لبى آلاف الفلسطينيين أمس نداء لنصرة القدس، رداً على قرار الرئيس دونالد ترامب الاعتراف بالمدينة «عاصمة لإسرائيل» ونقل السفارة الأميركية إليها، وهبوا في «جمعة الغضب» في احتجاجات ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي أوقعت، في حصيلة أولية، أربعة شهداء وعدداً كبيراً من الجرحى. ومع تواصل الاحتجاجات، أُعلن في واشنطن أن مبعوث الرئيس الأميركي لعملية السلام جيسون غرينبلات سيزور إسرائيل الأسبوع المقبل لإجراء محادثات تتعلق بمساعي السلام (للمزيد). في غضون ذلك، أكد إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور صالح بن محمد آل طالب، أن «فلسطين ومدينة القدس بلاد إسلامية عربية... وكل إرادة وقوة تفرض غير ذلك، إنما تعبث في الدماء وتؤجج العنف والبغضاء»، معتبراً في خطبة الجمعة أن قرار «تكريس احتلال القدس خطوة لن تنتج إلا مزيداً من الكراهية». وشدد على دعم المملكة المستمر لقضية القدس، ومواقفها الثابتة على مر العصور، وسعيها بكل جهد من أجل حصول الشعب الفلسطيني على كامل حقوقه التاريخية. وفي ظل التوتر الشديد الذي يخيم على الأراضي الفلسطينية، قال مسؤول رفيع المستوى في الإدارة الأميركية إن غرينبلات سيزور إسرائيل، وسيلتقي مبعوث الاتحاد الأوروبي الخاص إلى الشرق الأوسط فرناندو جنتيليني، وسيبقى حتى زيارة نائب الرئيس الأميركي مايك بنس للدولة العبرية. وكان قادة دول الاتحاد الأوروبي أكدوا أمس أن موقفهم من وضع القدس «سيبقى ثابتاً». وكتب رئيس المجلس الأوروبي دونالد تاسك في تغريدة على «تويتر» على هامش القمة الأوروبية في بروكسيل: «قادة الاتحاد الأوروبي يكررون التزامهم الراسخ حل الدولتين (إسرائيلية وفلسطينية)، وفي هذا الإطار، فإن موقف الاتحاد الأوروبي من القدس يبقى ثابتاً». وقال الرئيس رجب طيب أردوغان أمس إن بلاده ستبدأ مبادرات في الأممالمتحدة لإسقاط قرار ترامب، مشيراً أمام حشود في مدينة قونية في إقليم الأناضول عبر مؤتمر بالهاتف، إلى أن تركيا ستسعى أولاً إلى إبطال الخطوة في مجلس الأمن، وإن فشلت ستحاول هذا في الجمعية العامة للأمم المتحدة. كما أعلن في الفاتيكان أن البابا فرنسيس، الذي أعرب عن قلقه من قرار ترامب، سيلتقي العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني الثلثاء المقبل. ميدانياً، ارتفعت وتيرة التظاهرات والاشتباكات مع قوات الاحتلال عند نقاط التماس في مدن القدس وبيت لحم والخليل ونابلس وجنين وقلقيلية، خصوصاً بعد صلاة الجمعة، وانعكس ذلك في الحصيلة العالية لعدد الشهداء والجرحى في الضفة الغربية وقطاع غزة، بما يُذكّر بالانتفاضات الفلسطينية السابقة. وحتى مساء أمس، كان عدد الشهداء أربعة، أحدهم في القدس، وثان في رام الله، وآخران في قطاع غزة، أحدهما مقعد يدعى إبراهيم أبو ثريا (29 سنة)، وأصيب برصاصة في الرأس خلال مواجهات مع الاحتلال شرق غزة. وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي فيديو يظهر فيه أبو ثريا، الذي فقد كلتا ساقيه في حادث سابق، وهو يحمل العلم الفلسطيني ويردد المتظاهرون خلفه هتافات، من بينها «باب الأقصى من حديد، ما بيفتحه إلا الشهيد». وشهد الأردن تظاهرات حاشدة رفضاً لقرار ترامب وتضامناً مع «انتفاضة القدس»، إذ تظاهر الآلاف في العاصمة عمان ورفعوا لافتات كتب عليها: «القدس ستبقى عربية»، و «القدس لنا»، و «كلنا فداء للأقصى»، وأحرقوا علميْ أميركا وإسرائيل. كما تجمع مئات آخرون قرب سفارة واشنطن، مطالبين بإغلاقها وطرد السفير، وإلغاء معاهدة السلام مع إسرائيل. كما تظاهر ألف شخص في مخيم البقعة للاجئين الفلسطينيين، ومئات في كل من مخيم الوحدات في عمانالشرقية، وإربد، والزرقاء، والكرك، والطفيلة، ومعان.