طوكيو - أ ف ب - «التشرد كان يعتبر في الماضي، جنحة» يقتصر على من هم بلا مأوى وبلا نقود ومن دون وثائق شخصية... ولكن بالنسبة للرسام الفرنسي فينسان لوفرانسوا الذي يقطن في اليابان، فإن التشرد في الأحياء اليابانية هو مصدر غنى مسلسلاته المصورة. وفي حين يجد أي فنان ينتقل إلى الأرخبيل، نفسه غريباً ويتجه سريعاً إلى الكاريكاتور، إلا أن فينسان لوفرانسوا النصف غربي والنصف ياباني، ينظر بعين ثاقبة الى ما هو أبعد من المظاهر البسيطة. «لا أملك معرفة دقيقة بالثقافة اليابانية أو التاريخ الياباني، كل شيء يتولد من المشاعر ومن خيالي. لكنني مع ذلك قادر على تمييز ما هو مهم في ما أراه»، يقول الرسام الفرنسي. يروي لوفرانسوا (44 سنة) قصصاً صغيرة تسلط الضوء في شكل شاعري على عنصر محدد في الجو أو في المشهد أو في الشخصيات، غالباً ما لم يعد اليابانيون يتنبّهون له، لكثرة ما اعتادوا عليه. «شكل القصص القصيرة أساسي. رسوماتي لا تعبر عن مشاعري كما اريد، لكن القصص القصيرة تفعل»، يشرح لوفرانسوا. وكما يقول ناوكي أوراساوا مؤلف مسلسلات ال «مانغا» اليابانية المصورة، انه لا بد من «اساس حقيقي وحبكة دقيقة تمنح صدقية ضرورية لكي تتمكن من سرد أكاذيب كبيرة»، فإن لوفرانسوا يمزج ما بين الحقيقة والخيال. ويوضح الرسام الذي يقوم أيضاً بتحويل رسومات مسلسلات الياباني جيرو تانيغوشي المصورة التي تنشر باللغة الفرنسية: «انا لا أصور الواقع كما هو، ولكنني لا أغشّ أيضاّ. فأنا أبحث دوماً عن وسيلة للفت الانتباه الى النقاط المحورية». ويقوم لوفرانسوا بتدعيم كلامه بصورة مدينة يناغاوا الصغيرة التي تخترقها أقنية المياه، قائلاً: «حيث المياه هي حتماً الروح. والدليل انه يكفي إزالتها للتنبه إلى انها العصب». ويضيف: «أتنبه كثيراً لكل ما يجرى من حولي. حتى بعد قضاء 20 سنة في اليابان، تبقى مراقبة حياة الناس مصدراً للوحاتي التي لا تنضب. قدرتي على الدهشة لم تمس». في مسلسل مصور بعنوان «وانديرينغ مايند» نشرته مجلة «اساهي ويكلي» اليابانية، يحمل لوفرانسوا اليابانيين على إعادة اكتشاف سحر ومسارات المدينة والريف «من دون إثارة اي حنين»، كما يوضح. ويشير: «عندما أبتكر قصتي، أفكر بالقارئ الياباني. لا وقت لدي لشرح الديكور، ولهذا على كل شيء أن يكون معقولاً»، مشدداً على انه يتحدث عن منطقة كيوشو (جنوبي اليابان) التي تبنته وعن مدينته المفضلة فوكووكا، وليس عن العاصمة. «طوكيو مدينة في اليابان وليست اليابان»، كما يقول هذا الرسام المولود في روين (شمال غربي فرنسا)، الذي يمر طيفه في صور قصصه الصغيرة. ويؤكد: «وجودي الجسدي في هذه الجولات ضروري، لأنها نظرتي، وإحساسي. لا أستطيع أن أقوم بذلك بطريقة مغايرة، فهذه ليست سيرة ذاتية ولا رواية ذاتية وإنما مشاعر ذاتية». ويلفت لوفرانسوا الى أنه يسعى الى إقامة رابط بين الثقافتين عندما يتحدث عن أمور تمس القارئ الياباني، مذكراً بأن اليابانيين يحبون رؤية صورتهم في عيون الغرباء. وعما إذا كان أسلوبه بدأ يقترب من أسلوب ال «مانغا»، يجيب الرسام الفرنسي «أسلوبي ليس متأثراً على الإطلاق بالمانغا وإنما بالمسلسلات البلجيكية - الفرنسية المصورة. كما لا أريد أن أوقع اي مسلسل مانغا». ووصف لوفرانسوا «جولات التشرد» هذه بأنها «وسيلة لأردّ الى اليابان ما قدمته لي». وستعرض مسلسلات فينسان لوفرانسوا المصورة أو ما يسمى ب «فاغابونداج» في المعهد الفرنسي - الياباني في طوكيو، بدءاً من 31 أيار (مايو) الجاري.