عزز الانقلابيون الحوثيون مواقعهم في العاصمة صنعاء منذ ليل أول من أمس السبت وأمس الأحد لمواجهة انتفاضة الرئيس السابق علي عبد الله صالح وحزبه وقواته، وانتشر العشرات من مسلحيهم مزودين بمختلف أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والدبابات والعربات المصفحة والأطقم التي تحمل الرشاشات والتي خرجت من مخابئ كانت جماعة الحوثي تحتفظ بها بصورة سرية في منازل ومبان حكومية سيطرت عليها منذ اقتحامها صنعاء في أيلول (سبتمبر) 2014. وتمكن الحوثيون من منع التواصل بين علي صالح وأنصاره، وقطعوا بث وسائل إعلام «المؤتمر الشعبي» ومواقعه على الشبكة العنكبوتية، ومواقع التواصل الاجتماعي، كما قصفوا ظهر أمس مبنى قناة «اليمن اليوم» بالدبابات، وأعقب القصفَ اقتحام مسلحي الحوثيين المبنى وقتلهم ثلاثة من حراسه واحتجازهم كامل طاقم القناة في الدور الأرضي، ما أفقد صالح وسيلة التواصل الإعلامي مع أنصاره ومع بقية فئات الشعب اليمني المؤيدة لانتفاضته ضد الحوثيين. وعلى رغم استمرار المواجهات الضارية بين الحوثيين وقوات صالح في الأحياء الجنوبية للعاصمة، إلا أن الحوثيين حققوا تقدماً وتمركزوا في بعض نقاط تلك الأحياء التي يفترض أنها تخضع لسيطرة صالح وقواته التي يقودها العميد طارق صالح (ابن شقيقه) وخصوصاً شارع الخمسين وأجزاء من شارع الستين، ومحيط ميدان التحرير وميدان السبعين، في حين لا تزال قوات «المؤتمر الشعبي العام» (حزب صالح) تسيطر على أهم المربعات في الحي السياسي وشارع الجزائر وبيت بوس حيث تقع منازل لصالح وأقاربه ولقيادات ومكاتب للحزب، بينها مبنى اللجنة الدائمة للحزب الذي تعرض خلال ساعات الليل وحتى صباح أمس لقصف مدفعي مكثف من قبل الحوثيين المتمركزين في جبل عطان وتباب الريان جنوب العاصمة إضافة إلى تبة النهدين، على رغم تعرضها لغارات عدة شنتها طائرات التحالف العربي خلال ساعات الليل. وفي تغريدة منسوبة إلى العميد طارق صالح قائد قوات «الحرس الخاص» وقوات حزب «المؤتمر» تداولها ناشطون في الحزب، أكد للشعب اليمني أن الوضع العسكري في العاصمة والمحافظات الأخرى لا يزال تحت سيطرة قواته وأنصار «المؤتمر» والرئيس السابق، غير أنه لفت إلى أن الحوثيين كانوا يحتفظون بتعزيزات من السلاح نهبوها من معسكرات الجيش وخبأوها لمحاربة الشعب اليمني، وبالتالي يتم تمشيطها والتعامل معها. وكانت منطقة جدر التابعة لبني الحارث شمال صنعاء شهدت اشتباكات ومواجهات عنيفة بين قبائل الشيخ ناجي جمعان شيخ قبيلة بني الحارث المؤيد لصالح وميليشيات الحوثيين، حيث سقط عشرات القتلى والجرحى من الميليشيات، في حين قتل نجل جمعان وأخوه في هذه المواجهات التي اشتدت ضراوتها ظهر أمس. إلى ذلك لا تزال قوات «المؤتمر الشعبي» تسجل تفوقاً على ميليشيات الحوثيين في محافظات عمران والمحويت وحجة والبيضاء وإب، وتحكم سيطرتها على الطرق الرئيسية المؤدية إلى صنعاء لمنع الحوثيين من إرسال تعزيزات إلى العاصمة، وقالت مصادر محلية متطابقة إن محافظة عمران ومنطقة خمر التابعة لها (شمال صنعاء) لا تزال تشهد المواجهات الأعنف، وأن الكفة في مصلحة قوات صالح و «المؤتمر الشعبي» المسنودة من رجال القبائل، بخاصة قبيلة حاشد. وفي هذا السياق أكدت مصادر قبلية في حاشد، أن العشرات من الحوثيين قتلوا وجرحوا في مواجهات مع رجال القبائل التي يقودها الشيخ مبخوت المشرقي في مديرية خمر، وقالت تلك المصادر إن نحو 18 مسلحاً حوثياً قتلوا في المواجهات العنيفة في الليلة الماضية، وإن ميليشيات الحوثي نقلت عشرات الجثث والجرحى باتجاه منطقة حوث التي تخضع لسيطرتها، وأضافت أن المعارك اشتدت بعد إقدام الميليشيات على تفجير منزل الشيخ المشرقي الذي يعتبر أحد زعماء قبيلة حاشد التي ينتمي إليها علي عبدالله صالح. وكان مسلحون قبليون ينتمون إلى حزب «المؤتمر» من قبائل منطقة الحيمة غرب صنعاء تمكنوا من الاستيلاء على عدد من الأطقم المسلحة كانت متجهة من محافظة الحديدة إلى صنعاء لدعم ميليشيات الحوثي، وأسروا العناصر الذين كانوا على تلك الأطقم. ونقلت قناة «العربية» عن نائب الرئيس اليمني علي محسن الأحمر، أن انتفاضة صنعاء هي ردّ فعل طبيعي على انتهاكات الحوثيين بدعم إيراني. وقال إن إيران تدعمهم بكل الوسائل. وأكد الأحمر أن الدولة تقف مع كل من يقوم بواجبه ضد الانقلابيين الحوثيين، مضيفاً: «ندعو الشرفاء في الأمن وكل قوى المجتمع إلى مواجهة الحوثيين». وشدد على أهمية توحيد الصف اليمني لمواجهة اعتداءات الحوثيين، مؤكداً أن المرجعيات الثلاث المعترف بها لا تزال هي أساس أي حل في اليمن. وقال نائب الرئيس اليمني إن الحوثيين يكرسون الاستبداد والفوارق الطبقية في المجتمع. من جهة أخرى نفت الإمارات أمس أن يكون الحوثيون أطلقوا صاروخاً من اليمن بلغ مجالها الجوي أو شكل تهديداً لمشروع مفاعل نووي سيفتتح العام المقبل. وجاء في بيان نشرته وكالة أنباء الإمارات (وام): «كذّبت الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات المزاعم التي رددتها أبواق الانقلابيين الحوثيين في اليمن في شأن إطلاقها صاروخاً اليوم تجاه المجال الجوي لدولة الإمارات العربية المتحدة». وشددت الهيئة على أن الإمارات «تمتلك منظومة دفاع جوي قادرة على التعامل مع أي تهديد من أي نوع». وأكدت أن «مشروع مفاعل براكة محصن ومنيع تجاه كل الاحتمالات» ويتمتع «بكل إجراءات الأمن والسلامة والأمان النووي التي تتطلبها مثل هذه المشروعات الوطنية العملاقة».