طرأت تقلبات حادة على أسعار النفط خلال النصف الأول من الشهر الجاري إذ انخفضت الأسعار نحو 15 في المئة خلال الأسبوع الأول من أيار (مايو)، أو نحو 17 دولاراً للبرميل، بسبب المبيعات الواسعة والضخمة لمواد السلع الأولية، منها النفط، لتنخفض الأسعار إلى أقل من مستوى مئة دولار للبرميل لفترة قصيرة جداً. لكن سرعان ما عاودت أسعار النفط الارتفاع الى معدلاتها السابقة، فصعد سعر سلة نفوط «أوبك» إلى أكثر من 111 دولاراً للبرميل في 10 آيار. ويرجح أن السبب وراء هذه التقلبات التخوف من صحة الاقتصاد العالمي بعد الأزمة المالية الدولية، خصوصاً إمكانية انتعاش الاقتصاد، في ظل ارتفاع أسعار السلع الأولية. معروف أن الفترة الحالية تشهد ضغطاً كبيراً على النفط الخفيف القليل الكبريت الذي كانت تنتجه ليبيا، كما أن هناك شحاً في تصدير النفط اليمني، بسبب نسف أنبوب النفط الخام الرئيس الذي ينقل النفط من مأرب إلى البحر الأحمر. لكن على رغم هذه الانقطاعات في الإمدادات، هناك زيادة في إنتاج النفط من الدول المنتجة خارج منظمة «أوبك»، تقدر بنحو 600 ألف برميل يومياً مستوى متوسطاً في 2011، إضافة الى استخدام بعض دول «أوبك» طاقتها الإنتاجية الفائضة لتعويض الأسواق عما فقدته من النفط الخام. وفي الوقت ذاته، تشير التوقعات إلى احتمال زيادة الطلب العالمي على النفط بنحو 1.4 مليون برميل يومياً عام 2011، مقارنة بزيادة نحو 2.1 مليون برميل يومياً عام 2010. وما يساعد على النمو العالي في الطلب التحسن المستمر في الاقتصاد الصيني والنتائج المترتبة على الزلزال الياباني. ويُتوقع في المستقبل المنظور أن يؤدي فيضان نهر الميسيسيبي الأميركي إلى نقصان كبير في مخزون البنزين في الولاياتالمتحدة، في الوقت ذاته الذي يبدأ فيه ارتفاع الطلب على البنزين مع بدء الإجازات والعطل الصيفية إذ يرتفع استهلاك البنزين إلى أعلى مستوياته خلال الفترة ما بين نهاية أيار وبداية أيلول (سبتمبر) من كل سنة. ففيضان الميسيسيبي سيؤدي الى توقف العمل في عدد من المصافي الجنوبية الأميركية التي تقع بمحاذاة النهر. وهناك نحو 11 مصفاة على النهر ما بين نيو أورليانز وباتون روج، تؤمّن نحو 13 في المئة من المنتجات البترولية في الولاياتالمتحدة ومعروف أن ارتفاع سعر البنزين في الولاياتالمتحدة، الذي يراوح على مستويات عالية حالياً بحدود أربعة دولارات للغالون، سيؤدي بدوره الى زيادة اسعار النفط الخام عالمياً، لما من أهمية للسوق الأميركية على الأسواق العالمية. وبالفعل نجد أن أسعار البنزين المستقبلية ارتفعت نحو 3.1 في المئة في 9 أيار بسبب تهديد فيضانات نهر الميسيسيبي المصافي والمواصلات عبر النهر وسكك الحديد. ويتوقع أن تتأثر الأسعار في الفترة القريبة المقبلة بالتكهنات والتصريحات حول مؤتمر «أوبك» الوزاري في 8 حزيران (يونيو) في فيينا، وفيما إذا ستغير المنظمة سقف الإنتاج المتفق عليه منذ اجتماع وهران في خريف 2008. وبدأت التصريحات والتقارير والتسريبات الصحافية المتناقضة حول ما هو المطلوب من «أوبك» إنتاجه في المرحلة المقبلة. وباختصار، تشير مصادر «أوبك» إلى أن على رغم ارتفاع الأسعار، فإن الإمدادادت النفطية كافية ومتوازنة، وخير دليل على ذلك هو مستوى المخزون التجاري للنفط الخام الأميركي الذي بلغ أخيراً نحو 365 مليون برميل، ما يعني أنه وصل الى مستويات عالية جداً. وتضيف «أوبك» أن من المؤشرات الإيجابية لاستقرار الأسعار، طاقة إنتاجية فائضة، ومعدلات عالية من المخزون التجاري للنفط الخام، وطلباً أقل على نفوط المنظمة. أما بالنسبة إلى الدول المستهلكة، فهناك الخوف من استمرار معدلات الأسعار العالية وأثارها على النمو الاقتصادي في بلادهم. وثمة توقعات باستمرار التذبذبات في الأسعار، وسيشكل مؤتمر «أوبك» الوزاري أوائل الشهر المقبل منعطفاً مهماً في المسيرة المستقبلية للأسعار. * مستشار لدى نشرة «ميس» النفطية