عزا طبيب سعودي متخصص تزايد حالات الإصابة بالسرطان في ثلاث مناطق سعودية إلى ارتفاع نسبة غاز «نيتروجين الدايوكسيد»، وتجاوزه الحدود الطبيعية، مستنداً إلى دراسة مسحية نُفذت العام الماضي، أثبتت علاقة هذا الغاز بتنامي حالات الإصابة بالسرطان في الرياضوالشرقية ومكة المكرمة. وذكر أن نسبة الإصابة بين الرجال في المناطق الشمالية تصل إلى أقل من واحد في المئة. إلا أنه انتقد الجهات الصحية السعودية، التي لا تنشر «إحصاءات رسمية ودقيقة» عن حالات الإصابة. وقال استشاري أمراض السرطان في «مركز الخليج لمكافحة أمراض السرطان» في مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض الدكتور صالح العثمان، في تصريح إلى «الحياة»: «إن غاز نيتروجين الدايوكسيد» الذي اكتشف في الرياض والمنطقة الشرقية ومكة المكرمة، أحد مسببات سرطان الثدي، لافتاً إلى دراسة نفذها الدكتور علي الزهراني العام الماضي، لقياس الغاز من خلال «الستالايت»، التي أشارت إلى علاقته بأمراض السرطان. وأضاف العثمان: «كشفت نتائج هذه الدراسة عن ارتفاع نسبة هذا الغاز في المناطق الثلاث، وتبيّن من خلال توزيع نسب أمراض السرطان في هذه المناطق أن سرطان الرئة والثدي مرتفعان. فيما أثبتت العلاقة الحسابية لنتائج الدراسة أن هذا الغاز من مسببات الأمراض السرطانية»، لافتاً إلى أن نسبة الإصابة من خلال العوامل الوراثية «منخفضة جداً». وشدد على ضرورة «إعطاء إحصاءات متجددة ترسم للمختصين الطريق الصحيح لمعرفة أسرار وعلاج هذا المرض». وطالب ب «نشر البحوث للاطلاع عليها لأن توفيرها للباحث يزيد من نجاح أهدافها». وشارك الدكتور صالح العثمان في مؤتمر «الكشف المبكر عن سرطان الثدي بين الحاضر والمستقبل: دراسة هذا المرض في منطقة الخليج من عام 1998 حتى 2009»، الذي أقيم في الأحساء، بحضور محافظها بدر بن جلوي. وقال: «أظهرت النتائج أن هناك مشكلتين أساسيتين، الأولى أن 60 في المئة من الخليجيات يصلن إلى المستشفى في حالات متقدمة جداً، بين 25 و 30 في المئة فقط يصلن في حالات مبكرة». والمشكلة الأخرى التي تعوق الأطباء – بحسب العثمان – عن عدم الكشف المبكر بواسطة الأشعة أن «نسبة السعوديات المراجعات للمستشفى تصل 58 في المئة، وأعمارهن أقل من 50 عاماً. والمعروف أنه يجب أن تقوم النساء بالكشف المبكر بالأشعة قبل بلوغ ال40 فما فوق»، مشدداً على ضرورة «التوعية ونشر الثقافة الصحية لهذا المرض بداية من المرحلة الثانوية». وذكر أن آخر إحصاء عن السرطانات صدر الأسبوع الماضي لعام 2010، ولكنه «لم يوضح عدد الوفيات والأسباب التي أدت إلى الوفاة والأعمار، وهي أمور تعتبر من الأساسيات للخروج بتوصيات ناجحة والحدّ من هذا المرض». وقال استشاري أمراض السرطان: «نجهل خطراً مستقبلياً يهدد الجيل القادم من الشباب، الذي ربما تظهر بينه إصابات بنسب مرتفعة»، مؤكداً أن «خطر الإصابة سيظهر خلال الأعوام العشرة المقبلة، فهناك ما يُنذر بنسب عالية من الإصابات». واستعرض أبرز المقترحات التي قدمها مركز «الخليج لمكافحة أمراض السرطان»، بالتعاون مع مجلس التعاون الخليجي ومنها: «إيجاد برامج للوقاية من المرض، وسنّ قوانين لمكافحة التدخين خصوصاً بين الأطفال ورفع رسومه، وتكثيف برامج التغذية لطلبة المدارس، وتشجيع ممارسة الرياضة في مدارس البنات والأولاد». إلى ذلك، استعرضت الطبيبة فاطمة الهنائي (سلطنة عمان) برنامج الفحص المبكر عن سرطان الثدي، المنفّذ على مستوى المرافق الصحية كافة. وقالت: «بلغ عدد الحالات المكتشفة 147 حالة، ويعتبر السرطان الأول الذي يصيب النساء في عمان». فيما ذكرت استشارية الأورام الدكتور صالحة البدر (قطر)، أن بلادها دشنت «الاستراتيجية الوطنية لمقاومة السرطان»، التي تسعى «للحدّ من هذا المرض بأنواعه وتوفير الدعم النفسي والمعنوي»، مضيفة «تعاني منطقة الخليج من تأخر النساء في مراجعة العيادات المختصة، حتى أصبحت الحالة المرضية متقدمة جداً، وهذا الأمر يلقي علينا الكثير من العبء في التثقيف وزيادة الوعي». وأشارت البدر إلى آخر إحصاء قطري صدر في عام 2011، كشف عن أن «65 من كل ألف قطري ووافد مصاب بالسرطان، وهذه النسبة مرتفعة»، لافتة إلى أن «أسباب المرض متعددة، ودور الوراثة يراوح بين خمسة وعشرة في المئة من الأسباب، وفي سن مبكرة تراوح بين 40 و 55 في المئة»، مشيرة إلى دور بعض العادات الخاطئة، وكذلك البيئة المحيطة بنا مثل: الأكل وعدم ممارسة الرياضة وأساليب الحياة المترفة، مستدركة بالقول: «على رغم ازدياد الحالات إلا أن الإصابات في دول الخليج والوطن العربي عموماً تُعد قليلة». وتحدث الدكتور خالد الصالح (الكويت) عن تجربة بلاده في الفحص المبكر عن سرطان الثدي. ولفت إلى أن الكويت «الأعلى إصابةً بسرطان الثدي على مستوى الخليج، فمنذ 1985 حتى 2009 ارتفعت نسبة الإصابة إلى الضعف»، لافتاً إلى «دراسة علمية واسعة تنفذ منذ الشهر الماضي، وستظهر نتائجها خلال العام الحالي، حول أهمية الكشف المبكر، وإمكان تحقيق الشفاء والتقليص من الإصابة بسرطان الثدي لدى الخليجيات». بايمين:«الثدي» الأكثر انتشاراً قال مدير إدارة الكشف المبكر عن سرطان الثدي الدكتور عمر بايمين: «إن سرطان الثدي من أكثر السرطانات انتشاراً عند النساء، إذ بلغت الحالات المرصودة في السجل السعودي للأورام عام 2008، 1152 حالة بنسبة تجاوزت 25 في المئة من جميع السرطانات عند النساء، وبنسبة 14 في المئة من جميع السرطانات في المملكة». واستند بايمين إلى أن نتائج إحصاءات السجل السعودي للأورام لعام 2009، مضيفاً: «إن عدد حالات سرطان الثدي بلغ 1308 حالات، بزيادة بلغت 13 في المئة، أي 156»، لافتاً إلى أنه «مؤشر عالٍ ويفرض تكثيف الجهود لمواجهة هذا الداء، وبخاصة إذا علمنا أن سرطان الثدي من أكثر السرطانات شفاء لو تم اكتشافه مبكراً»، مشيراً إلى دول عدة نفذت «خطوات استباقية لمكافحة المرض ووضع برامج وطنية، ومنها فنلندا. التي بدأت وضع برنامج شامل للكشف المبكر لسرطان الثدي منذ عام 1987، وكذلك بريطانيا وكندا وسويسرا وسنغافورة». بدوره، قال رئيس مجلس إدارة جمعية مكافحة السرطان الخيرية في الأحساء محمد العفالق: «إن الجمعية نفذت حزمة من البرامج والفعاليات التثقيفية والتعريفية والتوعوية، منذ تأسيسها قبل عام تجاوزت ال 25 برنامجاً، استفاد منها نحو 8326 رجلاً وإمرة وطفلاً».