غارة إسرائيلية على «الضاحية» تقتل 8 وتصيب 59.. وأنباء عن مقتل قيادي كبير في حزب الله    "الصندوق العالمي": انخفاض معدلات الوفيات الناجمة عن مرض الإيدز والسل والملاريا    حركة الشباب تستغل النزاعات المحلية الصومالية    "الملك سلمان للإغاثة" يوزع 25.000 ربطة خبز للأسر اللاجئة في شمال لبنان    الذهب يرتفع بعد خفض سعر الفائدة.. والنحاس ينتعش مع التحفيز الصيني    «الأرصاد»: ربط شتاء قارس بظاهرة «اللانينا» غير دقيق    خطيب المسجد النبوي: يفرض على المسلم التزام قيم الصدق والحق والعدل في شؤونه كلها    حافظ :العديد من المنجزات والقفزات النوعية والتاريخية هذا العام    رئيس جمهورية جامبيا يصل إلى المدينة المنورة    خطيب المسجد الحرام: أعظم مأمور هو توحيد الله تعالى وأعظم منهي هو الشرك بالله    "رفيعة محمد " تقنية الإنياغرام تستخدم كأداة فعالة لتحليل الشخصيات    تشكيل النصر المتوقع أمام الاتفاق    الجبير ل "الرياض": 18 مشروعا التي رصد لها 14 مليار ريال ستكون جاهزة في العام 2027    محافظ بيش يطلق برنامج "انتماء ونماء" الدعوي بالتزامن مع اليوم الوطني ال94    الأمم المتحدة تؤكد أنها نفذت خطط الاستجابة الإنسانية ل 245 مليون شخص    محافظ حفرالباطن يرأس المجلس المحلي    الأخدود يتعادل سلبياً مع القادسية في دوري روشن للمحترفين    أمطار متوسطة على منطقة المدينة المنورة    محمد القشعمي: أنا لستُ مقاول كتابة.. ويوم الأحد لا أردّ على أحد    وظيفةُ النَّقد السُّعودي    جمعية النشر.. بين تنظيم المهنة والمخالفات النظامية المحتملة    «المجنون» و«الحكومة» .. مين قدها    5 محاذير عند استخدام العلم السعودي    «الجيولوجيا»: 2,300 رخصة تعدينية.. ومضاعفة الإنفاق على الاستكشاف    حصّن نفسك..ارتفاع ضغط الدم يهدد بالعمى    احمِ قلبك ب 3 أكوب من القهوة    احذر «النرجسي».. يؤذيك وقد يدمر حياتك    قصيدة بعصيدة    حروب بلا ضربة قاضية!    دراسات على تأثير غطاء الوجه على صحة الإناث..!    شرطة الرياض: القبض على مواطن لمساسه بالقيم الإسلامية    الذكاء الاصطناعي يقودني إلى قلب المملكة    قراءة في الخطاب الملكي    سوق المجلس التراثي بشقراء يواصل استعداداته للاحتفاء باليوم الوطني 94    ديفيد رايا ينقذ أرسنال من الخسارة أمام أتلانتا    أدب تختتم ورشة عمل ترجمة الكتاب الأول بجدة    هدف متأخر من خيمينيز يمنح أتليتيكو مدريد على لايبزيغ    جوشوا ودوبوا يطلقان تصريحات التحدي    مصادرة صوت المدرجات    النصر وسكّة التائهين!    التزامات المقاولين    ماكرون: الحرب في لبنان «ليست حتمية».. وفرنسا تقف إلى جانب اللبنانيين    جازان: إحباط تهريب (210) كيلوجرامات من نبات القات المخدر    أمانة الطائف تكمل استعداداتها للإحتفاء باليوم الوطني 94    صحة جازان تدشن فعاليات "اليوم العالمي لسلامة المرضى"    سَقَوْهُ حبًّا فألبسهم عزًّا    نائب أمير جازان يطلق البرنامج الدعوي "انتماء ونماء" المصاحب لليوم الوطني ال 94    أكثر من 5 ملايين مصلٍ يؤدون الصلوات في المسجد النبوي خلال الأسبوع الماضي    فريق طبي بمستشفى الملك فهد بجازان ينجح في إعادة السمع لطفل    برعاية خادم الحرمين.. «الإسلامية» تنظم جائزة الملك سلمان لحفظ القرآن    نائب أمير منطقة جازان ينوه بمضامين الخطاب الملكي في افتتاح أعمال السنة الأولى من الدورة التاسعة لمجلس الشورى    أمطار متوسطة إلى غزيرة مصحوبة بالبرد وتؤدي لجريان السيول على 5 مناطق    المواطن عماد رؤية 2030    تعزيز التحول الرقمي وتجربة المسافرين في مطارات دول "التعاون"    الأمير سعود بن مشعل يشهد اجتماع الوكلاء المساعدين للحقوق    اليابان تحطم الأرقام القياسية ل"المعمرين"    برعاية وزير الداخلية.. تخريج 7,922 رجل أمن من مدن التدريب بمناطق المملكة    هيئتا الأمر بالمعروف في بلجرشي والمخواة تفعّلان برنامج "جهود المملكة العربية السعودية في محاربة التطرف والإرهاب"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التعديات على الأملاك العامة تتحدى الدولة: «ما شُيَّد شُيَّد وهدمه يمر بالنساء والأطفال اولاً»
نشر في الحياة يوم 06 - 05 - 2011

لا يحتاج المتجول الى دليل للوصول الى أماكن التعديات على الاملاك العامة ومشاعات الدولة في بلدات كثيرة في جنوب لبنان، وخصوصاً تلك الواقعة ضمن نطاق بلدية صور. وعلى رغم البيان التنسيقي الصادر عن الاجتماع السياسي - الامني الاثنين الماضي الذي حضره أمنيون الى ممثلين عن «قوى الأمر الواقع» أي «حزب الله» وحركة «أمل» ودعا المخالفين الى وقف العمل فوراً وازالة التعديات خلال 48 ساعة، بقي صوت المطارق وصيحات عمال البناء طاغية على ما عداها في ارجاء المنطقة. وغدا كل يوم جديد يحمل معه صوراً جديدة لأبنية ترتفع فجأة بين ليلة وضحاها، متحدية كل قوانين الهندسة المدنية واجراءات السلامة العامة.
في مناطق مثل «المساكن» و»حي الزراعة» ومحيط ثكنة الجيش في صور تتجلى حقيقة مشكلة راحت تكبر ككرة ثلج لتهدد الآن مناطق بأسرها. فإذا استثنينا طريقاً بحجم ممر لسيارتين كحد أقصى هو مساحة الطريق الرئيسية داخل هذه المناطق، يندر أن تجد موطىء قدم واحدة لا يقام عليها بناء حديثا. أما السبب من وجهة نظر المخالفين، فيبقى اولاً الازمة الاقتصادية وثانياً «انتهاز فرصة غض القوى الامنية النظر عن تشييد اشخاص موالين لتيار «المستقبل» على مشاعات بلدة جنوبية هي يارين، ورد حركة «امل» و»حزب الله» بالطلب من مناصريهما البناء خلال مهلة لا تتعدى الاسبوعين»، وهو ما نفاه «المستقبل» و»أمل» والحزب.
أسعار الشقق
امام محل لبيع مواد الدهان يجلس شاب ثلاثيني، في حجره طفل لم يكمل عامه الثاني. يشير الشاب الى ورشة بناء فوق سطح المحل المكون من غرفة واحدة كبيرة، يلتصق بها بناء مكون من غرفتين تعودان له، بينما يعود المحل الى رجل لا يقيم في المكان.
يضحك الشاب بينما نسأله عن سبب مبادرته الى البناء على املاك لا تعود له، فعائلته كبرت، وفي صور وصل سعر الشقة الى 150 الف دولار. ولذلك اعتمد طريقة يعتبرها نصف شرعية: «اشتريت الهواء من صاحب المحل (المشيد على ارض مشاع) لأبني منزلاً اكبر لعائلتي».
في مكان آخر، يراقب رجل عمال بناء يعملون في ورشة من طبقتين فوق غرفة كبيرة يقطنها وعائلته. يقول: «نحن انتهزنا الفرصة. فجأة بدأ الناس كلهم البناء، ففعلنا مثلهم». وعما اذا حصل على تغطية من قوى سياسية، يرد: «انا لا أنتمي الى أي حزب، لكن المنطقة هنا مغطاة من احزاب معينة، فتغطينا مع الاخرين.»
ينهمك عدد كبير من اصحاب الورش في حي الزراعة بإجراء اتصالات ومفاوضات مع من يزودونهم مواد البناء. فالقوى الامنية باشرت قبل ثلاثة أيام خطة تقضي بمنع دخول جبالات الاسمنت وآليات نقل مواد البناء الى مناطق المخالفات، بحجة أن هذا سيؤدي الى تجميدها تلقائياً. غير أن ذلك لم يمنع من نفدت من ورشته هذه المواد من الالتفاف على الاجراء الاخير، أي بحسب أحد المخالفين «النزول بسياراتنا الى سبلين لنقل البضاعة. فحرام أن نوقف العمل بعدما بلغ خواتيمه».
الخوف من دخول القوى الامنية لازالة المخالفات لا يحتل حيزاً كبيراً من تفكير المخالفين. فالعادة درجت على أن ما شيد قد شيد، وأن أقصى ما يمكن ان يجري هو منع الورش الجديدة. ولكن حتى لو «تجرّأت القوى الامنية على ذلك، فإنهم لن يفعلوا الا فوق جثثنا. عندما حاولوا أن يقوموا بذلك سابقاً ولعت الدنيا، وسقط شهيدان... لا أعتقد انهم سيعيدون الكرة»، يقول رجل، متحدثاً عن حادثة مقتل الشابين اللبناني علي ناصر والفلسطيني وسام الطويل خلال عمليات قمع المخالفات ما أدى الى توقف العملية. وتضيف زوجته التي تجلس وولدها امام الورشة أنه «من الظلم ان يمنعونا من البناء. نحن لجأنا الى الاستدانة من الآخرين لشراء مواد البناء. نحن حاولنا الحصول على تراخيص لكن لا احد يعطينا». ويتحدث رجل آخر عن سبب السماح للفلسطينيين في مخيم البص للاجئين ببناء اربع طبقات من دون تراخيص «بينما نمنع نحن من توسعة بيوتنا». ويضيف أن «الامر ما كان ليصل الى هذه الدرجة لولا استغلال بعض النافذين علاقاتهم، ومصادرة المشاعات لبناء مشاريع سكنية وتجارية. ففي المشاع الملاصق لمنطقة البرج الشمالي جاء اشخاص وتقاسموا المشاع من دون موافقة احد، وقرروا بناء مجمع تجاري ومقاه حوله، قبل أن تمنعهم البلدية باقامة ساتر ترابي حول المشاع. هؤلاء من يجب منعهم، وليس نحن».
البناء لأغراض تجارية واستثمارية هو ما يثير حفيظة عدد كبير من أبناء صور غير المخالفين. وتتكرر عبارة أن 90 في المئة من المخالفين هم ممن تهجروا من بلدات اخرى الى صور خلال الحرب، لتبرر ما يعتبره شاب من صور «حقنا في البناء على مشاعاتنا بدل الغرباء. هؤلاء يستغلون ارضنا ليبنوا عليها عقارات للاستثمار بينما يمنع علينا ذلك»، مشيراً الى مجموعة من المحلات مقابل مستديرة البص شيدت على أرض المشاع.
لكن، ثمة خوف جديد تعكسه مواقف ابناء صور. فالابنية التي ترتفع بين ليلة وضحاها لا يمكن اعتبارها الا قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي لحظة، وتسهل ملاحظة أسقف غير مستوية، وأسقف لا تستند الى اعمدة بل الى حيطان من احجار الباطون وحدها. اذ ان العاملين فيها لا يراعون أي شرط من شروط الهندسة المدنية بسبب التسرع الذي ادى الى انهيار الاعمدة في عدد من الورش خلال عملية البناء، في حين ادى تجاهل صاحب احدى الورش الى وجود خط التوتر العالي الى مقتل عامل سوري كان يحاول ازاحته لاكمال البناء.
فوضى شاملة
تشير الاحصاءات الاولية التي كانت نقلتها «الحياة» عن مصادر امنية الى أكثر من اربعة آلاف وحدة سكنية بنيت على امتداد الجنوب على الاملاك العامة والمشاعات. في حين يقول رئيس بلدية صور حسن دبوق ان المخالفات في صور «بدأت بخمس محاولات مخالفات، كانت تكلف آنذاك خمس مذكرات توقيف. لكن ذلك لم يحصل»، لافتاً الى ان «السلطة لم تقم بدورها بتطبيق القوانين بمختلف اجهزتها، حتى قوى الامر الواقع، لم تتعامل مع الحدث على المستوى المطلوب آنذاك».
المشكلة الآن كبيرة بحسب دبوق، و»لا نعرف من اين نبدأ لمعالجة الخطأ. واذا كانت الحاجة هي السبب لزيادة غرفة او غرفتين على المسكن لاسباب انسانية، فما المبرر لانشاء مشاريع تجارية».
وحذر من «المشاكل الاجتماعية التي سيسببها البناء على المشاعات والمشاكل البيئية ومشاكل السلامة. في منطقة المزارع المنشآت لا أعمدة لها، وعلى رغم ذلك ترتفع الى ثلاث طبقات. هامش الخطر كبير جدا. فوقوف هذه المباني يتحدى كل قوانين الهندسة المدنية الموجودة. الخطر يتهدد بالمنطقة وساكنيها وحتى المارة فيها، كذلك البلديات ومؤسسة الكهرباء والمياه».
وراى أن «الخطوة الاولى في طريق المعالجة هي ايقاف جميع التعديات والاعمال الاضافية فوراً. ثم دراسة هذه المشكلة وكيفية معالجتها وذلك بعد تصنيفها بحسب نوع كل مخالفة وحجمها». فالمخالفات لا تزال مستمرة، «وهناك مخالفات نزيلها صباحا فيعيدون تشييدها مساء، هذا الشخص لو اوقف وحبس لفترة، هل كان ليتجرأ على اعادة المخالفة؟». وتحدث عن حادثة مقتل الشابين في المساكن، مشيراً الى أن الاهالي احتجوا وقطعوا الطريق «في الوقت نفسه كانت جبالات الاسمنت تعمل، فتضاعف عدد المخالفات بعد يومين من الحادث».
عدلون
الواجهة البحرية في بلدة عدلون تشهد وجها آخر من وجوه التعدي على الاملاك العامة. فما كان قبل اشهر قليلة غرفة او غرفتين صار مبنى من طبقات عدة. وعلى رغم قيام القوى الامنية بين حين وآخر باعتراض عمل الورش، غير أن العمل يعود كل مرة ليزدهر بعد مغادرتها. ويستند الاهالي الى تقنية باتت شبه معروفة، وهي جلوس النساء والاطفال على الشرفات وامام الورش، في رسالة الى من يحاولون منع الاعمال تفيد بأن «الطريق الى ازالة ما بني يمر عبر النساء والاطفال اولاً».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.