نيويورك - أ ف ب - ينذر التحذير الذي وجهته وكالة «ستاندرد آند بورز» للتصنيف الائتماني الى الولاياتالمتحدة بتغييرات جذرية في الاقتصاد العالمي، اذ طرحت للمرة الاولى بجدية إمكان أن تخسر البلاد علامتها كأفضل مقترض في العالم. وكانت الوكالة خفضت توقعاتها لتصنيف دين الولاياتالمتحدة من «ثابت» الى «سلبي»، معتبرة ان «ثمّة احتمالاً واحداً من أصل ثلاثة بأن تخسر الدولة الفيدرالية علامتها القصوى «AAA»، خلال السنتين المقبلتين. وتعني هذه العلامة «ثقة مطلقة في اسواق القروض»، وفي وسع الدول والشركات التي تحصل عليها الاقتراض بمعدلات فائدة ممتازة، خلافاً لسواها. وأثار إعلان وكالة التصنيف ذهولاً، خصوصاً في الأسواق المالية، بعدما كانت مسالة خفض علامة الولاياتالمتحدة امراً لا يخطر في بال أحد. وحذّر الخبير الاقتصادي في شركة «ميزوهو سيكيوريتيز» ستيفن ريكيوتو بأن «احتمال خفض الوكالة تصنيف البلاد لن يبقى بنسبة واحد من ثلاثة اذا لم يتم القيام بشيء خلال سنتين، ولم نجمع 2500 بليون دولار من الديون الاضافية»، ملمحاً إلى القوى السياسية في واشنطن التي تخوض صراعاً محتدماً حول سبل خفض العجز الهائل في الموازنة الاميركية. وتابع ريكيوتو ان «ذلك سيضر الى حد بعيد بوضع الدولار كعملة احتياط»، مشيراً الى ان الدولار قد لا يستمر العملة المرجعية العالمية. وتجني الولاياتالمتحدة 40 الى 70 بليون دولار سنوياً من وضع الدولار هذا، الذي يندد به البعض لاعتباره «امتيازاً باهظ الثمن»، وفقاً لدراسة أجرتاها شركة «ماكينزي» الاستشارية عام 2009. وتجتذب الاصول الاميركية المستثمرين الاجانب لانها تصدر بعملة ثابتة ومطلوبة من الجميع. ونتيجة هذا الطلب القوي على الدولار، تقدم تسهيلات في منح قروض، سواء للحكومة الاميركية او للشركات، وحتى الأسر. وبالنسبة إلى الاسر، سيؤدي حفض العلامة الى ارتفاع معدلات الفائدة على الديون لقاء الحصول على رهن، ما سيزيد من حدّة الازمة في سوق عقارية أميركية تعاني من انكماش، وفقاً للخبيرة في مصرف «ناتيكسيس»، لينا موفتيفا، التي رأت ان الشركات «ستشهد زيادة في كلفة التمويل، ما سينعكس على استثماراتها المنتجة». وقد تتبدل علاقة الولاياتالمتحدة مع دائنيها الكبار، كالصين واليابان واوروبا. وخسارة العلامة «AAA» قد تزيد من صعوبة خفض العجز في الموازنة الاميركية، لأنها تهدد بزيادة كبيرة في معدلات الفائدة على قروض الدولة، وهو ما أثبتته الأزمتان في إرلندا والبرتغال. ويأمل البعض بأن يحض تحذير «ستاندرد آند بورز» ادارة الرئيس الاميركي باراك اوباما والمعارضة الجمهورية على التوصل الى توافق حول سبل خفض العجز في الموازنة. وقال الخبير الاقتصادي في مصرف «دويتشه بنك» الان راسكين: «هذا تحذير جدّي للسياسيين من الطرفين، ويبرز ضرورة التوافق قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة»، غير ان هذا الاستحقاق الانتخابي قد يدفع الديموقراطيين والجمهوريين الى التمسك بمواقفهم. واوضح ديفيد ريسلر وايشي اميميا من مصرف «نومورا» ان «كلاً من طرفي الخلاف قد يستخدم هذا التحذير لتبرير نهجه المختلف الى حد بعيد عن نهج الطرف الآخر».