أعلن رئيس «جبهة النضال الوطني» النيابية في لبنان وليد جنبلاط في موقف لافت أمس، عبر صحيفة «الأنباء» الصادرة عن الحزب التقدمي الاشتراكي، وبعد ساعات قليلة على زيارته القصر الجمهوري وإجرائه محادثات مع الرئيس ميشال سليمان، انه «لم يعد منطقيّاً استمرار الحزب في تغطية التعطيل ضمن ما يُسمّى الأكثريّة الجديدة التي أثبتت أنها فشلت فشلاً ذريعاً في تأليف الحكومة الجديدة». وكان البيان الصادر عن المكتب الإعلامي في قصر بعبدا ذكر أن سليمان وجنبلاط بحثا في «التطورات السياسية الراهنة ولا سيما المشاورات والاتصالات الجارية المتعلقة بتشكيل الحكومة الجديدة». وفي مقاله الأسبوعي لصحيفة «الأنباء»، قال جنبلاط: «مع التأكيد مجدداً على الثوابت السياسيّة التي سبق أن أعلنها الحزب التقدمي الاشتراكي لا سيّما لناحية التمسّك بسلاح المقاومة لردع أي عدوان إسرائيلي محتمل في انتظار التوصل الى بناء توافق وطني عام حول إستراتيجيّة دفاعيّة تتيح الاستيعاب التدريجي لهذا السلاح في إطار المؤسسة العسكرية في الظروف والوقت الملائم، ومع التشديد دائماً على رفض استخدام السلاح في الداخل تحت أي ظرف من الظروف، ومع تأكيد ثوابت الحزب وجبهة النضال الوطني لناحية التمسك باتفاق الطائف وعروبة لبنان والعلاقات اللبنانيّة - السوريّة المميّزة ومعادلة أمن لبنان من أمن سورية وأمن سورية من أمن لبنان كما أثبتتها دروس الجغرافيا السياسيّة والتاريخ، ومع تجديد المناشدة للرئيس بشّار الأسد بوضع العناوين الأساسية التي أعلنها في إطلاق مسيرة إصلاحية موضع التنفيذ السريع لأنها تصب في تجديد الحياة السياسية في سورية وتؤمن مواكبة الأمن والاستقرار مع الإصلاح، ومع تجديد تقديم التعازي لكل الشهداء في سورية من عسكريين وأمنيين ومدنيين الذين سقطوا في المرحلة الأخيرة، ومع التمسك بكل الثوابت أعلاه، إلا أنه بات من الضروري القول بأن الاستمرار في تأييد بعض الشعارات العبثيّة التي سبق أن أعلنتها الأكثرية السابقة لم يكن ممكناً، ولكن في الوقت ذاته، لم يعد منطقيّاً استمرار الحزب التقدمي الاشتراكي وجبهة النضال الوطني في تغطية هذه الحال من المراوحة والفراغ والتعطيل ضمن ما يُسمّى الأكثريّة الجديدة التي أثبتت أنها فشلت فشلاً ذريعاً في تأليف الحكومة الجديدة». وذكر جنبلاط بأنه «سبق أن أجمعت الأكثرية الجديدة على تسمية الرئيس نجيب ميقاتي لتأليف الحكومة الجديدة، ولبّى الرئيس المكلف معظم المطالب السياسية لمختلف الأطراف قدر المتاح، فلماذا هذا الترف في التعطيل ووضع العقبات تلو العقبات على رغم كل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية التي تلاحق المواطنين وتحاصرهم في كل مكان؟». وقال: «كم هي كبيرة تلك المشاكل كارتفاع أسعار المحروقات وغلاء المواد الغذائيّة وانهيار القيمة الشرائية وغياب فرص العمل وسطوة أصحاب المصالح على رغيف الخبز، والاستمرار في تطبيق سياسة ضريبية ملتوية تستند بالدرجة الأولى على الضريبة المباشرة، وارتفاع الفاتورة الصحية، وغياب التغطية الطبية الكاملة، واستمرار المراوحة في قانون الإيجارات وغياب المساكن اللائقة للشباب في ظل الارتفاع الجنوني لأسعار العقارات، وتعدد فواتير الماء والكهرباء، والفساد وغياب المحاسبة والهدر». وقال إن «الحزب التقدمي وجبهة النضال الوطني، ومن موقع الالتزام بقضايا الناس والعمال والفلاحين والكادحين، يرفضان الانجرار الى لعبة الحصص الوزاريّة التي لا تزال تعطل التأليف منذ ما يزيد عن مئة يوم، ويريان أن مصلحة البلاد لا تتحقق من خلال تولي هذا الطرف لتلك الحقيبة أو بالعكس، بل من خلال تخطي المصالح الفئوية الضيقة والذهاب نحو واقع جديد، اتضح أن ما يسمى الأكثرية الجديدة أعجز من أن تستولده في ظل انقساماتها الراهنة وتجاذباتها المستمرة التي لا تنتهي». وأشار الى «أن الاعتبار الأساسي الذي بنى الحزب على أساسه موقفه السياسي حماية الاستقرار والسلم الأهلي، وإذا كان بعضهم من القوى السياسية لا يبحث سوى عن مصلحته المباشرة، فإننا لا نستطيع الاستمرار في تغطية هذا الموقف بعد الآن، فالسقوط في هذه الدوامة إسقاط للبلد برمته، فحبذا لو يستفيق المتحاصصون». ودان «الأحداث الأليمة التي شهدتها أمبابة في مصر، وكان لها طابع طائفي مقيت». ورأى «كل ثورة، عبر التاريخ، مرّت بثغرات خصوصاً أنها أتت بعد حكم أمني مطبق، والحل الوحيد هو بتكاتف الشعب المصري والتفافه حول ثورته والإسراع في اتخاذ الخطوات السياسيّة والأمنية لمنع العبث بالأمن المصري من قبل بعض الحركات المتطرفة لدرء الفتنة». في دار الفتوى وأجرى جنبلاط في دار الفتوى، صباحاً محادثات مع مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني، في حضور النائب علاء ترو، تركزت على موضوع القمة الروحية المقررة غداً في بكركي. وقال جنبلاط بعد اللقاء: «تمنيت كل الخير للانفتاح وتأكيد الحوار بين جميع اللبنانيين، ونحن على مشارف القمة الروحية التي سيجتمع فيها المسيحيون والمسلمون. وأعتقد أنها وقفة تاريخية أن يجتمع مجدداً، وتأكيداً للعيش المشترك، المسلمون والمسيحيون، ويعلنوا ونعلن معهم التضامن مع جميع الشعوب العربية، وخصوصاً الشعب المصري اليوم الذي يمر في مرحلة دقيقة فيها نوع من الفتنة نتيجة تحريض من هنا وهناك». وتمنى جنبلاط «لسورية الاستقرار والإصلاح أيضاً في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر فيها»، مشيراً الى أنه يشمل في زياراته «الرؤساء الروحيين من دون استثناء في هذا الجو العام الإيجابي والمنفتح».