إسطنبول - أ ف ب - تسببت المشكلة الكردية بتعكير صفو الحملة الانتخابية التي أجريت من دون أي عوائق حتى الآن بالنسبة للحزب الإسلامي المحافظ «العدالة والتنمية» بزعامة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، الذي يرجّح فوزه في الانتخابات التشريعية المرتقبة في 12 حزيران (يونيو) المقبل، فيما أفادت مصادر أمنية محلية أمس عن مقتل اثنين من المتمردين الأكراد في معارك مع الجيش التركي في مناطق جبلية في محافظة ماردين (جنوب شرق). ووقع الاشتباك مع عناصر حزب العمال الكردستاني في مناطق قريبة من باكوك الجبلية. وتبنّى الحزب الهجوم الذي أسفر عن مقتل شرطي وجرح آخر كانا يرافقان حافلة للحزب الحاكم، بعد اجتماع مع أردوغان قرب كستامونو (شمال). وأعلن الحزب الذي يحمل السلاح منذ 1984 دفاعاً عن حقوق هذه المجموعة، أن هذا الكمين نصب «انتقاماً للرعب الذي تمارسه الشرطة على شعبنا» الكردي، موضحاً أن الهجوم «استهدف الشرطة (...) وليس المدنيين أو رئيس الوزراء». وقال المحلل محمد علي بيرند من تلفزيون «قناة دي» أن «التوتر تصاعد حول المسألة الكردية والمسؤوليات متبادلة». وكان زعيم حزب العمال الكردستاني المسجون عبد الله أوجلان هدد عبر محاميه النظام ب «حرب» إن رفض التفاوض بعد الانتخابات. وأكد في تصريحات أوردتها وكالة الأنباء «فرات»: «إما أن تبدأ عملية مفاوضات جدية بعد 15 حزيران، أو ستكون بداية حرب كبيرة». وقتل الجيش في الأسبوع الماضي سبعة متمردين من حزب العمال في جنوب شرقي البلاد حيث كثفت الشرطة حملة الاعتقالات. وكانت المنطقة في غليان أصلاً منذ أسبوعين مع تظاهرات عنيفة بعد إزاحة سبعة مرشحين أكراد من خوض الانتخابات التشريعية. وهو قرار ألغي في نهاية المطاف بالنسبة لستة منهم. والخميس الماضي، حذرت منظمة تضم مسؤولين أكراداً بينهم مسؤولو حزب السلام والديموقراطية الكردي من أنهم قد يدعون إلى مقاطعة الانتخابات في حال استمرار العمليات العسكرية والاعتقالات. ولفت بيرند إلى أن مقاطعة حزب السلام والديموقراطية للانتخابات سيشكل ضربة لأردوغان. وأوضح إن «شرعية الانتخابات ستكون على المحك» وأردوغان سيكون محرجاً «لأنه يريد أن يُظهر انتخابات ديموقراطية يشارك فيه الجميع». وعلى رغم إجراء بعض الإصلاحات لمصلحة الأكراد الذين يمثلون حوالى 15 مليوناً من التعداد السكاني لتركيا البالغ 73 مليون نسمة، تتهم الحكومة بخداع الرأي العام من خلال وعدها العام الماضي بحل دائم للمشكلة الكردية من دون أن تتخذ تدابير فعلية لتحقيق ذلك. وتشير استطلاعات الرأي إلى أن حزب العدالة والتنمية الذي يترشح لولاية ثالثة على التوالي سيفوز على حزب الشعب الجمهوري (اشتراكي ديموقراطي) وحزب العمل القومي (قومي). ويزهو أردوغان باقتصاد في أوج النمو وقد أعلن لتوه عن حفر قناة موازية للبوسفور، وهو مشروع ضخم يجذب أكثر من ناخبيه التقليديين. لكن المسألة الكردية تشوه هذا المشهد. ويبدو واضحاً أن أردوغان يريد انتزاع أصوات من حزب العمل القومي لذلك ينتهج سياسة قومية ويهاجم الأكراد المتهمين بتهديد الوحدة الوطنية. في المقابل، يعرض الحزب الكردي عضلاته ليبرهن أنه يدافع عن مجموعته، على حدّ تعبير بيرند.