة الرئيسة وهي لكبار المصنفين في العالم، وحاول سيد لاشين تقديم كل ما لديه، ولكن ماء اللاعب الذي قابله زاد على طحين العرب فخرج سيد لاشين بنفس السرعة التي شرف فيها القاعة الكبرى. العرب وزعوا أوقاتهم بين التسوق، والتندر والاجتماعات التي تنتهي بدون قرارات، وجلسات المركاز في بهو مدخل الصالة التي تقام عليها البطولة، التي تختتم اليوم، وحال العرب يعطي دلالات واضحة بأنهم يسيرون بالعرض في الشارع، ولا يستوعبون آلية العمل التي سار عليها الآخرون، ولا يعرفون كيف أصبح الآخرون في الواجهة وهم في خلف الصفوف. منتخبات مصر حضرت للمشاركة والاستفادة، وبقية المنتخبات التي حضرت كانت مشتتة متسوقة مبهورة ضائعة كضياع ما بين المحيط والخليج، أما الدول التي لم تشارك فقد كشفت ما هو أسوأ من وضع المشاركين، بل إن أدهم شرارة رئيس الاتحاد الدولي انتقد الدول الغائبة علناً. إذا كانت مشاركة العرب سلبية وباهتة، فإن الحكام العرب كان لهم حضور رائع وكانوا نموذجاً مختلفاً عن القيادات الإدارية وعن كافة اللاعبين واللاعبات، ولا عزاء للغائبين ولا للمعزومين من ضمن المعازيم. [email protected]