دعا رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الأكراد إلى حسم خلافاتهم الداخلية حول شرعية حكومتهم قبل الدخول في مفاوضات مع بغداد، وفيما جددت أربيل التزامها وحدة العراق، أكدت الخارجية الأميركية أنها ستبذل جهوداً لحل الأزمة عندما تتلقى طلباً عراقياً. وكان ديبلوماسيون أميركيون وفرنسيون وبريطانيون عقدوا لقاءات في بغداد وأربيل، في موازاة مساع يبذلها مبعوث الأممالمتحدة إلى العراق يان كوبيتش ورئيس الجمهورية فؤاد معصوم، لدفع الطرفين إلى الحوار والبحث عن حل للملفات الخلافية، خصوصاً الأزمة التي نشبت بعد إجراء الأكراد استفتاءً على الانفصال عن البلاد. وحضت الناطقة باسم الخارجية الأميركية هيذر ناويرت، خلال مؤتمر صحافي أمس «الحكومتين في بغداد وأربيل على حل خلافاتهما سلماً»، وكشفت أن «بغداد ترفض وساطة واشنطن حتى الآن، وسنطلع بالأمر حين نتلقى طلباً عراقياً». إلى ذلك، رحب رئيس الوزراء حيدر العبادي، خلال مؤتمره الصحافي الأسبوعي ب «التفاوض مع إقليم كردستان، لكن عليهم (الأكراد) حل خلافاتهم أولاً، فبعضهم يرى أن حكومة الإقليم غير شرعية»، واتهم آخرين بالإصرار «على سفك الدماء»، وأبدى استعداد حكومته ل «دفع رواتب موظفي كردستان، وقد بدأت عملية التدقيق في عددهم وهناك خطوات في هذا الشأن». وجاء تصريح العبادي في وقت أعلن رئيس حكومة الإقليم نيجيرفان بارزاني خلال مؤتمر صحافي عقده في أربيل عقب زيارته باريس ولقائه الرئيس إيمانويل ماكرون، أنه «سيناقش المبادرة الفرنسية لحل الأزمة مع برلمان الإقليم، وقد وعدني ماكرون بالتحدث إلى العبادي، وستظهر النتائج خلال اليومين المقبلين ونتمنى أن تكون طيبة»، ولفت إلى أن «السفير الأميركي أبلغ إلينا بأن هناك آلية مشتركة للحوار مع بغداد وفق الدستور، لكننا نرى أن التنسيق العراقي- الأميركي غير مكتمل، ومن جانبنا نرحب بوضع آلية ثلاثية في المناطق المتنازع عليها، وأكدنا مراراً استعدادنا للحوار وفقاً للدستور لكن بغداد ترفض، ولا يوجد بيننا حالياً أي حوار فني أو سياسي». ودعا إلى «تعديل مسودة مشروع الموازنة الاتحادية لما تشكله من خطر ليس على حصة الإقليم فقط بل على السُنة». وأفاد بيان لحكومة الإقليم أن بارزاني (نيجيرفان) «اجتمع مع المبعوث الأممي يان كوبيش وأكدا أهمية إجراء حوار بين أربيل وبغداد على المستويين الفني والسياسي، ودور الأممالمتحدة لتهيئة الأرضية للبدء بالحوار». وجاء في بيان لرئاسة الجمهورية أن معصوم «واصل لقاءاته مع القوى السياسية وسفراء الدول لإيجاد مخرج للأزمة، واجتمع مع كوبيتش والسفيرين الأميركي والبريطاني وثمنوا استعداد بغداد وأربيل لإجراء حوار قريباً، كما بحث مع نائبه أسامة النجيفي نتائج زيارته الإقليم ومحافظة كركوك، وأهمية حل الأزمة بما يضمن وحدة وسيادة البلاد». في كركوك، اتهم «المجلس العربي» في بيان «أطرافاً كردية بمحاولة خلط الأوراق وتزييف الحقائق لمصلحة قومية بعينها»، في إشارة إلى تقارير تفيد بارتكاب انتهاكات ضد المواطنين الأكراد في المحافظة وبلدة طوز خورماتو، عقب دخول «القوات الاتحادية» و «الحشد الشعبي» منتصف تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، وأضاف أن «الوضع الأمني يشهد استقراراً تاماً وسيادة القانون، وسلطة الدولة الاتحادية هي السائدة في عموم كركوك وكل ما يشاع من استهداف قومية معينة ما هو إلا محض افتراء تنتهجه بعض الأحزاب والأشخاص لإثارة الفتن والمشكلات بين المكونات». وقال عضو المكتب السياسي في «الجماعة الإسلامية» محمد حكيم، خلال مؤتمر صحافي في أعقاب اجتماع للقوى الكردية في أربيل: «تسلمنا مطالب الأحزاب الكردستانية في طوزخورماتو، وأكدنا ضرورة إعادة النازحين بالحوار مع الحكومة الاتحادية والمجتمع الدولي، واتخاذ كل الإجراءات القانونية لإعادة كل من نزح بسبب الأحداث الأخيرة»، لافتاً إلى أن «الأكراد تعرضوا لمآس كبيرة كانت نتيجة أخطاء ارتكبوها، ويجب أن نتعظ منها ونتعلم الدروس من الماضي».