عم الحزن والغضب قطاع غزة على استشهاد شاب مقعد برصاص قناص إسرائيلي خلال مواجهات اندلعت أول من أمس قرب السياج الأمني على الحدود الشرقية للقطاع. وتداول نشطاء ومغردون صوراً وأشرطة فيديو قصيرة ظهر فيها كلها تقريباً إبراهيم أبو ثريا (29 سنة) المقطوع الساقين من أعلى الفخذين وهو يلوح بعلم فلسطين بيد إلى أعلى مستوى ممكن ويرفع شارة النصر بيده الثانية. وأظهر شريط فيديو قصير أبو ثريا يتسلق، قبل وقت قصير من استشهاده، عمود حديد لكهرباء التوتر العالي ويضع علم فلسطين يرفرف خفاقاً في مسعى ل «قهر» جنود الاحتلال الإسرائيليين المختبئين خلف سواتر ترابية مرتفعة وأسلاك مكهربة وأبراج مراقبة على الحدود. وأطلق أحد هؤلاء القناصة، عصر «جمعة الغضب» الثانية احتجاجاً على قرار الرئيس دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، رصاصة واحدة من بندقية رشاشة استقرت في جبين أبو ثريا وأردته شهيداً. ومثلما أصبح استشهاد الطفل محمد الدرة في ثالث أيام انتفاضة الأقصى في 30 أيلول (سبتمبر) 2000 رمزاً للقتل والإرهاب الإسرائيلي، أصبح أبو ثريا «أيقونة انتفاضة العاصمة»، التي اندلعت غداة قرار ترامب في السادس من الشهر الجاري. واستشهد أربعة فلسطينيين، وأصيب نحو 250 آخرين أول من أمس في الضفة الغربية وقطاع غزة، ليرتفع عدد الشهداء منذ اندلاع «انتفاضة العاصمة» إلى 11. ورسم رسام الكاريكاتور علاء اللقطة رسماً أظهر أبو ثريا يرفع علم فلسطين بيده اليسرى وجذوراً، بدلاً من ساقيه، تضرب عميقاً في الأرض التي تعتبر محور الصراع بين الفلسطينيين والعرب مع الحركة الصهيونية منذ نحو مئة عام. وكان أبو ثريا، الذي يقطن في مخيم الشاطئ للاجئين غرب مدينة غزة، فقد ساقيه جراء تعرضه لقصف إسرائيلي في مخيم البريج للاجئين وسط القطاع عام 2008. واعتاد أبو ثريا المشاركة في كل مسيرة ووقفة نصرة للقدس والمسجد الأقصى المبارك أو أي قضية من قضايا الصراع مع إسرائيل. وتداول النشطاء والمغردون شريط فيديو أثناء مشاركة أبو ثريا في مسيرات الغضب على حدود القطاع قبل أيام. وقال أبو ثريا إنه يأتي إلى المنطقة الحدودية شرق مدينة غزة «لإيصال رسالة لجيش الاحتلال الإسرائيلي أن الأرض أرضنا هنا». وأضاف: «لن نستسلم لقرار ترامب وسنواصل الاحتجاج على الحدود. الشعب الفلسطيني شعب الجبارين، ونتحدى الجيش الإسرائيلي». وشيع آلاف الغزيين أمس جثمان أبو ثريا إلى مثواه الأخير في جنازة مهيبة شارك فيها رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية، وعدد من قادة الحركة والفصائل الفلسطينية. وردد المشاركون في الجنازة هتافات غاضبة تدعو المقاومة للرد على جريمة اغتيال أبو ثريا. وقال هنية خلال التشييع إن أبو ثريا «تقدم الصفوف ووصل إلى خط المواجهة ليكون حجة على الناس جميعاً، ووصمة عار في جبين المحتل المغتصب الإرهابي، الذي يصل إلى حد قتل شباب فلسطين في شكل مباشر ومتعمد». وأضاف هنية أن «شعباً يتقدمه مثل الشهيد أبو ثريا شعبٌ منتصر. إن شعباً قاده في المقاومة وأسس للمقاومة شيخٌ (قعيد) كالشيخ أحمد ياسين، ويسير على دربه كل هؤلاء الأصحاء، حتى وإن بُترت أقدامهم أو شلت أطرافهم شعبٌ منتصر». واعتبر أن «شهيدنا وصل صداه إلى كل أرجاء العالم. كل العالم وقف أمام هذه الشهادة وأمام هذه الرسالة العظيمة رسالة شعب فلسطين الذي يقاتل من أجل القدس وإسقاط قرار الإدارة الأميركية من أجل فلسطين كل فلسطين». وقال إن «الشهيد أبو ثريا أصبح يشكل ضمير الأحرار في العالم (...) ولأنه استشهد في معركة ليست ككل المعارك، فإن جنازته أيضاً والاحتفاء به ورفع قدره يجب أن يكون مختلفاً». وشدد هنية على أن «انتفاضة» الشباب تأتي للدفاع عن القدس والأقصى وميراث الأمة في فلسطين.