في حين لقي قرار وزارة العمل بمنع العمل تحت أشعة الشمس من الساعة ال12 وحتى الثالثة في الفترة بين الأول من تموز (يوليو) ونهاية آب (أغسطس)، ترحيباً واسعاً في السعودية، شدد خبراء في الحقوق والاقتصاد والجغرافيا تحدثت معهم «الحياة» على ضرورة وضع آليات صحيحة تكفل تطبيق القرار بالشكل المنتظر، كأن يسبق التطبيق حملة توعية للعمال ورب العمل، إضافة إلى تمديد فترة منع العمل بعد تقويمه. ورحب رئيس اللجنة التأسيسية للجنة الوطنية للجان العمالية في السعودية نضال رضوان بالقرار ووصفه ب «الممتاز»، قائلاً: «في الصيف يصعب على الإنسان في جميع مناطق السعودية باستثناء المنطقة الجنوبية أن يمشي، فضلاً على أن يعمل، وهذا يتماشى مع الأنظمة الدولية فهي تنص على هذا الشيء.. والسعودية كعضو شي ايجابي أن تتفاعل مع هذا التوجه، وننظر له بإيجابية»، لافتاً إلى أن منظمة العمل الدولية تشدد في بنودها على الظروف المناخية الملائمة، وتمنع العمل في ظروف قاسية الحرارة أو البرودة أو غير إنسانية بالنسبة للعمل، «خصوصاً إذا كان نطاق العمل للعامل خارج نطاق المكتب، فيجب أن يراعى الوقت وساعات العمل وبيئة العمل مع اتخاذ الخطوات كافة لصحة وسلامة العمل». وأشار إلى أن تطبيق هذا النظام وما يتبعه من الدور الرقابي من المسؤوليات الرئيسية للدولة وممثلي وزارة العمل والمفتشين التابعين لها، «وكل ما كان لديك طاقم جيد كل ما كانت أنظمة الدولة مطبقة بشكل أفضل، وإذا جاءتنا أنباء عن مخالفات سنبلغها للوزارة ومن واجبنا أن نكون عيناً أخرى لمصلحة العمال لنحميهم من مخاطر العمل في الظروف غير المناسبة»، مضيفاً: «أي شخص في الشارع من واجبه كإنسان وكمواطن أن يبلغنا أو يبلغ وزارة العمل بوجود مخالفة بتشغيل العمال في هذا الوقت الممنوع». وشدد رضوان على أنه من الواجب أن يكون هناك توعية بحقوق العمال، خصوصاً لغير الناطقين باللغة العربية «فهم غير مطلعين بهذه الحقوق، ومن الواجب أن نوفر كل الإمكانات لتوعية العمال بمتخلف اللغات، وهو في الأساس دور وزارة العمل، ولكن الجهات الحكومية الأخرى مثل وزارات الإعلام والخارجية والداخلية يتطلب منها تعاوناً في توعية العمال بحقوقهم، خصوصاً عمال الإنشاءات الذين هم في الغالب من يعملون تحت الشمس». وقال إن عدد مفتشي وزارة العمل غير كاف لمراقبة ورصد جميع المخالفات «فهي صعبة وتحتاج إلى عدد كبير جداً ومدربة وعلى اطلاع بجميع الأنظمة، وهي ليست مشكلة في السعودية بل في دول كثير في العالم يعانون من نقص، ويجب أن من زيادة الأعداد ويكون عندك نقاط عمل لعمل تفتيش مفاجئ إلى جانب توعية العامل والمجتمع بمثل هذه الحقوق». من جهته، وصف رئيس الجمعية الدكتور مفلح القحطاني القرار ب «الجيد» مشيراً إلى أن الجمعية طالبت في مرات سابقة بإقرار مثل هذا النظام لاسيما وان نظام العمل في السعودية «يحث على ضرورة أن يمارس العامل عمله في ظروف بيئية مناسبة، ولكن هذا النظام كان يحتاج إلى تفصيل مثل ما جاء في القرار». وشدد على أهمية «دراسة آليات مناسبة لتطبيق القرار بالشكل الذي يحقق الهدف الذي أقر من أجله»، لافتاً إلى أن الجميع «يرى من فترة إلى أخرى عمالاً يعملون تحت أشعة الشمس وهذا أمر يؤذيهم ويهدد حياتهم، لذا فإننا نحتاج الآن بعد صدور هذا القرار إلى وضع آليات تطبيق تكفل تحديد الأوقات بشكل دقيق يناسب العمل وأرباب العمل ومدة الإنجاز في المشروع من دون أن يضر بأحدهم، لأن ساعات العمل 8 ساعات ولا يمكن تكون فترة التوقف محسوبة من ضمن ساعات العمل لان ذلك سيؤثر في مدة الإنجاز وتاريخ الوفاء بالحقوق». واقترح القحطاني تمديد فترة منع العمل تحت أشعة الشمس لأن الأجواء الحارة في السعودية طويلة ولا تقتصر على المدة المشار إليها في القرار، مشيراً إلى أن الجمعية سبق أن تلقت «شكاوى في السابق بخصوص ما يتعرض له العمالة في المشاريع من عمل في ظروف غير مناسبة». واعتبر أستاذ الاقتصاد الدولي في معهد الدراسات الديبلوماسية الدكتور محمد القحطاني القرار إنساني بالدرجة الأولى «لأن الحرارة مرتفعة وهذا يتماشى مع أنظمة العمل الدولية، خصوصاً وأن الصيف الماضي والحالي يشهد ارتفاعات شديدة لاسيما مع تزايد مخاطر تأثير ظاهرة الاحتباس الحراري في العالم»، مطالباًً بأن يشهد تطبيق القرار إعطاء «مرونة للمقاول أو رب العمل في أن يعوض ساعات العمل التي سيتوقف فيها العمل بحسب القرار، لذا يجب على القائمين على المشاريع الحكومية والمشاريع الأخرى أن يعطوا مرونة للمقاول وأن يأخذوا في الاعتبار هذه النقطة». وفي حين لفت القحطاني إلى أن الشهرين المحددة في القرار هي وقت الذروة، أشار إلى أن من الواجب «إعادة تقويم القرار في المستقبل بهدف تمديده ساعات عدة أو أشهر عدة، إذا ثبت وجود حاجة لذلك، مع الأخذ في الاعتبار انعكاسات تطبيقية في ما يتعلق بالإنتاجية وإنجاز العمل». أما أستاذ نظم المعلومات الجغرافية والاستشعار عن بعد في جامعة أم القرى في مكةالمكرمة الدكتور خالد الغامدي فوصف القرار ب «الجيد لأن درجة الحرارة تحت أشعة الشمس في الفترة المشار إليها تصل إلى أكثر من 65 درجة مئوية»، مشيراً إلى أن الفترة المحددة تعتبر مقبولة لأن أشعة الشمس تكون مائلة بعد الثالثة عصراً «وبالتالي يكون تركيزها أخف حتى مع وجود درجة حرارة أعلى للهواء». وحول مطالبات البعض بتمديد فترة المنع بحجة ارتفاع درجة الحرارة وقوة الشمس في غير الفترة المحددة، قال: «إذا وجد تمديد فالأفضل أن يكون بتقديم بداية ساعات المنع قبل حلول الليل، لأن مواقع المشاريع قد يتعذر فيها وجود طاقة كهربائية».