خرج إبراهيم إسماعيل مصطفى (33 سنة) من مخبئه جنوب مصر، بعدما تمكن من خرق طوق أمني مُحكم إثر دهم خلايا عنقودية تتبع تنظيم «داعش» في الجبل الجنوبي الغربي المتاخم لمحافظات الصعيد، وفي حوزته سلاح آلي وذخيرة وعبوة ناسفة وضعها في حقيبة على كتفيه، وذخّر مماشط سلاحه، ورتبها في حزام شدّه إلى خصره، واستقل دراجته النارية، في «رحلة قتل» دامت 6 أيام قتل خلالها 15 مواطناً. الإرهابي الذي نفّذ هجوماً على كنيسة «مار مينا» في حلوان جنوبالقاهرة، ظهر بملابس متسخة في فيديوات تداولتها صفحات التواصل الاجتماعي صوّرها سكان في محيط الكنيسة، وبدا باحثاً عن الموت... أي موت، سواء قاتلاً أو مقتولاً. وخضع مصطفى مساء أول من أمس، لجراحة استخراج رصاصات من قدمه وتضميد كدمات جراء ضربه من المواطنين. وبدأ الإرهابي الموقوف «رحلة التكفير» من «ميدان النهضة» في الجيزة، خلال اعتصام لجماعة «الإخوان» قبل تظاهرات 30 حزيران (يونيو) 2013، وفُضّ في 14 آب (أغسطس) بعد عزل الرئيس السابق محمد مرسي بأسابيع. وهو يعمل في ورشة لتركيب النوافذ المعدنية، ومن سكان مدينة حلوان. وأفادت معلومات بأنه بدأ التديّن عقب ثورة 25 كانون الثاني (يناير) 2011، وعرف طريقه إلى «الجماعات الإسلامية» في ميادين «الثورة»، حيث زامل خلال أيام اعتصام ميدان النهضة متطرفاً يُدعى محمد سلامة (أسد الله قُتل خلال عملية دهم)، الذي ضمّه إلى خلية «داعشية» شكّلها متشدد يُدعى وليد حسين بعدما أُطلق من السجن، حيث حوكم بتهمة الانتماء إلى تنظيم «القاعدة». «إرهابي حلوان» المُكنى سالم، قاد المجموعة المسلحة التي قتلت منتصف العام الماضي، 8 ضباط وجنود في حلوان، بعدما بايع «داعش» وخضع لتدريبات أشرف عليها حسين وسلامة. وبعدما قتلت الشرطة قائدي المجموعة المسؤولين عن التمويل والتسليح (وليد حسين ومحمد سلامة) وآخرين، وأوقفت عشرات من عناصرها، تفرق الباقون، ووجد إبراهيم إسماعيل طريقاً إلى الارتباط بمجموعة ضمن خلايا «داعش» العنقودية في الجبل الجنوبي الغربي والتي يقودها الإرهابي الفار عمرو سعد عباس، وهي المسؤولة عن الهجمات ضد المسيحيين طيلة العام الماضي. وتُجري أجهزة الأمن حالياً تحقيقاً لتحديد حلقة الوصل بين خلية «داعش» في الجيزة وحلوان ومجموعات الصعيد. وبعدما دهمت أجهزة الأمن مخابئ «داعش» في جبل أبو تشت في قنا والصحراء المتاخمة للمنيا وأسيوط جنوبالقاهرة، كان إبراهيم إسماعيل واحداً من الفارين، وفق الترجيحات الأمنية التي تنتظر استجوابه بعد تعافيه لتأكيدها، ومقارنة المعلومات الأمنية عن تلك الخلايا. وتؤكد معلومات أن أكثر من 10 إرهابيين مسلحين فرّوا بعد دهم بؤر «داعش» في الجبل الغربي، الذي فرضت الشرطة طوقاً مُحكماً حول دروبه في أيلول (سبتمبر) الماضي، لمنع تسلل الفارين. لكن يبدو أن «القاتل الجوال» أفلت ليبدأ رحلته الدموية، من قرية العامرية في مدينة العياط المتاخمة لبداية الطريق المؤدّي إلى الصعيد، حيث أمطر الأحد الماضي روّاد مقهى صغير على الطريق بالرصاص ليقتل 3 مواطنين اعتبرهم «كفاراً» لأنهم «يلعبون النرد»، ثم كمن لأيام في مناطق زراعية، خشية توقيفه بعد نشر حواجز أمنية في المنطقة بحثاً عنه، لكنه أفلت مُجدداً وسلك الطريق الصحراوي الغربي لخلوّه من الحواجز الثابتة. وعند بوابة تحصيل الرسوم التي تُديرها شركة تابعة للجيش، قتل الإرهابي ضابطين متقاعدين وجندياً مساء الخميس الماضي، قبل أن يصل إلى محطته الأخيرة صباح الجمعة حيث مسقط رأسه في مدينة حلوان.