لم تجد حركة «حماس»، وجناحها العسكري «كتائب عز الدين القسام»، طريقة لاستعجال صفقة «تبادل أسرى» أفضل من شن «حرب نفسية» على إسرائيل وعائلات المحتجزين الأربعة لديها، مستخدمة رسائل متعددة من صواريخ استهدف أحدها حفلة عيد ميلاد أحد محتجزيها، الى بث أغنية مصوّرة حزينة باللغة العبرية، ونشر لافتة ضخمة في أحد شوارع غزة المزدحمة لأحدهم. هذه الحرب التي تدور بصمت أحياناً وبصخب في أحيان أخرى بين إسرائيل و»كتائب القسام» ومعها فصائل المقاومة، اشتدت في الأسبوع الأخير، خصوصاً بعد أن أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب القدس «عاصمة لإسرائيل». إذ أطلقت جماعات فلسطينية مسلحة غير معروفة صواريخ على مستوطنات في «غلاف غزة» 16 مرة، تصدت «القبة الحديد» لمعظمها، ولم توقع أي خسائر بشرية، باستثناء بعض الأضرار المادية. وآخر مجموعة من ثلاثة صواريخ أُطلقت الجمعة من القطاع على «النقب الغربي» بينما كان عشرات الإسرائيليين يحتفلون بعيد ميلاد الجندي الإسرائيلي الأسير لدى «حماس» منذ عدوان صيف 2014 شاؤول آرون. و»أفسد» أحد الصواريخ الثلاثة (اثنان اعترضتهما القبة الحديد) الحفلة، وفر الإسرائيليون من المكان، ومن بينهم عضو الكنيست (البرلمان) اليميني المتطرف آرون حزان. لكنّ الصاروخ حمل رسالة واضحة للحكومة الإسرائيلية وذوي آرون: «إذا أردتم الاحتفال بعيد ميلاده، عليكم دفع ثمن إطلاقة حياً كان أم ميتاً». فما من أحد يعلم فعلاً إن كان ورفيقه الضابط هدار غولدين، الذي أسرته «حماس» من مدينة رفح أقصى جنوب القطاع، ما زالا حيّين. وبعدها بساعات، تداول ناشطون على شبكات التواصل الاجتماعي أغنية باللغة العبرية موجهة الى المجتمع الإسرائيلي، خصوصاً عائلة آرون، لا تعرف الجهة التي أنتجتها بعنوان «أمي الغالية». ويُعتقد على نطاق واسع أن «كتائب القسام» أنتجت الأغنية بألحان حزينة مرافقة لصور آرون، وعبارات تستثير مشاعر والدته وعائلته من أجل الضغط على الحكومة الإسرائيلية لإبرام صفقة تبادل أسرى، في ما بدا أنه جزء من حرب نفسية، أو «مفاوضات» غير مباشرة عبر وسائل الاعلام. وكانت «كتائب القسام» نشرت أيضاً شريط فيديو تمثيلياً قصيراً يُظهر آرون وهو يحاول التخلص من الأسر داخل غرفة معتمة، ليظهر بعدها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو مرتدياً لباس مهرج ويقترب منه لإطفاء ثلاث شمعات، هي عدد السنوات التي قضاها في الأسر، في رسالة تمثل ضغطاً نفسياً آخر على الحكومة الإسرائيلية وعائلته. وتزامناً مع إطلاق الصواريخ وأغنية ميلاد آرون، حذرت «كتائب القسام» ليل الجمعة - السبت المستوطنين القاطنين في مستوطنات «غلاف غزة» من سقوط الصواريخ في حال استمرت حكومتهم بعنجهيتها. وقالت في صورة نشرتها عبر موقعها الإلكتروني باللغة العبرية: «صافرات الإنذار التي تشتكون منها ستكون موسيقى ساحرة مقارنة بما ستسمعونه ما لم توقفوا عنجهية الحكومة». واحتوت الصورة على راجمة صواريخ وخريطة للمدن والبلدات الإسرائيلية، وحملت عبارات تهدف الى «ردع» إسرائيل والمجتمع الإسرائيلي من شن أي عدوان على القطاع، في وقت تشهد الأوضاع توتراً متزايداً على جانبي الحدود. والخميس الماضي، علّقت «كتائب القسام» لافتة ضخمة تحمل صورة آرون على مفترق السرايا وسط مدينة غزة، أحد أكثر الأماكن ازدحاماً، ويشهد كل جديد باستمرار في الإعلانات السياسية. ويظهر آرون في الصورة واقفاً خلف بوابة حديد (قضبان) لسجن كتب عليها باللغتين العربية والعبرية: «طالما أبطالنا لا يرون الحرية والنور... هذا الأسير لن يرى الحرية أبداً». كما وضعت في زاوية اللافتة صورة صغيرة تحمل رقم تجنيد آرون في قوات الاحتلال. وكانت «كتائب القسام» أعلنت مطلع نيسان (أبريل) 2015، للمرة الأولى، وجود أربعة جنود إسرائيليين أسرى لديها، من دون أن تكشف أي تفاصيل تتعلق بهم. وتسعى «حماس» من وراء هذه الحملة الى الضغط على عائلات الجنود الأسرى والمجتمع الإسرائيلي لتحريك ملف الجنود الأسرى، والتفاوض لإطلاق آلاف الأسرى الفلسطينيين في مقابل صفقة تبادل.