المخالفة المرورية غير المسددة تحرمك من خدمات كثيرة، وهذا مبدأ حسن، يقلص من هذه المخالفات أولاً، ويساعد على نشر ثقافة الالتزام المروري والنظامي، ويرسخ فكرة التعاون بين الجهات الحكومية. المخالفة القانونية، لا تفعل المثل، ماذا قلت: المخالفة القانونية؟ هل يوجد شيء بهذا المسمى؟ كل مخالفة لقانون هي مخالفة قانونية، لكن ما أقصده هو المخالفة التي أقترح أن تبدأ وزارة العدل في إقرارها وتنفيذها. المقصود هنا أن جهاز القضاء يشتكي من «التكدس» - قصصنا مع التكدس كثيرة -، والناس تشتكي من بطء أنظمة التقاضي، ومن بين أبرز المشاكل عدم حضور الخصوم، في القضايا الاجتماعية والمالية وغيرها، مما يؤجل النظر، عدة جلسات، إلى حين اتخاذ إجراء الحكم الغيابي. وقرأت عن النية لإيقاف الخدمات عن المماطلين في الحضور، وهذا حسن، لكن الأحسن منه هو إصدار مخالفة قانونية باسمه قيمتها 100 ريال مثلاً، وتطبيق ما تفعله المخالفة المرورية مع زيادة الضغط بحرمانه من أي تعامل حكومي حتى يسدد هذه المخالفة، هذا في الغياب الأول، وتتضاعف في الغياب الثاني، وهكذا. أزعم أن هذا الأجراء سيخفف من الظاهرة، وسيبت في كثير من القضايا بشكل عاجل، مما يقفل ملفاتها ويساعد على مباشرة غيرها من القضايا، وهو إجراء سيزيد من هيبة القضاء، كما أنه سيكون دخلاً للوزارة يعينها على تحسين خدماتها، وزيادة أعداد منسوبيها ربما. المخالفة يجب أن تشمل أشياء أخرى في التقاضي غير عدم الحضور، ويمكن أن يقترح القضاء بالتشاور مع المحامين مخالفات عدة، تجعل محترفي المماطلة والتسويف، و«المستهبلين» على الأنظمة أكثر انضباطاً، وتجعل القضاء أكثر سرعة. هل يمكن تسميتها مخالفة شرعية؟ أترك الإجابة للعلماء والقضاة والقانونيين، لكن رأيي أنها كذلك بالفعل، لأن عدم الحضور من دون عذر شرعي يعتبر من مخالفة أوامر ولي الأمر، الذي يمثله القاضي هنا في تطبيق الشرع أو القانون، لكن تسميتها بالمخالفة القانونية سيكون أسهل، ويبعدنا عن نقاشات كثيرة، خصوصاً أن المحاكم تنظر في قضايا المتخاصمين أياً كان دينهم ومعتقدهم. سمعنا وقرأنا عن نساء أمضين سنين يراجعن المحاكم طلباً لحق، ولم يحضر خصمهن «الزوج» أو «الطليق» غالباً، وسمعنا عن رجال يطاردون مستأجراً متهرباً لسنوات مطالبين بحقهم من دون جدوى، وسمعنا الكثير من القصص، ومن يزور المحاكم يرى ويسمع أكثر. إثقال كاهل المواطن بالرسوم في بلد غني غير مبرر، ولكننا هنا نتكلم عن عقاب لمستهترين بالنظام، وربما وزارة العدل لا تحتاج هذا الدخل البسيط، لكنها بالتأكيد تحتاج إلى كل ما من شأنه رفع مستوى أدائها، وزيادة هيبة قضاتها، وجعل أمر الاستدعاء للمحكمة شيء يأخذه الجميع بجدية. [email protected]