«في الأجل الطويل كلنا سنموت»، مقولة تنسب لعالم الاقتصاد الشهير جون مينارد كينز، الذي كان يرى أن السياسات الاقتصادية يجب أن تركز وتنجز في الأجل القصير، ويرى أن الأجل الطويل ماهو إلا مجموعة من الآجال القصيرة. ومناسبة هذا الكلام هو ماقاله وزير المالية الدكتور إبراهيم العساف من أن زيادة الإنفاق الحكومي على مشاريع الإسكان ستؤدي لانخفاض التضخم في المدى الطويل، وبحسب تصريحه لوكالة «رويتر» فإن الإنفاق الحكومي المرتفع سيؤدي بالضرورة إلى زيادة الضغوط التضخمية، لكنه قال إنه سيكون له تأثير إيجابي على التضخم في المدى البعيد. ولست بالطبع مع إيقاف أو تقليل الإنفاق الحكومي، ولكن لماذا لا تقلل المالية نفقات الخدمات الأخرى مثل الجوازات والإقامات والرخصة والبريد وغيرها، إذ تكون زيادة التضخم محصورة في الإنفاق على السكن فقط، وبحيث يتحمل المواطن الزيادة هنا في مقابل خفض تلك، ويكون في الأجل القصير متعادلاً على الأقل. فيا أيها الوزير، الناس تهتم بيومها وغدها القريب، ولن يجدي التطمين بأنهم سيكونون أفضل في الأجل الطويل، ولا يريد أحد أن يموت مديوناً بانتظار الأجل الطويل. - قال وزير الزراعة الدكتور فهد بالغنيم في حديثه في خميسية حمد الجاسر، «إن الدولة تشتري كيلو القمح ب3.5 ريال، وإن أي واحد عنده 100 ألف ريال أعتبره «خبل» إذا لم يستثمر في زراعة القمح التي تنعم بدعم غير محدود». كلام الوزير بالتأكيد كان عن الماضي فقط، وليس اليوم، فكيلو القمح خفض من 3.5 ريال إلى ريالين فقط في 1404ه. ومن ثم خفض مرة أخرى إلى ريال واحد قبل أربع سنوات تقريباً. وبالتالي فمن عنده 100 ألف ولم يشتر قمحاً ف«ليس خبل»، لأن «تريلة» القمح ذات وزن ال 50 طناً لا يعود من ورائها إلا حوالى 40 ألف ريال بعد خصم الزكاة والشوائب، وهو أمر غير مجد اقتصادياً، لأن إنتاج 50 طناً من القمح يتطلب بذوراً وأسمدة وسقيا وديزل وعمالة تكلف أكثر من 40 ألف ريال، وهو السعر الذي تدفعه الصوامع للمزارع. الأكيد أن الزراعة انتهت، وستبقى قصتها حدوته ترويها الأجيال لمن يأتي بعدها، كما رواها الوزير لرواد الخميسية، بشرط أن تسبق بجملة «كان ياما كان». يبدو أن الجماعة في مجلس الشورى وفي الخطوط السعودية عرفوا أن أسعار «التبن» مرتفعة بعد اختفاء الشعير من الأسواق، فأرادو تبيان غلاء محدثيهم من المواطنين بعبارة:«كل تبن». فعضو مجلس الشورى يقول لمحدثه على «تويتر»: «كل تبن»، وموظف الخطوط يرد على مواطن يطلب الخدمة ويدفع مقابلها بالعبارة نفسها، والدليل على أن المقصود بالعبارة الغلاء والتقدير وليس شيئاً آخر، وعضو مجلس الشورى لم يعتذر حينما سنحت له الفرصة، بل خرج في حوار الأسبوع الماضي على صفحات «عكاظ» يقول: «فجاء رد فعلي بالكلمة الدارجة لدينا «كل تبن» وتعني «اسكت» لا أكثر، وهي من الكلمات التي تقال لصديق، ولست نادماً على ما قلت، وأعتقد أنني قصرت في رد الإساءة بالإساءة». انتهى كلامه حفظه الله، فقد زادنا علماً وكشف جهلنا بأن العبارة بسيطة وتقال للأصدقاء، وأريد أن اسأله فقط أين يجد صديقاً يصبر عليه وهو يقول له «كل تبن»؟. * اقتصادي سعودي - بريطانيا www.rubbian.com