تزايدت خلال العام حالات ادعاء «المهدي المنتظر»، وبلغت نحو سبع حالات، كان آخرها الأسبوع الماضي في جزيرة تاروت في محافظة القطيف لرجل قادم من جدة، وقبلها بنحو شهر في المدينةالمنورة، أعقبتها محاولة في الحرم المكي، استطاع خلالها المدعي الوصول إلى مكبّر الصوت، وهو يردد «أنا المهدي المنتظر»، وسبقها بشهر في مكةالمكرمة أيضاً ادعاء شاب الأمر نفسه. وأرجع أستاذ علم النفس الإكلينيكي في جامعة الملك سعود، فهد عبدالله الربيعة سبب ادعاء المهدي إلى «مرض الفصام النفسي الهجاسي»، أو ما يسمى ب «ذهان العظمة»، مؤكداً «انتشاره، ووجود العديد من المرضى، منومين في مستشفيات الصحة النفسية، مصابين به، ويحتاجون للرعاية والمتابعة وللعلاج الطبي بالدرجة الأولى، لما يشكله من خطر على الآخرين». ولم يستبعد الربيعة أن تكون هناك علاقة بين تزايد مدعي «المهدي»، مع الأحداث الجارية في العالم العربي، وقال: «يمكن أن يكون لذلك دور»، بيد أنه أكد أن الفصام الهجاسي «غير مرتبط بحادثة معينة، لكن أي معتقد خاطئ، فإنه يشيع بين عدد من المرضى المصابين بداء العظمة». وذكر أنه «يشيع بين الجنسين، وإن كانت نسبة انتشاره في الرجال تفوق النساء». وأكد «انخفاض نسبة الشفاء منه»، لافتاً إلى «عدم وجود إجماع بين العلماء على تحديد مسبباته حتى الآن، بيد أن البعض يعزوها إلى عوامل متعددة، منها العوامل والاستعدادات الوراثية، والبعض يرجعها إلى عوامل كيماوية في الجسم، أو خلل نسبة مركب الديبومين في الجسم، الذي يعزز توازن الجسم من ناحية السلوك، والإنفعال والتفكير بشكل جيد، وفي حال حدوث خلل في هذا المركب، يتسبب في اضطراب وظائف الجسم». كما أن البعض عزوا السبب إلى «اضطراب في إفرازات الغدد والهرمونات، إضافة إلى العوامل النفسية، والبيئية، بحيث يعيش المدعي في أسرة لا تعطيه قدره، وتعامله مثل الطفل، وتقلل من قيمته، ما يؤثر عليه سلباً، أو تسهم في حدوث هذا الاضطراب مستقبلاً»، لافتاً إلى أن «العوامل البيئية والاجتماعية مساعدة». وشدد على أن»للشخصية دوراً كبيراً جداً في حدوث المرض، إذ ان هناك شخصيات مهيأة للإصابة به». وأوضح أن «الاضطراب النفسي، هو اضطراب وظيفي في الشخصية، نتيجة أسباب عدة»، مقسماً الاضطرابات إلى «عصابية، وذهانية (العقلية)»، واصفاً الأمراض الذهانية بأنها «الأخطر». وأشار إلى وجود نوعين منها: «الذهان الوظيفي»، «والذهان العضوي»، اللذان يرجعان إلى «تلف في بعض خلايا المخ أو الجهاز العصبي المركزي، مثل ذهان الشيخوخة، وما ينتج من بعض الإصابات، إضافة إلى الصرع، الناتج من العدوى بمرض مثل الزهري». بيد أن «بعض الاعتقادات الخاطئة التي تصيب بعض الأشخاص، كأن يعتقد شخص بأنه نبي، أو نزل عليه الوحي أو أنه المهدي، هذا يصنف علمياً على أنه أحد أنواع فصام الشخصية، المسمى بالفصام الهجاسي، وله نوعان: الاضطهادي، وذهان العظمة، الذي يجعل الفرد يدعي بأنه نبي أو زعيم أو ملك». ويرجع السبب إلى «اضطراب في مجرى التفكير، ومحتواه، وعملياته أيضاً»، إضافة إلى «سيطرة الهلاوس والهذاءات السمعية، والذوقية والبصرية على الشخص»، و»بُعد الشخص عن الواقع الطبيعي وانفصاله عنه»، ما يجعله يعيش في عالم آخر، ويؤمن بالهواجس والهلاوس البعيدة عن المنطق والواقع، والتي تسير دفة حياته، ويبدو بذلك سلوكه غير مألوف، ولديه اضطراب في الوجدان، ولا يستطيع أن يتحكم في انفعالاته، وثورات غضبه السريعة الاشتعال، ولا يستجيب لآلام الآخرين، بحيث يكون غير مبالٍ، علاوة على اضطراب التفكير، الذي هو أخطر هذه الأعراض، التي تسيطر على المريض بهذا النوع. وقال إن «هذاءات العظمة، أو ما يسمى الفصام الهجاسي، الذي يصنف بأنه أحد أنواع الذهان الوظيفي، شائع وكثير الانتشار، وتعاني منه نسبة ليست بالقليلة». وعبر عن أسفه لأننا «لا نمتلك إحصاءات دقيقة، نستند إليها في معرفة العدد»، مقسماً فصام الشخصية إلى خمسة أنواع: «الفصام البسيط، وهو القابل للشفاء، لعدم وجود هلاوس أو اضطراب في التفكير، لكن يتميز بصعوبة توجيه السلوك في شكل جيد، فيما الأنواع الأربعة الأخيرة، وهي: «المختل، وهو الذي يتميز بعدم التماسك والاضطراب في اللغة والتداعي، والبعد عن الناس، والتخشبي، ويتميز باضطراب في الوظائف الحركية، وهو من أقل أنواع الفصام انتشاراً، وغير المتمايز بسبب عدم وجود أعراض تميزه، وخليط من الأعراض السابقة، والهجاسي، ونسبة الشفاء منها ضئيلة ومحدودة للغاية». وقال: «الفصام الهجاسي مصحوب بأعراض عدة، منها كثرة الشك، والجدل، والقلق، والغضب المفاجئ، والجنوح نحو العنف، بحيث يمكن أن يودي بحياة الآخرين، ويقدم على ارتكاب جريمة».