بعد صرخة الهيئات الاقتصادية التي حذرت الأسبوع الماضي من انعكاس الفراغ الحكومي على الاقتصاد والمخاطر التي بدأ يواجهها، أعلن رئيس»جبهة النضال الوطني» النيابية وليد جنبلاط أنه»لم يعد منطقياً استمرار الحزب التقدمي الاشتراكي في تغطية المراوحة والفراغ والتعطيل ضمن ما يسمى الأكثرية الجديدة التي أثبتت أنها فشلت فشلاً ذريعاً في تأليف الحكومة الجديدة». وجاء رفع الصوت من قبل جنبلاط بعد أن وصلت مداولات الأيام الماضية في شأن المخارج من عقد تأليف الحكومة الى طريق مسدود من دون وجود أفق واضح حول سبل كسر الجمود سوى المزيد من التريث وفق أكثر من مصدر في الأكثرية الجديدة التي يعترف جميع قادتها بأن أزمة تشكيل الحكومة ما زالت على حالها. وإذ وجد مراقبون في موقف جنبلاط الجديد برفض تغطية حال التعطيل، أنه تلويح بموقف تصعيدي إزاء سياسات الأكثرية الجديدة قد يؤثر على التحالف بين كتلته وبين أطرافها، اعتبرت مصادر قيادية في «الحزب الاشتراكي» أن موقف جنبلاط الذي يصدر اليوم في افتتاحية صحيفة «الأنباء» الناطقة باسم حزبه، هو «ضغط على المعنيين بتذليل العقبات من أمام إنجاز الحكومة». وأشارت المصادر القيادية الى أن موقف جنبلاط «واضح ضد الشروط التي يضعها رئيس تكتل التغيير والإصلاح النيابي العماد ميشال عون بخصوص الحقائب التي يصر عليها في الحكومة العتيدة». وإذ بدا موقف جنبلاط متعاطفاً مع الرئيس المكلف نجيب ميقاتي بقوله في كلمته في «الأنباء» إن الأخير «لبّى معظم المطالب السياسية لمختلف الأطراف قدر المتاح»، فإنه سأل: «لماذا هذا الترف في التعطيل ووضع العقبات تلو العقبات على رغم كل المشاكل الاقتصادية والمعيشية التي تلاحق المواطنين؟». وجاء موقف جنبلاط هذا ليدل الى تباين بينه وبين قادة «حزب الله» حول الموقف من العقبات أمام تأليف الحكومة إذ ان نائب الأمين العام ل «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم رأى أول من أمس أن رئيس الجمهورية ميشال سليمان والرئيس المكلف «يتحملان المسؤولية مع الأطراف التي يفترض أن تشارك في الحكومة عن تأخير تأليفها». وكرر عضو مجلس الشورى في «حزب الله» الشيخ محمد يزبك الموقف نفسه أمس حين قال إن «الأمين على الدولة والوطن والدستور» (الرئيس سليمان) والرئيس ميقاتي «يتحملان مسؤولية تأخير تشكيل الحكومة». وموقف «حزب الله» هذا يتماهى مع موقف عون الذي دأب على انتقاد سليمان وميقاتي منذ 3 أسابيع. وذكرت مصادر الحزب الاشتراكي ل «الحياة» أن قادة الأخير سبق أن أبلغوا قادة «حزب الله» أن الاشتراكي يرى أن مراعاة «حزب الله» لعون لأنه وقف الى جانب المقاومة في حرب تموز (يوليو) 2006 مفهومة وأن موقف عون كان له أثر إيجابي على الصعيد الوطني، «لكن هذا لا يعني التغاضي عن أخذ عون البلد رهينة نتيجة شهواته في الحكم وتعطيل تأليف الحكومة وتجريد الرئيس المكلف من الحد الأدنى من الصلاحيات في تأليف الحكومة وإلغاء دور رئيس الجمهورية عبر الإصرار على تهميشه». وأخذ قادة الحزب الاشتراكي على قادة «حزب الله» أنهم ذهبوا بعيداً في ترك العماد عون يعطل التأليف. وفيما التقى جنبلاط أمس مفتي الجمهوري الشيخ محمد رشيد قباني والرئيس سليمان قبل توزيع كلمته لصحيفة «الأنباء»، قال مصدر مقرب منه ل «الحياة» إن رسالة جنبلاط «واضحة في موقفه الجديد وهي أننا لسنا شركاء بحفلة الخلاف على الحقائب. نحن شركاء في إنقاذ البلد وليس في إغراقه، وشركاء في إخراج البلد من أزمته وليس في نقله الى أزمة أخرى أشد وطأة في وقت باتت صدقية فريق الأكثرية الجديدة في إنقاذ البلد مشكوكاً فيها بسبب تأخير الحكومة وعدم الاكتراث للوضع الاقتصادي الاجتماعي وباتت الأزمات الاجتماعية تداهمنا وتحتاج الى قرارات مالية وإدارية والصيف ومشاكله (الكهرباء) على الأبواب». وكان البطريرك الماروني بشارة الراعي كرر القول أمس أيضاً إن «المسؤولين يعطّلون الدولة والشعب أصبح كأنه صفر».