جدد الرئيس الفلسطيني محمود عباس تأكيده أن السعودية لم تتدخل في الشؤون الداخلية لبلاده، إضافة إلى عدم توقفها عن دعم الشعب والقضية الفلسطينية. وقال عباس في مؤتمر صحافي في باريس مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، رداً على سؤال عن الملفات التي بحثها مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، خلال زيارته الرياض، التي اختتمها أول من أمس (الخميس): «بالنسبة للسعودية، كما تعلمون، فإن علاقاتها قوية منذ الأربعينات مع أميركا، والحقيقة أن القضية الوحيدة بين أميركا والسعودية هي القضية الفلسطينية، وهي ليست قضية الفلسطينيين وحدهم، بل المسيحيين والمسلمين». وأثنى الرئيس الفلسطيني، في إجابته على الدعم السعودي للقضية الفلسطينية، مضيفاً: «السعوديون يقولون لنا ماذا تريدون؟ نحن معكم، ولن نتدخل في شؤونكم، وهناك بعض من تدخل في شؤوننا، أما السعودية تحديداً فلم تتدخل في شؤوننا، وهي لم تتأخر في دعمنا». إلى ذلك، بدا أمس أن الدعم الدولي لقضية القدس أعطى قوة دفع لتطلعات الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى مشاركة دولية أوسع في عملية السلام، ما شجعه على وضع شروط لقبول اقتراحات تسوية أميركية. وأثمر لقاء عباس مع ماكرون، اتفاقاً على «وضع القدس ضمن مفاوضات حل الدولتين»، لكن الرئيس الفرنسي استبعد طرح مبادرة فرنسية حالياً. واختلف الزعيمان على أولوية الاعتراف بالدولة الفلسطينية، الذي اعتبره عباس «استثماراً في السلام»، لكن ماكرون استبعد أن تكون الخطوة «مجدية» بل مجرد «رد فعل». وغداة تأييد واسع في الجمعية العامة للأمم المتحدة لقرار يرفض الاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة للدولة العبرية، أكد عباس أنه «لن يقبل بسلام إلا على أساس حل الدولتين ضمن حدود 67 والقدسالشرقية عاصمة لفلسطين». وزاد: «نحن مستعدون للتفاوض، لن نخرج عن ثقافة السلام وعن أسلوبنا، حتى نحقق السلام مع جيراننا، والمهم أن هناك دولاً كثيرة في العالم أيدت موقفنا، وهناك دولاً لها تأثيرها دعمت مواقفنا». وأعتبر ماكرون أن واشنطن باتت «مهمشة» في ملف المفاوضات. لكنه قال إن فرنسا «لن تسارع إلى الاعتراف بدولة فلسطينية في شكل أحادي»، رداً على دعوة عباس إلى دور فرنسي أكبر. وقال ماكرون إن «الأميركيين مهمشون، أحاول ألا أقوم بالمثل». وتساءل: «هل سيكون مجدياً اتخاذ قرار من طرف واحد بالاعتراف بفلسطين؟ لا أعتقد. لأنه سيمثل رد فعل» على القرار الأميركي «الذي سبب اضطرابات في المنطقة. سأكون بذلك كم يرد على خطأ بآخر»، مضيفاً أنه لن «يبني خيار فرنسا على أساس رد فعل». وذكّر ماكرون بموقف فرنسا القائم على أنه «لا بديل عن حل الدولتين ولا حل من دون الاتفاق بين الطرفين حول القدس». وأبلغ «الحياة» مقربون من الرئيس الفلسطيني أنه كان قلقاً جداً من التحرك الأميركي، وأنه كان يعلم ما يعدّ له في الخفاء، والنتائج المترتبة على رفض أي مشروع أميركي جديد للتسوية، لكنه اليوم يرى الفضاء الدولي مفتوحاً أمامه للتحرك والمناورة. وكشف المسؤولون أن المعلومات التي تسربت إليهم تفيد بأن الفريق السياسي الأميركي المؤلف من كل من جاريد كوشنير، صهر الرئيس دونالد ترامب ومستشاره، وجيسون غرينبلات، مبعوث ترامب الخاص للمنطقة، أعدوا مشروعاً للحل السياسي، بالتفاهم مع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو، يقوم على إنشاء دولة فلسطينية بحدود موقته على نصف مساحة الضفة الغربية، وقطاع غزة، مع إهمال مواضيع القدس والحدود واللاجئين. وقال أحد المقربين من عباس: «الرئيس رفض في الماضي عروضاً أفضل مئة مرة، ونحن نعلم أن العرض صممه نتانياهو، وقدمه للفريق الأميركي كي يقدموه لنا بمغلف أميركي». وأضاف: «كان الأميركيون يعدون لتقديم هذا المشروع مطلع العام الجديد، وكانوا يعدون لتجنيد ضغط إقليمي ومحلي ودولي علينا لنقبله، أما الآن فلن يستطيعوا فعل شيء، لأن العالم معنا والعرب معنا والشعب كله موحد ضد الموقف الأميركي». وأوضح معاونون للرئيس عباس أن الديبلوماسية الفلسطينية تتجه في المرحلة المقبلة نحو تعزيز مكانة دولة فلسطين في الأممالمتحدة وفي المؤسسة الدولية، وأنها تتركز حول الحصول على المزيد من الاعترافات بدولة فلسطين، خصوصاً من جانب الدول الأوروبية الفاعلة، والحصول على مكانة عضو كامل في الجمعية العامة للأمم المتحدة. في غضون ذلك، بحث الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان، التسوية في الشرق الأوسط، بالتزامن مع محادثات أجراها وفد فلسطيني مع مسؤولين بارزين في بكين، حول مبادرة صينية- دولية لعملية السلام. وأكدت الجامعة العربية «البناء على الإنجاز والنصر الجديد لفلسطين وصولاً إلى تحقيق حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدسالشرقية». ميدانياً، قتل شابان فلسطينيان في قطاع غزة برصاص الجيش الإسرائيلي في مواجهات اندلعت بعد تظاهرات منددة بالقرار الأميركي عقب صلاة الجمعة.