اعتبر مستشار فريق الاستراتيجية بمدينة الملك عبدالله للطاقة البديلة والمتجددة الدكتور إبراهيم بابللي، أن المملكة تحتاج إلى عشر سنوات لتجني ثمار بناء أول محطة كهرباء تعمل بالطاقة الذرية. وأوضح كابللي في ورقة عمل حول «منهجية العمل على اقتراح منظومة الطاقة الذرية والمتجددة للمملكة العربية السعودية» قدمها أمس، في مؤتمر تحلية المياه في البلدان العربية، الذي اختتم أعماله في الرياض، «أن المملكة ستسفيد من بناء أول محطة بالطاقة الذرية للاستخدامات السلمية خلال نهاية هذا العقد إذا ما شرعنا في بنائها الآن». وأعرب عن اعتقاده بأن «النهج الأكثر مناسبة للمملكة في مجال الطاقة البديلة والمتجددة هو مزيج من الطاقة التقليدية والذرية والمتجددة والمبنية على تدابير ترشيد الطاقة، محذراًَ من أن المملكة إذا اعتمدت على الوقود الاحفوري ستواجه انخفاضاً تدريجياً في قدرتها على تصدير النفط، ما سيكون له تأثير واضح على الاقتصاد وسوق الطاقة العالمية. وتوقع بابللي وصول الطلب على الكهرباء في السعودية إلى 120 غيغا واط وقت الذروة بحلول العام 2032، على أساس معدل النمو السنوي يبلغ 5 في المئة، ما يعني أنه من الضروري، توفير أكثر من 80 غيغاو اط من القدرة الإضافية. وحدد أربعة سيناريوهات محتملة لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة في المملكة، وقال: «لتلبية الطلب على الطاقة نحن أمام خيارات قصر السعة المركبة الجديدة على النفط والغاز أو عدم إضافة أية سعة من الوقود الأحفوري، والاكتفاء بالطاقة المتجددة فقط أو عدم إضافة أية سعة من الوقود الأحفوري، والاكتفاء بالطاقة الذرية فقط، أو مزيج من الوقود الأحفوري والطاقة المتجددة والطاقة الذرية». ورأى أن سيناريو استخدام الوقود الاحفوري يواجه تحديات عدة، لأنه يتم استخدامه لتوليد الكهرباء، وكلما زادت الحاجة لتوليد المزيد من الكهرباء سيتم استخدام المزيد من النفط والغاز، ونظراً لأن الغاز يتم استهلاكه بالكامل محلياً، فإن النفط ومشتقاته توفر فرصاً كبيرة في التصدير إذا تجنبنا استخدامها في إنتاج الطاقة». وأضاف: «كما أنه مع تقدم عمر حقول النفط تزيد كلفة الإنتاج منها، ما يعني أننا كلما أسرعنا في استخدام مصادر الطاقة البديلة، رفعنا من الجدوى الاقتصادية للنفط الذي يتم توفيره لارتفاع سعر بيعه وانخفاض كلفة إنتاجه، إضافة إلى أن الزيادة المطردة في إنتاج الكهرباء من الوقود الأحفوري بسبب النمو الحالي في عدد السكان والنمو الاقتصادي والصناعي، سيقلص تدريجياً من قدرة المملكة العربية السعودية على تصدير النفط، ما سيكون له تأثير واضح في الاقتصاد وسوق الطاقة العالمي». وتابع: «النهج الأكثر مناسبة للمملكة هو مزيج من الطاقة التقليدية والذرية والمتجددة والمبنية على تدابير ترشيد الطاقة». وأشار الى أنه ينبغي لأي منظومة مقترحة للطاقة التي تعتمد الطاقة التقليدية والذرية والمتجددة تلبية مجموعة من المعايير، تشمل أن تكون مجدية اقتصادية، مثل أن العائدات من بيع النفط الذي سيتم توفيره تغطي كلفة إدخال منظومة الطاقة البديلة، وأن يكون ذلك ممكناً من الناحية التقنية مثل استخدام التقنيات الناضجة، وإدخال تحسينات أساسية مثل رفع كفاءة إنتاج الطاقة واستهلاكها لتصل تدريجياً إلى المعايير الدولية، كما يجب أن يقدم بديلاً أفضل عن الوضع الحالي، على المدى الطويل وكذلك على المدى القريب مثل خفض انبعاثات الكربون، ويجب أن تكون مستدامة استدامة بيئية واجتماعية واقتصادية». وأكد بابللي أهمية مراعاة الحاجات الأساسية للتنفيذ الناجح، وهي توافر القرارات المناسبة وفي الوقت المناسب، وتوافر آليات التمويل مناسبة، ومستقرة على المدى الطويل، وتوافر رأس المال البشري المؤهل، والبيئة الاقتصادية المواتية لضمان نجاح المشاريع الكبيرة الرأسمالية، ونضج التقنية المستهدفة، والتكامل مع سوق الطاقة العالمية. ودعا المشاركون في مؤتمر تحلية المياه في البلدان العربية، الذي اختتم فعالياته أمس في الرياض، الى تشجيع استخدام مصادر الطاقة المتجددة في مجال تحلية المياه والإنتاج المزدوج وتوفير الدعم اللازم للدراسات المتعلقة بها، ورسم استراتيجيات تضع منظومة متكاملة الطاقة في المنطقة. وطالبوا بإجراء المزيد من الأبحاث والدراسات حول تطوير تصميم محطات التحلية الحرارية التقليدية لخفض التكاليف مع التركيز على الاستفادة من الخبرات المكتسبة من الأداء الفعلي للمواد المستخدمة، وتعديل وتطوير المواصفات الفنية اعتماداً على تلك الخبرات، وضرورة مراعات المعايير والاشتراطات البيئية عند تحديد نوعية الوقود المستخدم في محطات التحلية، وشددوا على ضرورة استمرار الدراسة والبحث في استخدام نظم التحلية بالأغشية المشتركة التي تجمع المعالجة الأولية بالأغشية الدقيقة والأغشية العالية الدقة (النانو). وأكد المشاركون أهمية مشاركة القطاع الخاص في صناعة تحلية المياه بالدول العربية، مشيدين ببرنامج خصخصة المؤسسة العامة للتحلية في المملكة العربية السعودية، وحثوا على الاستفادة من الأبحاث التي تجري حالياً في جميع الجهات العلمية بالمنطقة، وذلك عن طريق نشر النتائج ومشاركة الباحثين من الجهات الأخرى فيها، وتشجيع مواصلة عقد اجتماعات توحيد الجهود البحثية في السعودية التي يديرها معهد أبحاث التحلية، والاستمرار في عقد جلسات نقاش مهني للمشاركة في تبادل الخبرات بين المستخدمين والمصنعين لمختلف الأنظمة المساندة في عمليات التحلية. وشددت التوصيات على ضرورة تبني نتائج الأبحاث في التقنيات الجديدة في مجال تحلية المياه من خلال قيام شراكات مع القطاع الخاص لتحويل النتائج إلى فرص تجارية، ودعوة الهيئات المعنية بالتحلية للمبادرة بتطبيق التقنيات الجديدة مع التركيز على الاستفادة من الموارد المحلية في تصنيع وحدات التحلية.