واشنطن - أ ف ب، رويترز – كان زعيم تنظيم «القاعدة» اسامة بن لادن الذي اعلنت الولاياتالمتحدة قتله ليل الاحد - الاثنين، اهم رجل مطارد في العالم في السنوات العشر الاخيرة منذ هجمات 11 ايلول (سبتمبر) 2001 التي استهدفت الولاياتالمتحدة. ولد اسامة بن لادن في 1957 لأسرة سعودية غنية، وظهر ممولاً اسلامياً ومقاتلاً ضد الغزو السوفياتي في افغانستان قبل ان يصبح ملهماً للكثير من الحركات المتشددة المناهضة للغرب. ويعد بن لادن العدو اللدود للولايات المتحدة، لكنه بطل بالنسبة الى كثيرين في العالم الاسلامي. وحددت واشنطن مكافأة قدرها 25 مليون دولار للقبض على بن لادن بعد ان اتهمته بتنفيذ الاعتداءين على السفارتين الاميركيتين في نيروبي ودار السلام اللذين اسفرا عن سقوط 244 قتيلاً وآلاف الجرحى في 1998. وأصبح بن لادن «منشقاً اصولياً متطرفاً» في السنوات التي شهدت انهيار الاتحاد السوفياتي وأزمة الخليج ونتائجها، بعدما كان احد حلفاء واشنطن ضد السوفيات. نشأ اسامة بن لادن في المملكة العربية السعودية في عائلة ثرية جداً تتمتع بعلاقات وثيقة في المملكة. وهو احد عشرات الأبناء لرجل عصامي يدعى محمد عوض بن لادن انتقل من اليمن الى السعودية في عهد الملك الراحل عبدالعزيز آل سعود ليبدأ العمل في بناء اسوار بيوت قبل ان ينتقل الى إنشاء مدن الحجاج في مكةالمكرمة والمدينة المنورة والطرق المحيطة بالحرمين الشريفين. وتولت مجموعة الشركات التي انشأها بعد ذلك انشاء اكثر من 80 في المئة من شبكة الطرق في المملكة. وأصبح اسامة وهو من بين عشرات الأبناء لمحمد بن لادن، بعد وفاة ابيه وريثاً لثروة كبيرة قدرت بنحو 300 مليون دولار. درس اسامة بن لادن الاقتصاد وإدارة الاعمال في جامعة الملك عبدالعزيز في جدة حيث التقى مجموعة من المصريين المتأثرين بأفكار جماعة الإخوان المسلمين او الاعضاء فيها، غذّوا لديه التشدد الاسلامي وخصوصاً كره النفوذ الاجنبي ولا سيما الغربي. في 1979، قرر اسامة بن لادن الالتحاق بالمجاهدين في افغانستان بعد الغزو السوفياتي لهذا البلد الاسلامي. وفي سنوات الجهاد هذه، جنّد بن لادن ومساعدوه الآلاف من العرب للقتال في افغانستان، عرفوا في ما بعد باسم «الافغان العرب». كما أسس قبيل انتهاء انسحاب السوفيات تنظيم «القاعدة». وقد اقام في تلك المرحلة علاقات متينة مع وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إي) والاميركيين الذين قدموا له وللمجاهدين كل أشكال المساعدة. وبانتهاء الحرب وانهيار الاتحاد السوفياتي، التفتت هذه القوة الاسلامية التي اتاحت لها حرب افغانستان فرصة التدرب على مختلف فنون القتال، الى الوجود الاجنبي في العالم الاسلامي الذي تعزز بعد الغزو العراقي للكويت في الثاني من آب (اغسطس) 1990. وفي بداية التسعينات من القرن الماضي، عاد بن لادن الى السعودية قبل ان ينتقل الى السودان مع قيام حكومة الانقاذ الاسلامية التي لقيت دعمه. لكن في 1996، طلبت منه الخرطوم ان يغادر البلاد تحت ضغط الاميركيين. في تلك الفترة ايضاً، اتهمته مصر بتمويل الاصوليين المتطرفين لديها، واتهمه اليمن بتمويل تنظيم الجهاد الاسلامي في اليمن. اما السعودية، فأسقطت عنه الجنسية في 1994 بسبب «تصرفات غير مسؤولة تتعارض مع مصلحة المملكة وتسيء الى علاقاتها مع الدول الشقيقة»، فيما اعلن شقيقه الاكبر بكر باسم اسرته «شجبه وإدانته تصرفات شقيقه». ومنذ ذلك الحين تطالب السعودية بتسليمه وتؤكد انه «لا يمثل الاسلام ولا تعاليم الاسلام». وفي السودان حيث بقي من 1991 الى 1996، كما في افغانستان من قبل، وظّف بن لادن استثمارات كبيرة في الصناعة والاقتصاد وحتى إنشاء الطرق، ثم اضطر للانتقال بعد ذلك الى افغانستان حيث اسس تنظيم «القاعدة» ومدّ له شبكة كاملة في مختلف دول العالم. وفي عام 2001 خطف مسلحون اربع طائرات استخدموها لتنفيذ هجمات 11 ايلول (أيلول) على مركز التجارة العالمي في نيويورك ومبنى البنتاغون في واشنطن، وتحطمت الطائرة الرابعة في سهول بنسلفانيا. وأسفرت الهجمات عن قتل اكثر من 2700 شخص في نيويورك وما يزيد عن 180 في البنتاغون و40 راكباً على متن احدى الطائرات التي خطفت. وكان مخطط تلك الهجمات خالد الشيخ محمد، الذي اصبح اشهر سجين في معتقل غوانتانامو في كوبا، ولكن بن لادن هو من وافق عليها شخصياً واختار منفّذيها بنفسه. وكما كان متوقعاً، شنّت الولاياتالمتحدة حرباً اطاحت خلالها نظام «طالبان» الذي كان يؤوي بن لادن بعد رفضه تسليم زعيم «القاعدة». إلا ان مطاردة بن لادن كانت صعبة، فلم يتم العثور عليه في المناطق الجبلية الوعرة جداً على الحدود بين افغانستان وباكستان.