تبنى مجلس الأمن الدولي أمس (الجمعة) بالاجماع قراراً يجيز لقوات الأممالمتحدة المنتشرة في مالي تقديم دعم لوجستي وعملاني لقوة دول مجموعة الساحل الخمس لمكافحة المقاتلين المتطرفين. وكان القرار الذي صاغته فرنسا موضع مفاوضات شاقة مع الولاياتالمتحدة التي عارضت لفترة طويلة أي انخراط للأمم المتحدة في هذه القوة المشتركة بين خمس دول هي مالي وبوركينا فاسو وتشاد وموريتانيا والنيجر. وقال السفير الفرنسي في الاممالمتحدة فرنسوا دولاتر ان «الحوار كان صريحا وبناء ومثمرا على ما اعتقد» مع السفيرة الاميركية نيكي هايلي. واشادت الديبلوماسية الاميركية بصياغة نص القرار، مؤكدةً حرص الولاياتالمتحدة على دعم الدول الافريقية في معركتها ضد الارهاب. وسيشمل الدعم الذي ستقدمه قوة الاممالمتحدة الاجلاء الطبي والامداد بالوقود والمياه والحصص الغذائية، اضافة الى الاستعانة بوحدات الهندسة في القوة الاممية من اجل بناء معسكرات وقواعد عسكرية لمكافحة الجهاديين. وقوة مجموعة الساحل التي بدأت لتوها تنفيذ أولى عملياتها الميدانية تهدف الى التصدي للمتطرفين على ان تضم لدى اكتمال عديدها في مطلع الربيع المقبل خمسة الاف عنصر. وكان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون دعا أخيراً الى اجتماع دولي يعقد في باريس في 13 كانون الأول (ديسمبر) يهدف إلى «تسريع انتشار» القوة. والقرار الذي اعتمده مجلس الامن يطلب من الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش الوصول «في اسرع وقت» الى «اتفاق تقني بين الاممالمتحدة ودول مجموعة الساحل لتقديم دعم لوجستي وعملاني عبر قوة الاممالمتحدة في مالي» الى القوة الافريقية الجديدة. ويفترض ان يتم تقديم تقرير للامم المتحدة كل ستة اشهر بخصوص التنسيق بين قوة مجموعة الساحل وقوة الاممالمتحدة. وتضم قوة حفظ السلام في مالي حوالى عشرة الاف جندي. ويشدد القرار على ان «انشطة التنظيمات الاجرامية والارهابية في منطقة الساحل تشكل تهديدا للسلام والامن الدوليين». وحيال تردد الولاياتالمتحدة في إشراك الاممالمتحدة في قوة افريقية جديدة في وقت تسعى فيه واشنطن الى تقليص نفقات المنظمة الدولية، ينص القرار الذي تم تبنيه على «آلية ينسقها الاتحاد الاوروبي». وبذلك ستسدد الى الاممالمتحدة كل النفقات التي تخصص لقوة الساحل. واكد القرار ان هذه المساهمة اللوجستية والعملانية للامم المتحدة لن تتم الا حين تنتشر القوة الجديدة على الاراضي المالية، وشرط ان لا تتسبب باي ضرر للمهمة الاساسية لجنود حفظ السلام المنتشرين في هذا البلد. وحتى الآن لم يتم تأمين تمويل لقوة مجموعة الساحل. وكانت كلفة هذه القوة قدرت اولا ب250 مليون يورو و«400 مليون عندما تبدأ مهماتها بالكامل» ربيع العام 2018، بحسب ما ذكرت باريس. ووعد الاتحاد الاوروبي بدفع خمسين مليون يورو وفرنسا ثمانية ملايين (خصوصاً في شكل معدات) وكل دولة مؤسسة لمجموعة الساحل عشرة ملايين والسعودية مئة مليون. اما الولاياتالمتحدة وعدت الدول الخمس المؤسسة للقوة بمساعدة ثنائية تبلغ ستين مليون دولار. وهذا ثاني قرار يصدره مجلس الامن في ما يتصل بقوة مجموعة الساحل. وكان المجلس أصدر في حزيران (يونيو) أمس قرارا اول اعلن فيه دعمه السياسي لتشكيل القوة الجديدة ولكن من دون ان يلحظ اي مساهمة مالية فيها بسبب رفض واشنطن. وقالت مصادر في باريس انه بتبني النص الجديد «نضيف طابقا صغيرا». واضاف ان الولاياتالمتحدة كانت ترفض اصدار اي قرار، عند اطلاق القوة مطلع الصيف الماضي من دون ان يتمكن من تحديد ما اذا كان مقتل عسكريين اميركيين في النيجر أخيراً أدى الى هذا التغيير في الموقف الاميركي.