مصراتة، طرابلس، لندن - «الحياة»، أ ف ب، رويترز - احتفل الثوار الليبيون الخميس بدحر قوات معمر القذافي عن مصراتة ثالث كبرى المدن الليبية، في وقت أعلنت الحكومة الليبية مقتل صحافيين معروفين بقصف شنته طائرات حلف شمال الأطلسي (الناتو) على باب العزيزية مقر الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي. وسيطر الثوار على مطار المدينة الواقعة في غرب البلاد الأربعاء بعد معارك طويلة وعنيفة، بحسب مراسل لوكالة «فرانس برس». وكانت المدينة خاضعة لحصار قوات النظام منذ شهرين تقريباً. وبحلول بعد ظهر الأربعاء كان الثوار يفرضون سيطرة كاملة على المنطقة، مما أدى إلى بدء احتفالات استمرت طوال الليل، كما أضرمت النيران في دبابات تركتها قوات القذافي عند هروبها. وقال صلاح بادي الذي قاد الهجوم على المطار إن الثوار باتوا على بعد عشرة كلم فقط من زليتن في الغرب وإنهم سيواصلون التقدم بعد الاستراحة من المعركة الأخيرة. وتُعتبر السيطرة على المطار إنجازاً مهماً لأن المدينة كانت شبه مقطوعة عن العالم والمرفأ فيها صلة الاتصال الوحيدة على رغم تعرضه للقصف مراراً. وحذّرت جمعيات الدفاع عن حقوق الإنسان من كارثة إنسانية في المدينة البالغ عدد سكانها 500 ألف نسمة والتي تواجه نقصاً في الطعام والمعدات الطبية. وقال مراسل وكالة «فرانس برس» إن المطار «دُمّر تماماً» وإن هناك حرائق مشتعلة حوله. وزعم بادي أن ضباط قوات القذافي تراجعوا وأرغموا الجنود على البقاء. وقال إن قسماً منهم حاول مواصلة القتال لكن غالبيتهم حاولوا الهروب متخفين في ملابس مدنية. وفي طرابلس وقعت أربعة انفجارات متتالية في وقت مبكر الخميس بينما سمعت طائرات نفاثة وهي تحلق فوق العاصمة. وسمعت الانفجارات في محيط باب العزيزية حيث مقر الزعيم الليبي معمر القذافي. وكذلك اهتزت النوافذ في الفندق الذي ينزل فيه المراسلون الأجانب في العاصمة الليبية. وشوهد عمودان من الدخان الأبيض فوق المدينة بعيد دوي الانفجارات كما سمعت صفارات سيارات الإسعاف بالإضافة إلى أصوات عيارات نارية متقطعة. وأوضح مسؤولون حكوميون ليبيون أن قصف طائرات «الناتو» أوقع ستة قتلى وعشرة جرحى. وقال مسؤول: «سقط ثلاثة قتلى هنا وثلاثة في مكان آخر»، كما أصيب عشرة بجروح، مشيراً إلى أكياس الرمل المتناثرة قرب فجوة في الأرض في شارع بمجمع باب العزيزية. وقال مسؤول آخر في النظام هو موسى إبراهيم خلال مؤتمر صحافي لوسائل الإعلام العربية والأجنبية إن الغارات قتلت صحافيين معروفين كانا يقومان بعملهما المهني وقتلت شخصاً ثالثاً كان برفقتهما. وشن هجوماً عنيفاً على الثوار وحلف «الناتو»، قائلاً إن بلاده قبلت كل مبادرات الحل التي قدمها الاتحاد الأفريقي وتركيا لكن الطرف الآخر رفضها. كذلك شن هجوماً عنيفاً على الإمارات وقطر اللتين تدعمان الثوار. ووقعت الانفجارات في باب العزيزية بعد ساعات فقط على قيام التلفزيون الرسمي الليبي في وقت متقدم ليل الأربعاء - الخميس بعرض تسجيل للقاء بين القذافي وزعماء قبائل، وهو أول ظهور له منذ غارة شنها الحلف في 30 نيسان (أبريل) وقال النظام الليبي إنها محاولة لاغتيال زعيمه. وقال النظام آنذاك إن الغارة أدت الى مقتل سيف العرب، نجل الزعيم، وثلاثة من أحفاد هذا الأخير في ما وصفه ب «محاولة مباشرة لاغتيال زعيم البلاد». وأشار التلفزيون الرسمي إلى أن التسجيل كان للقاء بين القذافي ومسؤولين قبليين من شرق البلاد التي يسيطر عليها الثوار. وأفاد مسؤول ليبي لوكالة فرانس برس أن التسجيل التقط قرابة الساعة 7,30 مساء (17,30 تغ). ويشن تحالف دولي ضربات على القوات الموالية للنظام منذ 19 آذار (مارس). وتولى حلف شمال الأطلسي قيادة تلك العمليات في 31 آذار. وفي واشنطن، أعلن مسؤولون أن الشحنة الأولى من المساعدات الأميركية غير العسكرية وصلت إلى الثوار في مرفأ بنغاري (شرق) التي يسيطر عليها هؤلاء. وصرح الناطق باسم وزارة الخارجية مارك تونر بأن المساعدة التي وصلت الخميس «تتألف من أكثر من 10 آلاف وجبة طعام (حلال) جاهزة للأكل». وأضاف تونر أن «مواد أخرى في الطريق ومن بينها معدات طبية وبذات وأحذية عسكرية وخيم ومعدات للحماية الشخصية». من جهته، صرح السناتور الأميركي جون كيري بأنه يعد تشريعاً ينص على استخدام أصول مجمدة للقذافي لتأمين مساعدات إنسانية للثوار. وقال كيري إن «ما يطلبونه هو ببساطة دعم إنساني وتقني. أي الدعم الذي سيحتاجون إليه بعد سقوط النظام». وبدأت حركة الاحتجاج الشعبية في ليبيا في أواسط شباط (فبراير)، إلا أنها لاقت مقاومة عنيدة على رغم سيطرتها على قسم كبير من شرق البلاد وإقامة معقل في بنغازي. وفي معارك أخرى، قتل عناصر موالون للنظام اثنين من الثوار على الأقل وأصابوا 15 بجروح بالقرب من بلدة الزنتان (غرب) التي يسيطر عليها الثوار، بحسب مراسل ل «فرانس برس». كما تعرض ثوار لرصاص قناصة عند دخولهم بلدة الرياينة (15 كلم تقريباً شرق الزنتان)، بحسب المراسل نفسه. وفي لندن، قال قادة عسكريون بريطانيون إن تمديد حملة القصف الجوي على ليبيا لأكثر من ستة شهور سيمثّل ضغوطاً على القوات المسلحة البريطانية المثقلة بعمليات متزامنة في ليبيا وأفغانستان. وقال القادة الدفاعيون في شهادة أمام لجنة برلمانية أول من أمس إن حاملة الطائرات وطائرات المراقبة التي تم الاستغناء عنها في إطار خفض نفقات الدفاع كانت ستنفع في الحملة الجوية في ليبيا. وأحرجت وجهة نظر قادة الدفاع الحكومة الائتلافية البريطانية التي تشكلت قبل عام والتي أمرت بمشاركة القوات البريطانية في قصف ليبيا بعد أشهر معدودة من قرارها خفض الإنفاق على الدفاع بنسبة ثمانية في المئة خلال أربع سنوات في اطار سعيها إلى السيطرة على عجز الموازنة. وتقوم الطائرات وسفن البحرية البريطانية بدور قيادي في قصف قوات الزعيم الليبي معمر القذافي. كما يقاتل نحو 10 آلاف جندي بريطاني في الحرب ضد طالبان في أفغانستان. والقوات البريطانية هي ثاني أكبر قوة مشاركة في الحرب الافغانية بعد قوات الولاياتالمتحدة. وقال ستيفن دالتون قائد السلاح الجوي للجنة الدفاع في البرلمان البريطاني: «هناك أوقات في العملية تكون فيها القدرات مضغوطة بدرجة يصعب جداً معها قيامنا بأي شيء آخر». وسئل قائد البحرية الأميرال مارك ستانهوب عن تأثير تمديد العملية في ليبيا على القوات البريطانية - ربما لأغراض انسانية - فأجاب أن البحرية يمكنها تنفيذ عملية نشر تستمر ستة أشهر. وقال انه سيصعب توفير عدد السفن المطلوب لتنفيذ العملية في ليبيا وفي الوقت نفسه الحفاظ على الالتزامات الأخرى في الخارج. بينما قال الجنرال بيتر وول قائد الجيش البريطاني ان الجيش «يضع الافراد وعلاقاتهم بأسرهم تحت ضغط هائل».