تتنفس «أسواق الجمعة» في بغداد هذه الأيام، بعدما خفَّتْ حدة التظاهرات التي كانت تجري بالقرب منها منذ بدأت في شباط (فبراير) الماضي، للمطالبة بالإصلاح السياسي وتوفير الخدمات، إذ خصص المتظاهرون الجمعة من كل اسبوع لتنظيم الاحتجاجات والاعتصامات في الساحات العامة، وأبرزها ساحة التحرير وسط العاصمة. ومعروف ان ساحة التحرير في منطقة الباب الشرقي، تتوسط أسواقاً شعبية مختلفة تعمل في ايام الجمع فقط، أبرزها اثنتان: سوق «هرج» وسوق «الغزل»، الأولى للملابس المستعمَلة والحاجات الرجالية المتنوعة، والثانية لبيع الحيوانات وشرائها، إلاّ أن الإجراءات الامنية المشدّدة التي تتخذها الحكومة العراقية لتطويق التظاهرات عطلت هذه الأسواق. يقول سمير فرج، بائع الملابس العسكرية في منطقة الباب الشرقي، إن «القوات الأمنية تغلق الشوارع المؤدية الى ساحة التحرير، وهي شوارع «السعدون»، و «أبو نواس»، وجسرا «الجمهورية» و «السنك»، الامر الذي يمنع وصول المواطنين الى السوق بسهولة، ويتراجع عددهم أيضاً، بسبب المخاوف من حدوث تفجيرات او مواجهات مع قوات الامن، الأمر الذي أدى إلى الإضرار بعملنا كثيراً خلال الأسابيع الماضية». ويلفت إلى أنه «في الاسابيع الثلاثة الماضية، تراجع حجم تظاهرات ساحة التحرير كثيراً، ولم تغلق الطرق بشكل كامل، ما سمح بعودة النشاط التجاري الى منطقة الباب الشرقي، كما هو المعتاد يوم الجمعة من كل أسبوع». وكانت قيادة عمليات بغداد دعت الى حصر التظاهرات في ملاعب كرة القدم، لكن جهات سياسية وشعبية عدة عارضت الفكرة، وأصرت على التظاهر في الأماكن العامة، سيما في ساحة التحرير. ويتوقع قاسم عبد، صاحب محل في سوق الغزل القريب من منطقة الباب الشرقي، أن تتصاعد التظاهرات مجدداً مع انتهاء فترة المئة يوم، التي حددها رئيس الوزراء نوري المالكي لتقييم أداء الحكومة والوزراء، وتهديده بإقالة «المقصِّر» منهم. ويضيف قاسم: «نعتقد ان هناك تعمداً في فرض حظر تجول جزئي وسط العاصمة، لمضايقة المارة والمتبضِّعين والبائعين، لخلق حالة تذمر من التظاهرات، لكنه لمس أن التذمر حصل من الإجراءات الامنية المشددة، وليس حصراً من المتظاهرين الذين ينادون بمطالب مشروعة وعادلة». ويتابع: «إننا نعمل يوماً واحداً في الأسبوع هو الجمعة، لذا نطالب بأن تكون الإجراءات الامنية حول المتظاهرين فقط لحمايتهم، وأن تشمل كل المناطق المجاورة، لأن هذا يسبب لنا ضرراً مادياً كبيراً». ويتوقع المراقبون ان يشهد فصل الصيف تذمراً شعبياً جديداً، بسبب الشح في التيار الكهربائي ودرجات الحرارة المرتفعة وتكرار ما سمي العام الماضي ب «انتفاضة الكهرباء»، يضاف الى ذلك الحشد الشعبي الذي تمارسه حالياً جهات سياسية ودينية عدة للمطالبة برحيل القوات الاميركية نهايةَ السنة الجارية، وآخرها دعوة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر قبل يومين، المتظاهرين في العراق إلى تكثيف احتجاجاتهم ضد وجود الاحتلال الاميركي.