لم يدر بخلد مسؤولي غالبية البلديات في المحافظات والمناطق السعودية أن تذهب جهودهم الحثيثة وعناؤهم المضني المتواصل في إكساء الطرقات حلة خضراء، تريح نفوس ممتطي مركباتهم أثناء السير بها، أن تتبدل تلك الزهور الغضة والغصون الندية الرطبة إلى وجبة دسمة «حُمِلَت» عليها «الأنعام» قسراً، ليس لكبير غرض سوى جشع لازم شريحة المستثمرين في قطاع أعلافها وسبل رزقها. ونزولاً عند الرغبة النهمة من التجار، لم تعد الإبل السائبة تطق الارتفاع الكبير في أسعار الشعير ولم تحتمل الأزمة التي تعصف بملاكها بين ليلة وضحاها في توفير لقمة العيش لها في ظل ترنح أسعار أعلافها. وبين تاجر أصر على بيع سلعته بحسب معطيات السوق لا يهمه جوع الأنعام أو شبعها وبين مالك لتلك الأنعام وعاشق لها حد النخاع، أطلقت سفينة الصحراء أرجلها للريح ويممت شطرها نحو ما كانت تعتبره بالأمس حكراً لغيرها، فتخطت جميع الحواجز والعوائق التي تواجهها، مقتلعة بأسنانها الجوعى شجيرات البلدية التي كلفت خزانة الدولة مئات آلاف الريالات، ووجدت تلك الإبل في أشجار الزينة التي غرست لتجميل شوارع المنطقة وإضفاء نوع من الجمالية على أرصفتها، طعاماً مستساغاً بديلاً عن «شعيرها» المستعصى على مالكيها توفيره لها ربما يسد رمق بطونها الخاوية إلى حين!. وفي الوقت الذي أصبح فيه مشهد الإبل السائبة وهي ترعى كيفما شاءت من الأغصان والأشجار في أحد الشوارع الرئيسة في المويه (شمال الطائف) أمراً مألوفاً، طالب عدد من المواطنين بلدية المويه بالحفاظ على ما تبقى من تلك الشجيرات التي أكلت الإبل الأخضر منها واليابس، ونوهتها إلى ضرورة تكثيف وزيادة حجم الرقابة الميدانية حول الشوارع التي زينت جلها بالأشجار بقصد صبغها بصورة تسر الناظرين لا أن تكون مرعى للأنعام ومسرحاً لجولاتها، وعدم تركها للعبث من تلك البهائم التي ليس لها ذنب في ما اقترفه المسؤولون عن مأكلها. وفيما رمى الغير باللوم على ملاكها بترك العنان لها سائبة ترتع صباح مساء في الطرقات على مرأى ومسمع الجميع (المسؤول وعابر الطريق) «مشوهة» المنظر العام للمنطقة، طالبوا كذلك أصحابها بردعها عن الرعي في الممتلكات والحدائق والشوارع العامة، والانتحاء بها بعيداً من المناطق العمرانية والأماكن الآهلة بالمواطنين والسكان.