بدأت وزارة الآثار المصرية أعمال الحفر الأثري في منطقة بئر يوسف الموجودة في قلعة صلاح الدين الأيوبي، وفقاً للأمين العام للمجلس الأعلى للآثار المصرية مصطفى وزيري، أثناء جولته التفقدية للقلعة للوقوف على حال البئر وبعض المزارات الأثرية. ووجه بضرورة إنجاز أعمال الترميم التي تتم في القلعة على وجه السرعة وافتتاح المزارات الأثرية المغلقة فيها، لافتاً إلى موافقته على إجراء أعمال الحفر لكشف العديد من الآثار المهمة في الموقع. وتقع البئر في الجهة الجنوبية من مسجد محمد بن قلاوون في القلعة، ويمكن الوصول إليها من طريق فتحة باب في الناحية الجنوبية الشرقية يفضي إلى قبو وسلم حلزوني منحوت بالصخر. والبئر عبارة عن ثلاث طبقات، يلتف حولها سلم حلزوني يضيق في الطبقة السفلى عنه في الطبقة الوسطى. وفي البئر ساقيتان واحدة في الطبقة السفلية تستخدم لرفع الماء إلى الطبقة الوسطى بواسطة قواديس تديرها دواب، وقد أمر ببنائه صلاح الدين الأيوبي طالباً من وزيره بهاء الدين قرقوش نحت هذه البئر في الصخر لأخذ المياه منها وقت الحصار. ويرجع بعض الباحثين الأثريين بئر يوسف، وتسمّى أيضاً بئر أيوب، إلى العصر البطلمي. وسميت بئر يوسف نسبة إلى الملك الناصر أبو المظفر يوسف بن أيوب، وهو صلاح الدين الأيوبي. وكان صلاح الدين أمر الأمير قراقوش ببناء القلعة، وكانت البئر في الموقع نفسه، خلف جامع الناصر محمد بن قلاوون في القلعة، فأعاد الأمير قراقوش إنشاءها، وحفر على عمق 90 متراً (85 منها منحوتة في الصخر) حتى يصل إلى المياة العذبة، ومن ثم حفر مرة ثانية لإمداد القلعة بالمياة اللازمة، إلا أن المياه شابتها الملوحة. وذكر المقريزي في أحد كتبه أن «الأمير قراقوش حفر في القلعة بئراً وكانت هذه البئر من عجائب الأبنية، يدور البقر من أعلاها، وينقل الماء من وسطها، وتدور أبقار أخرى في وسطها، فينقل الماء من أسفلها، وجميع ذلك حجر منحوت ليس فيه بناء. وقيل إن أرض هذه البئر مسامتة لأرض بركة الفيل، وإن ماءها كان عذباً في أول الأمر، ثم أراد قراقوش الزيادة في مائها، فوسعها، فخرجت منها عين مالحة، غيرت حلاوته». هذه البئر ربما لا يعرفها كثيرون ولكنها ما زالت موجودة في قلعة صلاح الدين الأيوبي، علماً أن هناك ثلاث قلاع معروفة بهذا الاسم، إلا أن القلعة المنفردة التي بناها صلاح الدين هي تلك الموجودة في القاهرة، أعلى جبل المقطم. وتتعدد فيها المعالم السياحية، وأشهرها مسجد محمد علي، وهذه البئر التي لا تقل أهمية عن تلك المعالم التي تفتح آفاقها أمام أعين السياح. وأمام البئر يقع المتحف الحربي، ومن خلفها مسجد الناصر بن قلاوون في قلعة صلاح الدين الأيوبي. وتتخذ البئر شكل المربع من الداخل منقسماً إلى قسمين: الأول طول مقطعه 5 أمتار، والثاني مقطعه متران ونصف المتر. ويصل العمق إلى 280 قدماً، ينزل إليه بسلم حلزوني، وفي القسم الأول ساقية ذات عجلات تدار بثورين ليرتفع منسوب المياه من القسم الأول في البئر إلى الساقية ثم إلى ظاهر الأرض عند مدخل البئر، وكذلك في القسم الثاني توجد ساقية في الوسط حتى تحمل المياه من قاع البئر إلى الأعلى. حفرت البئر للحفاظ على منسوب مياه النيل في القلعة، حتى لا تقطع المياه من إحدى جهاتها بفعل فاعل، كما توجد صهاريج احتياطية تمد القلعة بمياه تكفي بضعة آلاف من الرجال سنة كاملة. ولبئر يوسف مستويان، العلوي الذي يبلغ عمقه نحو 45 متراً، وهو الأكثر اتساعاً وفيه ساقية تسحب المياه من أحواض مختلفة في أعلى المستوى السفلي الذي يصل عمقه إلى نحو 50 متراً، وفيه أيضاً سواقٍ لسحب المياه ورفعها إلى أعلى، باستخدام ثيران صغيرة كانت تنقل للعمل في الساقية العليا بعد أن تكبر، وتُذبح لاحقاً لتوزع على العاملين في البئر والجنود وساكني القلعة.