أجهضت أجهزة الأمن المصرية في الأسابيع الأخيرة سلسلة هجمات كانت تستهدف منشآت ومؤسسات أمنية ومصالح مسيحية، تزامناً مع احتفالات أعياد الميلاد، إذ اعتقلت متطرفين وقتلت آخرين في بؤر متاخمة للقاهرة وضبطت أسلحة ومتفجرات نوعية. لكن، على رغم هذا المجهود، يرى مراقبون أنه ما زالت لدى الإرهابيين المقدرة على تنفيذ اعتداءات، كما يتوقعون تعاظم خطر «الذئاب المنفردة» خلال العام الحالي وضرب «أهداف رخوة»، ما قد يُحدث صدى كبيراً في مختلف الأوساط. وأوقفت أجهزة الأمن في الشهور الأخيرة خلايا إرهابية تابعة لتنظيم «داعش»، بعد أن أفلتت عناصره من الطوق الأمني شمال سيناء وتمركزت شرق القناة في الإسماعيلية الجديدة وغربها ومزارعها، فضلاً عن تحرّك خلايا أجنحة مُسلحة تتبع «الإخوان المسلمين»، خصوصاً حركة «حسم»، في التخوم الجنوبية للعاصمة. ولم تمنع الضربات الاستباقية التي تنفّذها الأجهزة الأمنية وتوليها الأولوية، حدوث هجمات متزامنة ومؤثرة مثل محاولة إرهابي «داعشي» اقتحام كنيسة «مار مينا» في حلوان جنوبالقاهرة، قتل خلالها شرطياً و6 أقباط بعد قتله قبطيين اثنين في متجرهما في المدينة نفسها و3 من مرتادي مقهى في قرية جنوبالقاهرة لقناعته بتكفير «لاعبي النرد»، وبعد هجماته بيومين، قتل مسلحان قبطييْن خلال هجوم على محل لبيع الخمور في حي العمرانية جنوبالقاهرة. وقال الباحث في شؤون الأمن والإرهاب في مركز «الأهرام» للدراسات السياسية والاستراتيجية أحمد كامل البحيري ل «الحياة» إن الإرهابي إبراهيم إسماعيل الذي نفذ هجوم حلوان واحد من «ذئاب داعش» الذين يمثلون الخطر الأكبر في الآونة المقبلة. وأشار إلى أنه «بتحليل مسار العمليات الإرهابية في الآونة الأخيرة، يُتوقع أن تشهد التنظيمات التكفيرية في مصر تحولات شديدة، وأن يكون النمط المقبل للهجمات فردياً بالأساس». لكنه أوضح أن «هذا الأسلوب المنفرد قد يقلل من عدد الضحايا بين قوى الأمن ويرفع من عدد القتلى بين المدنيي»، متوقعاً أن «يعود نمط الهجمات الذي كان معتمدا في التسعينات، مثل الاعتداء على محلات الخمور ومتاجر المسيحيين والمقاهي ودور السينما والمراكز التجارية». وأشار إلى أن تراجع «داعش» في مركزه يقابله «انتشار لأفكاره في عقول ذئابه المنفردة، وهو ما ظهر في مصر أخيراً وتحديداً في هجومي العمرانية وحلوان». ويتفق القيادي السابق في «الجماعة الإسلامية» ناجح إبراهيم مع البحيري على خطر «الذئاب المنفردة»، لكنه رجح أن يكون هجوم حلوان أتى ضمن «عمل تنظيمي أجهضته الإجراءات الأمنية المشددة حول الكنيسة». وقال إبراهيم ل «الحياة» إن «هجوم العمرانية شنه ذئب منفرد مقتنع بأفكار داعش، لكن إرهابي حلوان واحد من التنظيميين المنخرطين في خلية تابعة للمركز، وغالباً هو ضمن الخلايا العنقودية لداعش في الصعيد التي يقودها الإرهابي الفار عمرو سعد عباس». وأفاد إبراهيم بأن «محافظاتالفيوم وبني سويف جنوبالقاهرة وقنا في الصعيد جنوب مصر، تعتبر خزاناً استراتيجياً لتجنيد متطرفين في داعش وخلايا نوعية للإخوان، كونها من أكثر المحافظات فقراً وجوعاً وندرة في الخدمات، فضلاً عن تراجع الدعوة فيها». وأوضح أن «الخطر الأكبر سيأتي من المناطق المهمشة القابلة للتجنيد، خصوصاً في قراها التي تفتقد الفكر الديني الصحيح». وقال: «في حال لم تنتف أسباب التطرف، سنفاجأ بكثير من الذئاب المنفردة»، مشدداً على «ضرورة الأخذ في الاعتبار بأن التكفيريين سيسعون في المستقبل إلى تكثيف هجماتهم رداً على الإعدامات المتواصلة بحق المدانين بالإرهاب، خصوصاً في ظل الصراعات الإقليمية والتربص بمصر وقرب انتخابات الرئاسة، وهو ما يحتم إزالة أسباب التطرف فوراً».