استبعدت اللجنة الأولمبية الدولية أمس (الثلثاء) روسيا عن المشاركة في أولمبياد 2018 الشتوي بسبب «تنشط منهجي»، لكنها سمحت لرياضييها بالمشاركة في المسابقات المقررة في بيونغتشانغ (كوريا الجنوبية) تحت «علم أولمبي وشروط صارمة»، فيما أوقفت وزير الرياضة الروسي السابق مدى الحياة. وأعلنت اللجنة قرارها بعد فحص أدلة «تنشط منهجي» على مدى سنوات تورطت فيه الكثير من أجهزتها، من وزارة الرياضة إلى أجهزة الأمن، ووصلت إلى ذروتها في ألعاب سوتشي الأولمبية الشتوية العام 2014. وأوقفت اللجنة مدى الحياة نائب رئيس الوزراء الروسي المسؤول عن الشؤون الرياضية فيتالي موتكو، والذي كان وزيراً للرياضة عندما استضافت سوتشي الأولمبياد الشتوي العام 2014. واُستبعدت دول سابقاً من الألعاب، خصوصاً جنوب أفريقيا خلال سنوات الفصل العنصري، لكن لم يبعد أي منها بشكل كامل بسبب المنشطات. وذكر رئيس اللجنة الأولمبية الدولية الألماني توماس باخ أن التنشط الروسي المنهجي بين العامين 2011 و2015، وخصوصاً في أولمبياد سوتشي 2014، «شكل هجوماً غير مسبوق على نزاهة الألعاب الأولمبية والرياضة». وأضاف باخ «كرياضي، أعتذر لجميع الرياضيين النظيفين من اللجان الأولمبية الوطنية الأخرى المتضررين من هذا التلاعب.. اتخذت اللجنة التنفيذية للجنة الأولمبية الدولية عقوبات متناسبة مع التلاعب المنهجي، مع حماية الرياضيين النظيفين». وعن مقاطعة جميع الرياضيين الروس، قال باخ «المقاطعة الأولمبية لم تحل أي شيء... لا أرى أي سبب لمقاطعة الرياضيين الروس، لأننا نسمح للرياضيين الروس بالمشاركة» في أولمبياد 2018 المقرر بين التاسع و25 شباط (فبراير) المقبل. ونقلت وكالة «آر سبورت» للأنباء عن رئيس اللجنة الأولمبية الروسية ألكسندر جوكوف قوله أمس إن بلاده ستطعن على قرار اللجنة الأولمبية الدولية. وقررت اللجنة أيضاً إيقاف جوكوف باعتباره أحد أعضاء اللجنة الأولمبية الدولية بحكم منصبه في رئاسة اللجنة الأولمبية المحلية. وحيت اللجنة الأولمبية الأميركية القرار «القوي والمبدئي»، فيما تقبلت اللجنة المنظمة في بيونغتشانغ و«احترمت قرارات اللجنة الدولية». من جهة أخرى، أشار الاتحاد الدولي لكرة القدم في بيان، أنه «أخذ علماً» بقرار اللجنة الأولمبية الدولية والذي «ليس له تأثير على الاستعدادات لمونديال 2018» الذي تستضيفه روسيا الصيف المقبل. واستثمرت موسكو بلايين الدولارات من أجل احتضان أولمبياد 2014 الشتوي، الأغلى في تاريخ الألعاب الأولمبية، في منتجع سوتشي، إذ أنهت المنافسات في المركز الأول قبل أن تجرد من 11 ميدالية من أصل 33 وتصبح نظرياً خلف النروج في الترتيب العام. وسارت اللجنة الدولية بالتالي على خطى الاتحاد الدولي لألعاب القوى الذي أوقف روسيا في 13 تشرين الثاني (نوفمبر) 2015 بعد الكشف عن «تنشط منهجي». وأبعد الاتحاد الدولي روسيا عن أولمبياد ريو 2016 الصيفي، مع السماح لرياضييها النظيفين بالمشاركة، ثم عن مونديال لندن 2017 لألعاب القوى، نتيجة صدور تقرير المحقق الكندي ريتشارد ماكلارين بناء على طلب الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات والكشف عن نظام التنشط الذي اتبعته الحكومة. وشارك 276 رياضياً روسياً من أصل 387 في أولمبياد ريو، إذ رمت اللجنة الأولمبية الدولية الكرة في ملعب الاتحادات الرياضية الدولية للسماح بمشاركة الرياضيين الروس من عدمها، ما عرضها لانتقادات شديدة. لكن بعد سنتين من تحقيقات لجنتين أنشأتهما اللجنة الدولية برئاسة السويسريين دنيس أوزوالد وصامويل شميد، كانت الأدلة مهمة جداً لإيقاف روسيا مرة جديدة. وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وصف الاستبعاد المحتمل لبلاده ب «الإهانة» التي تأتي في وقت تستعد فيه روسيا لاستضافة الحدث الرياضي الأكثر متابعة حول العالم وهو مونديال 2018 لكرة القدم الذي سحبت قرعته الجمعة الماضي في الكرملين. ورأى السويسري شميد، رئيس إحدى لجنتي الانضباط من قبل اللجنة الأولمبية الدولية، أن لجنته «لم يكن لديها أي دليل على تورط مباشر» للرئيس بوتين في برنامج التنشط. وفي نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، مدد الاتحاد الدولي لألعاب القوى إيقاف روسيا الغائبة عن أم الألعاب في أولمبياد ريو 2016، وأكدت الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات استبعاد الوكالة الروسية. وترفض موسكو دائماً البعد الحكومي في نظام التنشط الذي كشف عنه تقرير ماكلارين، وأجهزة التحقيق الروسية تؤكد تورط الرئيس السابق لمختبر موسكو غريغوري رودتشنكوف الذي كان وراء الشرارة الأولى حول نظام التنشيط والصادرة بحقه مذكرة توقيف روسية، وتتهمه بأنه قام بناء على مبادرة شخصية منه بتنشيط الرياضيين من دون علمهم. وأضاف شميد للصحافيين أن «النتائج لا تستند فقط إلى شهادة غريغوري رودتشنكوف. هناك أدلة علمية، وثائق للشهود ومراسلات». بدوره، أكد موتكو الجمعة الماضي أن التهم بالتنشط الموجهة إلى روسيا تهدف إلى وضعها ضمن «محور للشر» وتريد أن تجعل من البلد «نوعاً من الشبح». وصرح الرئيس بوتين مطلع تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي أن الولاياتالمتحدة نظمت هذه التهم من أجل الإضرار بسير الانتخابات الرئاسية في آذار (مارس) 2018.