صعَّد الاحتلال من قمعه للهبَّة الشعبية، إذ قتل جُنودُه أمس فلسطينيَين اثنين في القدسالمحتلة وآخرَين في جنوب قطاع غزة، فيما اتهم نادي الأسير السلطات الإسرائيلية باعتقال 400 شخصٍ خلال الأيام العشرة الأخيرة نصفهم من الشُبَّان. وبعد ساعات من استشهاد شابٍّ فلسطيني من سكان مخيم شعفاط الواقع في نطاق القدس ليل أمس الأول؛ استُشهِدَ صباح أمس شابَّان آخران يبلغان 16 و19 عاماً قرب البلدة القديمة في المدينة. وبررت شرطة الاحتلال قتل الثلاثة باتهام الأول بفتح النار عليها خلال اشتباكات والثاني والثالث بطعن مستوطنَين و3 جنود بآلات حادة ما أسفر عن إصابتهم بجروح. وذكرت حركة «حماس»، التي تسيطر على غزة، أن «شهيد شعفاط أحد أعضائها». وأشارت في بيانٍ لها إلى «مقاومة شهيدنا البطل الاحتلال باللغة التي يفهمها وينصاع أمامها». وتصاعد التوتر في القدس والضفة المحتلتين منذ أواخر سبتمبر الفائت، ما أسفر عن استشهاد نحو 17 فلسطينياً على الأقل ومقتل 4 إسرائيليين. كما أصيب مئات خلال اشتباكات مع قوات الاحتلال، بينما تعرَّض 12 إسرائيلياً على الأقل إلى هجمات بالسكاكين. وبدأت الهبَّة الشعبية إثر سعي حكومة اليمين المتطرف بزعامة بنيامين نتنياهو إلى تغيير وضع المسجد الأقصى. ولجأ نتنياهو إلى الإعلان عن عدم السماح بتغيير الترتيبات المتمثلة في السماح لليهود بزيارة المسجد دون إقامة صلواتهم هناك، لكن تأكيداته لم تهدِّئ المخاوف. ولم تصل المصادمات في شِدَّتها إلى حدِّ الانتفاضتين السابقتين، لكنها فجرت الحديث عن انتفاضة ثالثة. وأمس الأول؛ قتل جنود الاحتلال سبعة من سكان غزة بالرصاص خلال احتجاجات، وأصاب إسرائيلي يحمل سكيناً 4 عرب في بلدة ديمونة. وأظهر مقطع فيديو نُشِرَ على مواقع التواصل الاجتماعي الشرطة الإسرائيلية وهي تطلق النار عدة مرات على امرأة من عرب 48 في بلدة العفولة الشمالية. وبررت الشرطة فعلتها باتهام المرأة بمحاولة طعن حارس في محطة حافلات. ووقعت مصادمات بالتزامن في مدينة رام الله في الضفة، وأظهرت لقطات فيديو سيارة جيب تابعة للجيش الإسرائيلي وهي تدعس متظاهراً كان يلقي الحجارة. ورغم دعوة السلطة في رام الله إلى «الهدوء»؛ تواصلت المصادمات أمس في عدة مواقع وقُتِل شخصان من جنوبغزة. ولا توجد مؤشرات تُذكَر على انحسار الغضب خصوصاً مع تسيير جنازات حاشدة لتشييع الشهداء في الخليل ومخيم شعفاط ومواقع أخرى. ورغم الشواهد على سلمية الهبَّة؛ ذكر بيانٌ لجيش الاحتلال أن صاروخاً أُطلِقَ من غزة ليل الجمعة- السبت وسقط في منطقة غير مأهولة بالسكان فلم يتسبب في إصابات. ولم تتبنَّ أي جهة مسؤولية إطلاق الصاروخ، ولم يُعرَف ما إذا كانت حركة «حماس» مسؤولة عن ذلك أم أن فصيلاً آخر في القطاع نفّذ العملية. ويلاحظ خبراء أنه ليس من مصلحة «حماس» تأجيج حدة التوتر كونها تسعى إلى إعادة تنظيم صفوفها بعد حرب صيف 2014 «لكنها لن تبقى في الوقت نفسه على هامش أحداث الضفة الغربية». وكان نائب رئيس المكتب السياسي للحركة، إسماعيل هنية، دعا أمس الأول إلى «تصعيد الانتفاضة الجارية». وعلى صعيد الاتصالات الدولية؛ كشف أمين سر منظمة التحرير، صائب عريقات، أن وفداً من اللجنة الرباعية الدولية سيصل إلى رام الله الأربعاء المقبل «للقاء الرئيس محمود عباس وبحث التصعيد الإسرائيلي». وأبلغ عريقات وكالة «فرانس برس» بقوله «سيصل إلى رام الله وفدٌ من الرباعية الدولية على مستوى المندوبين لكلٍّ من الأممالمتحدة وروسيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي للقاء الرئيس، كما سألتقي معهم لبحث التصعيد المتواصل ضد شعبنا في عموم الأراضي». في غضون ذلك؛ قدَّر نادي الأسير عدد الفلسطينيين المُعتقلين على يد جيش الاحتلال خلال الأيام العشرة الأخيرة ب 400 شخص تتراوح أعمار نصفهم بين 14 و20 عاماً. واستند النادي إلى رصدٍ للأحداث الدائرة منذ بداية الشهر الجاري وحتى صباح أمس السبت. وأكدت المتحدثة باسمه وصول عدد المعتقلين إلى 400 بينهم 100 من مدينة القدس وضواحيها. ويشكل الشُبَّان نسبةً غالبةً في المظاهرات والمصادمات التي تجري عند مناطق التماس على أطراف المدن الفلسطينية. وفي عمّان؛ اتهم مجلس النواب الأردني إسرائيل بممارسة «إرهاب دولة» ضد الشعب الفلسطيني. وأدان قتلَ الشبان أمس الأول في الضفة وغزة «بصورة همجية عنصرية لا تمت للإنسانية بصلة وتخالف كافة الأعراف والقوانين الدولية». وندد المجلس، في بيانٍ له أمس بثَّته وكالة الأنباء الأردنية الرسمية، ب «العدوان المستمر بحق فلسطين أرضاً وشعباً ومقدسات»، واصفاً إياه ب «إرهاب دولة يُمارَس فعلياً على أرض الواقع أمام سمع وبصر العالم أجمع». ولاحظ أن «العالم لم يحرك ساكناً للجم هذه السياسة العنصرية الحمقاء باعتبارها سياسة عنصرية متطرفة تدفع بالمنطقة والعالم إلى المزيد من العنف والإرهاب وعدم الاستقرار وتدمِّر المساعي الداعمة للمسيرة السلمية». وطالب المجلس «الأسرة الدولية بكل مؤسساتها وهيئاتها، وبالذات أعضاء الشُّعَب البرلمانية في الاتحادين البرلمانيين العربي والدولي، وكل دعاة الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، بتحمل المسؤولية للضغط على حكوماتهم لإدانة ورفض هذه الجرائم والعمل على وقفها وفضح الممارسات الإسرائيلية». في الوقت نفسه؛ شدد النواب الأردنيون على وقوف شعبهم إلى جانب أشقائه «لدعم صمودهم في وجه الصلف والغطرسة والتعنت». وكانت الحكومة في عمَّان دانت أمس الأول التصعيد ضد الفلسطينيين. وحذرت، على لسان وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق الرسمي باسمها محمد المومني، من «آثار استمرار العدوان.. وما يجره ذلك من انعكاسات سلبية على جهود إحلال السلام في المنطقة».