شهدت بغداد وعدد من المدن العراقية أمس تظاهرات حاشدة دعا إليها ناشطون مدنيون ومواقع التواصل الاجتماعي (فايسبوك وتويتر) في مناسبة انتهاء المئة يوم التي حددها رئيس الوزراء نوري المالكي لإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية وخدمية وانتهت الثلثاء الماضي. وفي خطوة غير مسبوقة سير حزب «الدعوة»، بزعامة المالكي، تظاهرة مؤيدة له شارك فيها رجال عشائر ومناصرون للحزب نقلوا إلى ساحة التحرير بواسطة سيارات حكومية تابعة لوزارة النقل. وانقسم المتظاهرون في الساحة الى مجموعتين، الأولى أشرفت السلطات على تنظيمها وطالبت بتنفيذ أحكام الإعدام بمرتكبي جريمة قتل 70 شخصاً كانوا يشاركون في عرس في ضواحي بغداد الشمالية حملت شعار «جمعة القصاص»، والثانية تظاهرة دعا إليها ناشطون مدنيون منذ أسابيع وهتفوا بسقوط الحكومة ومكافحة الفساد والبطالة والمحاصصة مطالبين بتوفير الخدمات تحت شعار «جمعة القرار». وتجمع المئات من المتظاهرين في الساحة غالبيتهم من العشائر، ورجال دين شيعة، رافعين لافتات تطالب بإعدام منفذي جريمة «عرس الدجيل» في منطقة التاجي التي قتل خلالها عناصر من تنظيم «القاعدة « 70 مواطناً، بينهم العروسان و22 طفلاً. وأفادت مصادر أن «محافظة بغداد التي يرأسها حزب الدعوة وافقت على منح إجازة لهؤلاء المتظاهرين الذين انتقدوا الرئيس جلال طالباني لعدم توقيعه قرارات تنفيذ أحكام الإعدام بحق المسلحين الذين ارتكبوا جرائم قتل وهناك الآن 1134 مداناً صدرت أحكام قضائية بإعدامهم. ورفع المتظاهرون صوراً لزعيم ائتلاف «العراقية» أياد علاوي الى جانب صور المتهمين بالقتل وهم يهتفون تأييداً الحكومة ويمزقون صور علاوي بالإضافة الى حملهم صور ضحايا العرس ولافتات كتب عليها «نطالب بإعدام قتلة الشعب» و «نطالب بالكشف عمن يقف وراء مجرمي عرس التاجي»، و «لا حياة لمن سلب الحياة»، و «نطالب بتنفيذ أحكام الإعدام في ساحة التحرير». من جهة ثانية، سيطر الخوف على المشاركين في التظاهرة الثانية التي دعت إليها مواقع التواصل الاجتماعي وناشطون مدنيون بعدما فوجئوا بوجود المئات في الساحة منذ الصباح الباكر وهم يهتفون تأييداً للمالكي. وعندما بدأ المعارضون هتافاتهم ضد الحكومة مطالبين بإسقاطها وإجراء انتخابات مبكرة هجم مناصرو المالكي عليهم ما أدى الى اشتباكات. وشارك في التظاهرة التي دعا إليها ناشطون مدنيون المعتقلون الشباب الأربعة الذين اعتقلتهم السلطات الأمنية قبل أسبوعين، لكنها عادت وأطلقت سراحهم الثلثاء بعد ضغوط شعبية ودولية. ورفع المتظاهرون لافتات كتب عليها «الشعب يريد إسقاط حكومة المالكي» و «كذاب نوري المالكي» و «نريد القصاص من الفاسدين» و «ندعو لضمان الحريات العامة» رافعين الأعلام العراقية. ووصف ائتلاف «العراقية» التظاهرة المؤيدة للحكومة بأنها مضادة لتظاهرة الناشطين المدنيين وهي «أمر مخجل». وقال عضو «العراقية» أركان زيباري ل «الحياة» إن «ما قام به رئيس الوزراء مشابه لما قام به الرئيسان اليمني علي عبد الله صالح والمصري حسني مبارك». وأوضح أن «القائمين على التظاهرة داخل الحكومة أرادوا تحويلها الى مناسبة لتشويه سمعة القائمة العراقية وقادتها واحتواء التظاهرة الشعبية في الجانب الآخر التي جرت في مناسبة انتهاء مهلة المئة يوم التي أعلنها المالكي». ولفت الى أن «ما جرى أمس يعمل على صب الزيت على النار ويفتح البلاد على احتمالات خطيرة». وعبرت مجموعة «شباب نصب الحرية» وهي إحدى المجموعات التي تنظم الاحتجاجات عن الاستياء من عدم إنجاز الوعود بالإصلاح وقالوا في بيان: «استمعنا ليومين متتاليين وباهتمام وحرقة عن منجزات أكبر وزارة في العالم فلم نجد في كل مناقشات الوزراء مشكلات الشعب وهمومه ولم يفهموا الرسالة التي من أجلها خرجنا الى الساحات». وأضاف البيان إن «الشعب يريد الكهرباء وهم يتحدثون عن افتتاح وتوسيع السجون والشعب يريد الخدمات وهم يتحدثون عن ضياع الأموال الشعب يريد عراقاً معافى وهم يتحدثون ويسافرون من أجل تحسين علاقات لا تفيد العراق بل تصب في مصلحة الطرف الآخر». وأشار الى أن «جمعة القرار ضد آلة الكذب العملاقة التي يديرها 43 وزيراً فهؤلاء ومن يقف خلفهم يستغفلون عقول الشعب ويضحكون عليه بمشاريع ومنجزات وكأنها تحدث في عالم آخر وليس في بلدنا حيث الخراب الكبير وعلى كافة المستويات». وفي الديوانية تظاهر العشرات للمطالبة بحل مجالس المحافظات وتوفير الخدمات الضرورية للمواطنين فيما فرضت القوات الأمنية إجراءات مشددة لحماية المتظاهرين. وركزت تظاهرة في مدينة النجف ضمت قوى وأحزاباً وناشطين مدنيين على المطالبة باستقالة الحكومة وإجراء انتخابات مبكرة، ورفعت لافتات مؤيدة للتظاهرات في ساحة التحرير في بغداد. وفي كركوك وبابل استطاع الحزب الشيوعي حشد العشرات من أهالي المدينتين في تظاهرات طالبت بإجراء إصلاحات سياسية وخدمية، وكان بين المتظاهرين في كركوك عدد من منتسبي شركة نفط الشمال للمطالبة بتفعيل قانون العمل النقابي. وفرقت قوات من الجيش المئات من المتظاهرين في تقاطع الحضرة المحمدية وسط الفلوجة في محافظة الأنبار، بحجة أن التظاهرة غير مرخصة.