اخترق الديموقراطيون للمرة الأولى منذ عام 1992 الحصن الجنوبي للحزب الجمهوري، بفوز غير متوقع في انتخابات مجلس الشيوخ في ألاباما أمس، ليقلّصوا غالبية اليمين في المجلس إلى مقعدين، ويوجهوا صفعة جديدة إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب، قد تهدد مشروعه للإصلاح الضريبي ما لم يتم تمريره خلال الأسبوعين المقبلين. وفاز المرشح الديموقراطي دوغ جونز (63 سنة) بعد معركة انتخابية حامية مع منافسه الجمهوري روي مور، بمقعد مجلس الشيوخ عن ولاية ألاباما ذات التوجّه المحافظ الراسخ، وفي سباق على مقعد وزير العدل جيفري سيشنز. وشابت الحملة الانتخابية اتهامات بحق المرشح الجمهوري مور بسوء السلوك الجنسي والتحرّش بفتاتين قاصرتين أواخر السبعينات عندما كان مدعياً عاماً في الثلاثينات من عمره. وبعد الفوز الذي حققه أمس، بات جونز أول ديموقراطي يدخل مجلس الشيوخ عن تلك الولاية منذ ربع قرن، مقلصاً غالبية الجمهوريين الضئيلة أصلاً في المجلس إلى 51 مقعداً مقابل 49 للديموقراطيين، ما يفتح الباب أمام الحزب المعارض لاستعادة زمام المبادرة في مجلسي الشيوخ والنواب في الانتخابات النصفية المقبلة المتوقعة في 6 تشرين الثاني (نوفمبر) 2018. وبعد فرز كل المراكز الانتخابية في ألاباما، حصد جونز 49.9 في المئة من الأصوات مقابل 48.4 في المئة لمور، أي بفارق نحو 21 ألفاً من أصل 1.3 مليون صوت، وفق أرقام نشرتها وسائل إعلام أميركية. ولمع اسم جونز المدعي الفيديرالي السابق عندما نجح في إدانة أعضاء من حركة «كو كلاكس كلان» بتهمة تفجير كنيسة للسود في ستينات القرن الماضي، ما أدى إلى مقتل 4 فتيات. وخلال احتفال أُقيم في مدينة برمنغهام، عبّر جونز أمام مؤيديه عن فرحته بالفوز، قائلاً: «أكاد لا أصدق فعلاً. أظهرنا للبلاد الطريقة التي يمكن أن نكون فيها موحّدين»، مشيراً إلى أن ألاباما التي فاز فيها ترامب خلال الانتخابات الرئاسية العام الماضي ب28 نقطة، كانت «عند مفترق طرق، ولم تسلك دائماً الطريق الصحيح، لكنها قامت بذلك الثلثاء». من جهته، هنأ ترامب جونز عبر «تويتر»، وكتب أن «الفوز هو الفوز، وسكان ألاباما رائعون وستكون أمام الجمهوريون فرصة جديدة لهذا المقعد خلال فترة قصيرة جداً. إنها عملية لا تنتهي». بدوره، رفض مور الإقرار بالهزيمة، وقال أمام مؤيديه في مونتغومري: «عندما تكون النتيجة متقاربة إلى هذا الحد لا ينتهي الأمر، علينا انتظار إشارة من الله». وأمام المسؤولين في الولاية مهلة بين 26 كانون الأول (ديسمبر) و3 كانون الثاني (يناير) المقبل، لتأكيد الفوز. وإذا لم تتم إعادة فرز الأصوات، فسيتولى جونز منصبه في مجلس الشيوخ مطلع الشهر المقبل. وشكّل هذا الفوز انتكاسة للجمهوريين الذين يصارعون لإقرار مشاريع قوانين ترامب في الكونغرس، كما يمكن أن يُعدّ مؤشراً لوضع الحزب الحاكم قبل انتخابات منتصف الولاية عام 2018. في المقابل، توالت التهاني من الحزب الديموقراطي فور إعلان الفوز، وكتبت منافسة ترامب الديموقراطية في انتخابات 2016 هيلاري كلينتون، على تويتر: «الليلة اختار الناخبون في ألاباما سيناتوراً سيشعرهم بالفخر»، مضيفةً: «إذا تمكّن الديموقراطيون من الفوز في ألاباما، فبإمكاننا وعلينا أن ننافس في كل مكان». واعتبرت اللجنة الوطنية الديموقراطية أن خسارة مور في هذه الولاية المحافظة، توجّه رسالة «قوية وواضحة» إلى ترامب والجمهوريين. وقال رئيس اللجنة توم بيريز: «لا يمكن أن تعتبروا أنفسكم الحزب المدافع عن قيم الأسرة ما دمتم تقبلون بمرشح دنيء مثل مور». وكان قادة الحزب الجمهوري وأعضاء في الكونغرس دعوا مور إلى التنحّي لدى انتشار اتهامه بالتحرّش، لكن من دون فائدة. يُذكر أن هذه هي المرة الثانية في غضون أقل من شهرين، التي يحقق فيها الحزب الديموقراطي فوزاً انتخابياً كبيراً، بعد انتخاب أحد أعضائه حاكماً لولاية فرجينيا في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي.