احتفى الرئيس الأميركي دونالد ترامب والجمهوريون في البيت الأبيض أمس، بإقرار الكونغرس قانوناً للإصلاح الضريبي يُعتبر الأضخم منذ عام 1986، ويشكّل أبرز نصر تشريعي للرئيس بعد 11 شهراً من إخفاقات وانتكاسات. ويرى الجمهوريون في الأمر إنجازاً «تاريخياً» يحفّز النموّ ويخلق فرص عمل، لكن الديموقراطيين يعتبرونه «سطواً» يأخذ من الطبقة الوسطى لمصلحة الأثرياء والشركات الكبرى. ووقّع ترامب القانون بعد تبنّيه في مجلسَي الشيوخ والنواب اللذين يسيطر عليهما الجمهوريون. وهنّأ الرئيس القادة «العظام» للحزب الجمهوري الذين «صوّتوا لمصلحة خفض الضرائب»، وندد بانتقادات للقانون من وسائل إعلام، إذ كتب على موقع «تويتر»: «التخفيضات الضريبية ضخمة جداً وذات مغزى كبير، ومع ذلك فإن الأنباء الزائفة تعمل وقتاً إضافياً للسير على خطى أصدقائها، الديموقراطيين المهزومين. النتائج ستتحدث عن نفسها، قريباً جداً. وظائف، وظائف، وظائف!»، علماً أنه كان وصف القانون ب «هدية الميلاد» للأميركيين. وقال ترامب إن اقرار القانون «نصر تاريخي للأميركيين ألغى الجزء الأكبر من أوباماكير»، في إشارة إلى نظام الضمان الصحي الذي أُقِر خلال عهد سلفه الديموقراطي باراك أوباما ورفضه الجمهوريون. وكان مجلس النواب تبنّى القانون بعد ساعات على إقراره في مجلس الشيوخ، بغالبية 51 صوتاً في مقابل 48. وأعلن نائب الرئيس مايك بنس الذي أرجأ زيارته الشرق الأوسط لهذه الغاية، النتيجة وسط تصفيق الغالبية الجمهورية، فيما هتف كثيرون بكلمة «تاريخي». وتحدث رئيس مجلس النواب بول راين عن «نموذج مثالي لوعد قُطع ولوعد نُفذ»، وتابع: «نعيد إلى هذا البلد أمواله». أما زعيم الغالبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، فأصرّ على أن الأميركيين سيرحبون بالقانون. لكن السيناتور الديموقراطية إليزابيث وارن رأت فيه «سطواً سيأخذ ملايين الدولارات من الطبقة الوسطى لإعطائها إلى الأغنياء»، فيما اعتبر زميلها كريس فان هولن أن القانون «سيؤذي ملايين العائلات من الطبقة المتوسطة». وزاد: «إنه يتضمّن هبات ضخمة ودائمة للمصارف والشركات الكبرى، ويطلب من أطفالنا ومن ملايين العمال الأميركيين والمسنّين والأجيال المقبلة أن تدفع الثمن». وبعكس التعديل الذي أُقرّ عام 1986، لم يؤيّد أي ديموقراطي النص. وتحمّلت الغالبية الجمهورية وحدها تنفيذ هذا الوعد، وبقيت موحدة على رغم انتقادات ومساومات شاقة. ولم يرفض النص سوى 12 من 239 نائباً جمهورياً في مجلس النواب، نتيجة مخاوف من أن تزيد الإعفاءات الضريبية العجز والدين. وسيكون الإصلاح الضريبي، الذي يُطبق مطلع العام المقبل، دائماً بالنسبة إلى الشركات، لكن التخفيضات بالنسبة إلى الأفراد ستنتهي عام 2026، التزاماً بالقواعد الضريبية لمجلس الشيوخ. وستخفّض الضريبة الفيديرالية على الشركات من 35 إلى 21 في المئة، في مقابل تراجعها من 39.6 إلى 37 في المئة بالنسبة إلى الأفراد. ويرى الديموقراطيون أن القانون سيوسّع الهوّة بين الأغنياء والفقراء، كما سيضيف في العقد المقبل 1.5 تريليون دولار إلى عجز في الموازنة يُقدّر ب20 تريليوناً كان ترامب تعهد إلغاءه خلال حملته الانتخابية. لكن الجمهوريين يؤكدون أن القانون سيزيد النموّ بمقدار الضعف إلى أكثر من 3 في المئة، ما سيولّد عائدات ضريبية جديدة. ويعوّل ترامب على ذلك لتحفيز النموّ في الاقتصاد الأميركي، لكن محللين مستقلين يرون أن هذه العائدات ستعوّض جزئياً فقط العجزَ الإضافي في الموازنة. مع ذلك، يشكل إقرار القانون نصراً سياسياً ضخماً لترامب الذي يأمل بأن يجعل منه محوراً حاسماً في انتخابات التجديد النصفي عام 2018. لكن استطلاع رأي نشرت شبكة «سي أن أن» نتائجه، أظهر أن ثلثَي الأميركيين يعتبرون أن الإصلاح الضريبي يفيد الأغنياء أكثر من الطبقة الوسطى، كما يفضّل 60 في المئة منهم سيطرة الديموقراطيين على الكونغرس العام المقبل.