حضّت فرنسا والولايات المتحدة الأميركية روسيا على استخدام نفوذها لدى دمشق و «إحضار» الرئيس السوري بشار الأسد إلى مفاوضات جنيف التي استؤنفت في غياب التمثيل الرسمي، منتقدتين «استراتيجية التعطيل» التي تتبعها دمشق. وأفاد مصدر مقرب من وفد الحكومة السورية بأنه كان لا يزال في دمشق أمس، وأنه لا دلائل على احتمال عودته إلى جنيف، فيما أعلن وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون أن واشنطن تدعم مشاركة الأسد في محادثات التسوية ما دام في السلطة. في موازاة ذلك، أعلنت وزارة الخارجية الكازاخية أن تحضيرات بدأت أمس للجولة الثامنة من محادثات آستانة برعاية روسيا وإيران وتركيا. وأوضح وزير الخارجية غالماخان كويشيبايف أن بلاده بدأت التحضير للمحادثات التي تسعى إلى توسيع مناطق «خفض التوتر» لتشمل كل سورية، وإرسال مساعدات إلى المناطق المتضررة والإفراج عن المعتقلين. ولم يعلن الوزير موعد عقد الجولة الجديدة من آستانة، لكن يعتقد أنها ستُعقد في الأسبوع الثالث من الشهر الجاري. وفي دلالة على دخول الجولة الثامنة من جنيف حالة جمود بسبب غياب الوفد الرسمي السوري، دعت واشنطن وباريس موسكو إلى الضغط على حليفتها دمشق وإقناعها بحضور محادثات جنيف. وقال وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون خلال مؤتمر صحافي في بروكسل أمس: «قلنا للروس إن من المهم أن يكون النظام حاضراً وجزءاً من هذه المفاوضات والمناقشات. تركنا الأمر للروس لإعادتهم إلى الطاولة». وزاد: «نرى أنه من المهم أن يكون بشار الأسد طرفاً مباشراً في هذه المفاوضات ما دام على رأس النظام». وأضاف: «أبرزنا أمام الروس أهمية مشاركة دمشق في هذه المفاوضات... وتركنا لهم مهمة جلبها إلى طاولة المفاوضات»، وفق تعبيره. واتهمت فرنسا، من ناحيتها، الحكومة السورية بعرقلة مساعي الأممالمتحدة ورفض المشاركة في التوصل إلى حل سياسي. وقال نائب الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية ألكسندر جورجيني، للصحافيين أمس: «هذا الرفض يظهر استراتيجية التعطيل لعرقلة العملية السياسية التي يتبعها نظام دمشق المسؤول عن عدم إحراز تقدم في المفاوضات». وأضاف أن على روسيا تحمل مسؤولياتها باعتبارها أحد الداعمين الرئيسيين للأسد، حتى تشارك الحكومة السورية في المفاوضات. وعقد وفد المعارضة أمس اجتماعاً مع فريق دي ميستورا. وقال الناطق الرسمي باسم الوفد يحيى العريضي للصحافيين بعد اجتماع مع نائب المبعوث الأممي رمزي عز الدين رمزي، إن النقاش تناول «عملية الانتقال السياسي بعمق واستفاضة... في إطار علاقتها بالسلة المتعلقة بالعملية الدستورية والانتخابية». وجدّد الإشارة إلى «جدية» المعارضة مقابل «انشغال الجانب الآخر بأمور لا تتعلق بالعملية السياسية واستمراره في الاستراتيجية الأساس التي انتهجها في مقاربة القضية السورية». وأضاف: «إذا كانوا جادين في العمل لإحلال السلام في سورية فعليهم الحضور»، متوقعاً مجيئهم إلى جنيف. ميدانياً، قُتل 21 مدنياً في قصف جوي روسي استهدف ليل الثلثاء- الأربعاء، إحدى بلدات محافظة دير الزور التي يسيطر تنظيم «داعش» على جيوب محدودة فيها. وقال مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبدالرحمن لوكالة «فرانس برس» أمس، إن تسعة أطفال قتلوا في القصف الجوي الروسي الذي أصاب أبنية سكنية في بلدة الجرذي على الضفة الشرقية لنهر الفرات، الذي يقسم محافظة دير الزور إلى جزءين، علماً أن «داعش» لا يزال يسيطر على ثمانية في المئة منها.