في المسافة الواقعة بين عنق المثانة البولية عند الرجل والخارج توجد قناة أسطوانية اسمها مجرى البول وظيفتها إفراغ البول عند الشعور بالحاجة إلى ذلك. في البداية تكون عوارض تضيّق البول خفيفة يستطيع المصاب خلالها أن يتحملها ويصبر عليها، لكن سرعان ما تزداد العوارض شدة وحدة عندما يصل التضيّق إلى درجة معينة. ويؤدي تضيّق مجرى البول إلى الشكوى من عوارض مختلفة تشمل التأخر في بدء عملية التبول، وكثرة مرات التبول، وضعف قوة الدفق البولي، وتعدد اتجاهات سريان البول، والإحساس بعدم إفراغ المثانة كلياً، وطول فترة التبول، ونزول البول على شكل قطرات بعد الانتهاء من التبول، وإذا أُهمل التضيّق ولم يعالج، فإن المريض قد يشكو من ألم في الخاصرتين جراء ركود البول واحتباسه، بالتالي تحدث انعكاسات سلبية تطاول المثانة والحالبين والكليتين وغدة البروستاتة، إضافة إلى صعوبات تنتج من التضيّق على صعيد الحياة اليومية. ما هي أسباب تضيّق مجرى البول؟ يحدث التضيّق في مجرى البول جراء نشوء تليفات في جدار المجرى لأسباب عدة، أهمها: - الالتهابات المتكررة في مجرى البول، وهي تعد من المسببات الشائعة، وغالباً ما يكون وراء هذه الالتهابات أمراض تنتقل من طريق العلاقات الجنسية بطرق غير شرعية، إذ تجد جراثيم مثل السيلان والكلاميديا والميكوبلازما طريقها إلى مجرى البول محدثة فيه أضراراً يحاول الجسم أن يصلحها ما يخلق ندباً تؤدي إلى تضيّق مجرى البول أو حتى إلى انسداده. أيضاً يمكن لبعض المواد الكيماوية الكاوية التي تدخل عبر مجرى البول أن تتسبب في التهابات تقود إلى تضيّق المجرى. - الرضوض والصدمات في منطقة الحوض، خصوصاً تلك الناتجة من حوادث المرور أو السقوط، إذ يمكن بعض أجزاء عظم الحوض المكسورة أن تسبب تمزقات جزئية أو كلية في مجرى البول تفضي في النهاية إلى تكوّن نسيج ندبي يؤدي إلى تضيّق مجرى البول. - تضخم غدة البروستاتة، وهو يعد من أكثر الأسباب المؤدية إلى تضيق مجرى البول عند الرجال بعد سن الخمسين. - استعمال جهاز القسطرة أو المنظار، سواء لأغراض تشخيصية أم لأهداف علاجية. - العيوب والتشوهات الخلقية. - وجود أورام في مجرى البول. هل من مضاعفات لتضيّق مجرى البول؟ أجل هناك مضاعفات كثيرة أشهرها الالتهابات الشديدة المتكررة في مجرى البول وصعوبة السيطرة عليها دوائياً. وهناك التهاب غدة البروستاتة، وظهور الدم في البول، واحتباس البول الجزئي أو الكلي، وتشكّل حصيات في داخل المثانة نتيجة عدم تفريغ البول في شكل كامل، وحدوث قصور كلوي في بعض الحالات الشديدة من تضيّق مجرى البول. كيف يشخّص تضيّق مجرى البول؟ عند ظهور أولى بوادر الإزعاج في عملية التبول فإنه يتوجب استشارة الطبيب المختص في المجاري البولية من أجل كشف السبب المؤدي إلى تضيق مجرى البول، ويمكن تشخيص هذه الحالة بدقة بواسطة أشعة صاعدة وقياس سرعة جريان البول بواسطة جهاز يعطي أرقاماً واضحة. ويمكن أيضاً تأكيد الإصابة بواسطة المنظار الضوئي الجراحي. ماذا عن علاج التضيّق؟ يعتمد العلاج على شدة التضيّق ومسافته، ففي البداية تجري متابعة الحالة دورياً لمعرفة وقع التضيق على صاحبه، فالتضيّق الخفيف الشدة الذي لا تترتب عنه مضاعفات تتم مراقبة الوضع عن كثب لفترة زمنية يقرر بعدها الطبيب إما الاستمرار في المراقبة من دون تدخل طبي مع الالتزام بالمتابعة الدورية، أو على العكس الإقرار بضرورة التدخل، وفي الحالة الأخيرة يلجأ الجراح إلى مناورة تهدف إلى توسيع التضيق بواسطة المنظار الجراحي، وهذه العملية تجري تحت التخدير الموضعي من أجل تأمين الجريان المناسب للبول من دون عراقيل، وقد يحتاج المريض إلى تكرار عملية التوسيع مرات عدة خصوصاً في السنة الأولى. في المقابل، إذا كان التضيّق شديداً يصبح لا مفر من الذهاب بواسطة المنظار إلى مكان التضيّق وشقه جراحياً من أجل اجتثاث المنطقة المتليفة وبالتالي تأمين الاتساع المناسب الذي يسمح بعبور البول بيسر. وقد يلزم في بعض الحالات الصعبة اللجوء إلى عملية إغلاق المنطقة التي تم استئصالها بواسطة رقعة من الجلد أو من الغشاء المخاطي تؤخذ من المريض ذاته. في كل الأحوال، وقبل الإقدام على أي خطوة علاجية، لا بد للطبيب والمريض أن يناقشا سوياً الطرق المختلفة للعلاج واختيار الأصلح بينها من أجل ضمان نجاحها لأنه ليست هناك طريقة علاجية واحدة لكل الحالات. خلاصة القول، لا يمكن إهمال تضيّق مجرى البول لأنه يمكن أن يؤثر سلبياً في غدة البروستاتة والمثانة والحالبين والكليتين والحياة اليومية، وغالبية المصابين بهذا التضيق ستشتكي، عاجلاً أم آجلاً، من عوارض بولية، أبرزها صعوبة التبول، وتقطيش البول، وعدم القدرة على تفريغ المثانة بالكامل، وبطء قوة دفع البول، وخروج البول في مسارات عدة، وطول مدة التبول. أما في خصوص العلاقة الجنسية فليطمئن بال المصابين بأنها لا تتأثر بالتضيّق.